الخميس، 01 يونيو 2023

المراجعات الفقهية .. والسياسات السلطانية ..!!


دائماً وأبداً وفي كل زمان ومكان هناك محاولات مستمرة ، من السلاطين والحكام لإستغلال الدين إستغلالاً سياسياً وسلطوياً سلبياً ، بما يتلائم مع سياساتهم ومصالحهم ، وبما يتوافق مع تحقيق أهدافهم وغاياتهم الدنيوية ، وذلك عن طريق محدثي وفقهاء السلطة ، الذين يقومون بتأويل وتفسير وتحوير تشريعات وأحكام الدين ، بما يلبي الرغبات والنزوات السياسية والسلطانية ، وبهذا الشكل يتم تفريغ الدين من أهدافه السامية وغاياته الحقيقية ، ويصبح مجرد أداة سياسية في يد الحكام والسلاطين ، وسوطاً للقمع والبطش والطغيان ، فتفسير وتأويل التشريعات الدينية بشكل خاطئ ، قد يجعل من الدين أداةً للقتل ، أو أداةً للإرهاب ، أو أداة لقمع الحقوق والحريات ، أو أداة لممارسة المزيد من الظلم والإستبداد ، أو أداةً لتبرير إخفاقات وفشل السلطة ، أو أداة لنشر ثقافة الكراهية والعداء للأخر الديني أو الملي أو المذهبي ، وهكذا ..!! 
 
لذلك من الخطأ تقديس وتعظيم تفسيرات وتأويلات وكلام الفقهاء والمحدثين ، فلا قداسة ولا عصمة للبشر أياً كانوا حكام أو فقهاء ، كون تركيبتهم الخلقية عبارة عن خليط من الغرائز والشهوات والنزوات والأهواء ، وقدرانهم العقلية المحدودة بحدود الزمان والمكان ، والتي يكون لها دور كبير في التأثير السلبي على أقوالهم وأفكارهم واجتهاداتهم وأفعالهم ، ولذلك لا غرابة أن نشاهد مثل تلك الدعوات الصادرة عن البعض منهم ، التي تدعوا إلى التطرف والتشدد والإرهاب ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد وتقدس الحكام والفقهاء ، أو مثل تلك الدعوات التي  تحث على نشر ثقافة الكراهية بين البشر ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد الدعوات العنصرية والسلالية ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد وتقدس الكثير من الخرافات والأساطير ، رغم أن كل تلك الدعوات تتناقض تماماً مع التشريعات والأحكام الدينية الإسلامية ، وتتناقض مع العقل والمنطق والحكمة ..!! 
 
وما تلك المراجعات الفقهية والفكرية للبعض من الفقهاء والمحدثين وخصوصاً في السعودية ، والتي يقرون فيها بخطأ أفكارهم السابقة المتعلقة بالتشدد والتطرف والغلو والعنف والكراهية والحقوق والحريات الإنسانية ، والتي تأتي تماشياً مع النهج السياسي الجديد الذي تتبناه السلطة السعودية ، والذي تحاول من خلاله إبعاد نفسها عن دائرة التطرف والتشدد ، إلا دليل واضح على ان لا قدسية لإجتهادات وأفكار وتفسيرات البشر ، كما أن هكذا مراجعات تتطلب من كل مسلم إعادة تقييم كل ثقافته وأفكاره الدينية المستقاة من الفكر الديني البشري ، وتتطلب من كل مسلم محب لهذا الدين إجراء مراجعات لكل الأفكار والدعوات التي تحث على التشدد والتطرف والغلو والارهاب والكراهية ، لأن الاسلام لم يكن يوماً ديناً للإرهاب ولا للتطرف ولا للتشدد ولا للكراهية ، بل إنه دين الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش السلمي والجدال والحوار مع الآخر الديني والملي والمذهبي بالتي هي أحسن قال تعالى (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) ..!!



الخبر السابق جبايات باهظة وإيرادات ضئيلة وخدمات متردية
الخبر التالي الحوثي مشروع دمار وأداة هدم فتاكة

مقالات ذات صلة