المراجعات الفقهية .. والسياسات السلطانية ..!!

09:21 2023/05/25

دائماً وأبداً وفي كل زمان ومكان هناك محاولات مستمرة ، من السلاطين والحكام لإستغلال الدين إستغلالاً سياسياً وسلطوياً سلبياً ، بما يتلائم مع سياساتهم ومصالحهم ، وبما يتوافق مع تحقيق أهدافهم وغاياتهم الدنيوية ، وذلك عن طريق محدثي وفقهاء السلطة ، الذين يقومون بتأويل وتفسير وتحوير تشريعات وأحكام الدين ، بما يلبي الرغبات والنزوات السياسية والسلطانية ، وبهذا الشكل يتم تفريغ الدين من أهدافه السامية وغاياته الحقيقية ، ويصبح مجرد أداة سياسية في يد الحكام والسلاطين ، وسوطاً للقمع والبطش والطغيان ، فتفسير وتأويل التشريعات الدينية بشكل خاطئ ، قد يجعل من الدين أداةً للقتل ، أو أداةً للإرهاب ، أو أداة لقمع الحقوق والحريات ، أو أداة لممارسة المزيد من الظلم والإستبداد ، أو أداةً لتبرير إخفاقات وفشل السلطة ، أو أداة لنشر ثقافة الكراهية والعداء للأخر الديني أو الملي أو المذهبي ، وهكذا ..!! 
 
لذلك من الخطأ تقديس وتعظيم تفسيرات وتأويلات وكلام الفقهاء والمحدثين ، فلا قداسة ولا عصمة للبشر أياً كانوا حكام أو فقهاء ، كون تركيبتهم الخلقية عبارة عن خليط من الغرائز والشهوات والنزوات والأهواء ، وقدرانهم العقلية المحدودة بحدود الزمان والمكان ، والتي يكون لها دور كبير في التأثير السلبي على أقوالهم وأفكارهم واجتهاداتهم وأفعالهم ، ولذلك لا غرابة أن نشاهد مثل تلك الدعوات الصادرة عن البعض منهم ، التي تدعوا إلى التطرف والتشدد والإرهاب ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد وتقدس الحكام والفقهاء ، أو مثل تلك الدعوات التي  تحث على نشر ثقافة الكراهية بين البشر ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد الدعوات العنصرية والسلالية ، أو مثل تلك الدعوات التي تمجد وتقدس الكثير من الخرافات والأساطير ، رغم أن كل تلك الدعوات تتناقض تماماً مع التشريعات والأحكام الدينية الإسلامية ، وتتناقض مع العقل والمنطق والحكمة ..!! 
 
وما تلك المراجعات الفقهية والفكرية للبعض من الفقهاء والمحدثين وخصوصاً في السعودية ، والتي يقرون فيها بخطأ أفكارهم السابقة المتعلقة بالتشدد والتطرف والغلو والعنف والكراهية والحقوق والحريات الإنسانية ، والتي تأتي تماشياً مع النهج السياسي الجديد الذي تتبناه السلطة السعودية ، والذي تحاول من خلاله إبعاد نفسها عن دائرة التطرف والتشدد ، إلا دليل واضح على ان لا قدسية لإجتهادات وأفكار وتفسيرات البشر ، كما أن هكذا مراجعات تتطلب من كل مسلم إعادة تقييم كل ثقافته وأفكاره الدينية المستقاة من الفكر الديني البشري ، وتتطلب من كل مسلم محب لهذا الدين إجراء مراجعات لكل الأفكار والدعوات التي تحث على التشدد والتطرف والغلو والارهاب والكراهية ، لأن الاسلام لم يكن يوماً ديناً للإرهاب ولا للتطرف ولا للتشدد ولا للكراهية ، بل إنه دين الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش السلمي والجدال والحوار مع الآخر الديني والملي والمذهبي بالتي هي أحسن قال تعالى (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) ..!!