في ذكري أبشع وأقبح جريمة عرفتها البشرية..؟!

08:03 2022/06/03

تمر اليوم الذكرى الحادية عشرة لجريمة دار الرئاسة. تلك الجريمة التي ارتكبها رعاة وممولو الساحات الذين أعلنوا تمردهم على الدولة والشرعية، ليُدخلوا اليمن بأرضها وإنسانها في نفق مظلم لم تر النور بعده، تلك الجريمة التي تعد وفق كل المعايير أبشع وأقبح جريمة إرهابية منظمة هدفت إلى تصفية رموز الدولة والنظام السياسي الوطني بطريقة يعجز الشيطان نفسه في الإتيان بها أو التفكير بارتكابها، جريمة تجاوزت كل جرائم الإرهاب العابر والمنظم، ولم يسبق أن جاء بمثلها أو حاول ارتكابها حتى عتاولة الإرهابيين الدوليين عبر التاريخ، فكانت جريمة غير مسبوقة سجلت براءة اختراع لـ"الإخوان المسلمين" الذين قدموا أنفسهم كدعاة للديمقراطية والتغيير والباحثين عن العدالة والحرية. في ذكراها الحادية عشرة يفترض بنا التوقف أمام تلك الجريمة والتعرف على الكثير من تفاصيلها و" مجرميها" ومخططيها ومنفذيها والقوة الخفية التي باركتها، بمعزل عن كل ما قيل ويقال عن تلك الجريمة ومن يحاول تسويقها واعتبارها جريمة رد فعل وحصيلة خلافات سياسية بين نظام حاكم وأحزاب معارضة أخفقت في تسويق نفسها شعبيا وكسب ثقة المواطن عبر الخيار الديمقراطي، فلجأت إلى تسويق نفسها خارجيا مستغلة العلاقات المتباينة بين النظام وبعض المحاور الخارجية الإقليمية منها والدولية، فراحت تسوق نفسها وترهن مواقفها لتلك المحاور؛ على أمل أن تحقق بالارتهان ما عجزت عن تحقيقه عبر الوسائل الديمقراطية والطرق الشرعية. ويا ليت إنها حققت ما كانت تصبو إليه، بل ذهبت بعيدا في سياسية الارتهان والعمالة وخيانة الوطن والشعب، قبل خيانة النظام والشرعية الدستورية؛ فكانت الحصيلة البشعة ما تعيشه البلاد اليوم، والذي لم يكن سوى حصيلة طبيعية لتلك الجريمة البشعة التي كانت بداية عسكرة الأزمة والصراع وتمزيق النسيج الاجتماعي الوطني والجغرافية الوطنية. إن من الصعوبة بمكان نسيان أو تجاهل تلك الجريمة التي شهدها مسجد دار الرئاسة، ومن المستحيل نسيان أو تجاهل " مجرميها" ومن فكر فيها وخطط لها ونفذها. وهي جريمة مركبة بكونها استهدفت رموز النظام السيادي ورجال الدولة أجمعين، ناهيكم أنها ارتكبت داخل بيت الله، ومن قِبَل من قدموا أنفسهم للشعب والوطن والعالم باعتبارهم القوى المتحضرة ودعاة التغيير السلمي وطلاب الدولة المدنية ومناهضي ثقافة "الفساد"، الذين جاءت جريمتهم البشعة وغير المسبوقة لتفضحهم وتفضح كل شعاراتهم وثقافتهم وتكشف هويتهم الإجرامية وتسقط الأقنعة عن وجوههم القبيحة. إن تذكر تلك الجريمة وبشاعتها وقبحها، وبشاعة وقبح من يقف خلفها، فعل بحد ذاته يصيب المر بالقشعريرة من هول الجريمة والعقول الشيطانية التي تجاوزت كيد كل الشياطين بفعلتها تلك. والمصيبة أو الكارثة أن نجد من رقص وطبل واحتفل ابتهاجا بحدوث الجريمة وقبل دقائق من حدوثها. حدث هذا فيما كانوا يؤدون صلاة الجمعة في ساحة