دائرة الإنتقام .. دوامة من العنف اللامنتهي ..!!

04:37 2023/04/19

بدايةً .... 
دائرة الانتقام والعنف ، كانت وما تزال وستظل ، دائرة مظلمة ومغلقة ، من وقع فيها هلك وسقط ، سواء كان شخص ، أو حزب ، أو جماعة ، أو نظام سياسي ، لأن الإنتقام يقود إلى الإنتقام المضاد ، والعنف يقود إلى العنف المضاد ، فلكل فعل رد فعل ، وليس من مصلحة أياً كان سواء فرداً أو جماعةً أو نظاماً سياسياً ، السقوط في دائرة الانتقام والعنف ، لأن هذه الدائرة عبارة عن دوامة مرعبة ، تدمر كل ما يدخل في نطاقها ، وتسحق كل من يقع فيها ، بلا رحمة ولا شفقة . والباحث في كتب التاريخ ، وفي أخبار الأمم والشعوب والحضارات ، يمكنه أن يصل إلى حقيقة تاريخية ، تتمثل في أن الدول والأنظمة والمجتمعات ، التي أنخرطت في نطاق دائرة الإنتقام والعنف ، قد دفعت الثمن الباهض والمؤلم لذلك ، وعجلت من سقوطها وإنهيارها ..!! 
 
لأن ..... 
دائرة الإنتقام والعنف تقود من يقع فيها ، إلى ممارسة الظلم والقسوة والبطش والتنكيل ، وتفتح شهية المنتقم ليعيث في الأرض فساداً وخراباً ودماراً وتفجيراً ، وتبرر له أبشع الجرائم التي يرتكيها ، ويتحول المنتقم من مظلوم ومعتدى عليه في فترة سابقة ، إلى ظالم غشوم ، ومعتدي ، وسفاح ، في فترة لاحقة ، وهكذا يظل المنتقم يدور في حلقة مفرغة ، فتارةً يكون مظلوم ، وتارةً أخرى يكون ظالم وهكذا ، وهو في كل فترة يدفع الثمن الباهض . كما أن دائرة الإنتقام والعنف ، تعتبر العدو الأول للأنظمة والقوانين والشرائع ، ففي ظلها تتعطل كل القوانين والشرائع ، ويكون المنتقم هو النظام ، وهو القانون ، وهو الشرع ، فيسرف في القتل ، ويسرف في الظلم ، ويسرف في الفساد ، متجاوزاً لكل القوانين والشرائع ، وليس هناك ما هو أسوأ من تعطيل القضاء والعدالة ، لأن الحياة الإنسانية بدون القضاء والعدالة والشرع ، تتحول إلى غابة موحشة ويتحول فيها البشر إلى وحوش مفترسة بلا رحمة وبلا ضمير ..!! 
 
لذلك ..... 
نجد أن الشرائع السماوية ، والقوانين الآرضية ، تدعوا إلى الإحتكام للقوانين والأنظمة ، وتدعوا إلى الالتزام بالقضاء في كل الظروف والأحوال ، بل إن الدين الإسلامي لم يكتفي بذلك ، فهو يدعوا إلى التسامح والصفح الجميل ، وإلى الدفع بالتي هي أحسن ، فالإسلام كما وصفه رسولنا عليه الصلاة والسلام ، هو بالتحلي وليس بالتمني ، ما معناه أن الإسلام بالممارسة والتطبيق على أرض الواقع ، والالتزام بأحكامه وتشريعاته في كل الظروف والأحوال ، وليس بالشعارات ، والهتافات ، والألفاظ ، والعبارات ، ويتجسد هذا التوصيف النبوي ، في ضبط النفس من الوقوع في دائرة الانتقام والعنف ، من خلال الإلتزام بالشرع والقضاء ، وتحقيق العدالة مع جميع الناس ..!! 
 
والشاهد من ذلك ...... 
كم هو جميل ورائع عندما يتمكن سواء الفرد أو الحزب أو المجتمع ، من النأي بالنفس من الانخراط في دائرة الانتقام ، في التعامل مع الخصوم ، من خلال الإحتكام إلى الشرع والدستور ، وإحترام النظام والقانون ، والإلتزام بالقضاء والعدالة ، في كل الظروف والأحوال ، ومع جميع الناس ، ( حزب المؤتمر الشعبي العام إنموذجاً ) .. فالقضاء العادل ، هو الكفيل بتحقيق العدالة ، وهو الكفيل بمعاقبة كل من إعتدى ، وتجاوز ، وظلم ، وأفسد ، وهو الكفيل بإعادة الحقوق إلى أهلها ، وهو وحده الكفيل بإعادة الأمور إلى نصابها ، بعيداً عن الإنخراط في دائرة الإنتقام ، والعنف ، والظلم ، والفساد في الأرض ، وهكذا سلوك غير انتقامي في التعامل مع الآخر كفيل بإبعاد الفرد او الحزب أو النظام ، عن الإنخراط في دائرة الانتقام والعنف ، تلك الدائرة المهلكة ، التي إنخرط فيها الكثير من الأفراد والأحزاب والجماعات والأنظمة ، بمجرد حصولهم على القوة والسلطة ، لأن دائرة الإنتقام تقود إلى الظلم ، وإلى الفساد في الأرض ، وإلى صناعة ناقمين وحاقدين ينتظرون الفرصة المناسبة للانتقام والبطش والتنكيل ، ليظل كل من إنخرط فيها هدفاً لدورة الانتقام المنجددة ، فدوامة الانتقام في حركة مستمرة لا تتوقف ..!!