شارع الستين بالعاصمة صنعاء وعبر خطيب الجمعة الذي بشرهم بـ"الخلاص"! حقا لا أعرف الطريقة التي يفكر بها أمثال هؤلاء القتلة، مع أن ما شهدته البلاد لاحقا وحتى اليوم يوضح لنا ولكل متابع للشأن اليمني حقيقة هؤلاء القتلة المجبولين على كل طينات الحقد والكراهية والشعور اللا إنساني الذي يتمتعون به، والذي دفعهم لقتل شعب بأكمله والحكم على من ينجو من الموت بالقهر والجوع والخوف وحياة الرعب، فيما هم لا يزالون وبدون خجل يتحدثون عن "ثورة تغيير سلمية" ويحتفلون سنويا بذكرى نكبتهم، غير آبهين بجريمتهم والكوارث التي تسببوا بها وجعلوا ثلاثين مليون يمني يدفع ثمن جرائمهم التي يعملون جاهدين على تجاهلها والتنكر لها، وكأنها ماض زال وتجاوزته الأحداث. وهذا لعمري سلوك سفسطائي وعبثي. فكل من يتوهم أن الذاكرة الجمعية الوطنية قد تنسى هذه الجريمة البشعة وتنسى "مجرميها" ومن تسبب بها فهو واهم. مهما تراكمت الأحداث والقضايا، ستظل هذه الجريمة محفورة في الذاكرة الوطنية كواحدة من أبشع وأقبح الجرائم التي عرفها العصر الحديث. إن جريمة مسجد دار الرئاسة تعد جريمة فيها من البشاعة والقبح والإجرام ما يتجاوز كل الجرائم السابقة والجرائم التي قد تحدث بعدها. فهي جريمة غير مسبوقة، وبالتالي يفترض الكشف والتحقيق الكامل والشامل ومعرفة كل تفاصيلها من حيث من فكر ومن خطط ومن مول ومن نفذ ومن يقف خلف كل هؤلاء الذين يعتبرون مجتمعين بمثابة أركان الجريمة ومجرميها، وحدوث كل هذه الإجراءات حق وطني وقانوني ودستوري للشعب اليمني الذي من حقه أن يعرف كل تفاصيل الجريمة التي يفترض تجريد كل المتورطين بها من كل أنشطة لهم وعلى مختلف المستويات والمجالات؛ لأنه لا أمان لأمثالهم ولا ثقة يمكن أن تمنح لهم من قبل الشعب اليمني. يعرف الجميع من أبناء شعبنا أن هذه الجريمة هي حصيلة ومنجز من منجزات "شباب الساحات" ونتاج لثقافة الحقد والكراهية والتحريض التي تم تسويقها في الساحات، وتغذية التجمعات الشبابية بكل هذه الثقافة ومن قبل أشخاص ورموز معروفة عند جميع أبناء شعبنا؛ لكن يبقى كشف كل مستور في هذه الجريمة حقا وطنيا، بغض النظر عن الضحايا الذين سقطوا والجرحى فإن الكشف عن تفاصيل الجريمة يعد حقا دستوريا وقانونيا ووطنيا، ولابد من الوصول لهذا الحق والكشف عن المجرمين حتى لا تصبح مثل هذه الجرائم من الأفعال التي يمكن حدوثها ومن السهل ارتكابها من قبل أي مجرم يتخذ من النشاط السياسي الوطني مظلة للتغطية على هويته الحقيقية وهي الإجرام بكل بشاعته. تحية إجلال وإكبار وتقدير لشهداء مذبحة وجريمة مسجد دار الرئاسة، والرحمة والخلود لهم في ذكراها الحادية عشرة، واللعنة على كل من تسبب بها ورقص فرحا بحدوثها، والأمل من كل من نجا منها متابعة المجرمين والكشف عن المخططين والممولين لها والمباركين قبل المنفذين وبكل شفافية ووضوح. وهذا سيبقى أملنا من كل شرفاء الوطن الحريصين على تكريس قيم الأمن والاستقرار لليمن الأرض والإنسان.