الآثار المترتبة على هجمات المليشيات الحوثية في البحر الأحمر
بعد مرور ما يقارب شهرين على العدوان الصهيوني على غزة وصلت القضية الفلسطينية إلى ذروتها، وكانت محل جذب وانتباه أنظار العالم والشغل الشاغل للقيادات والحكومات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، والموضوع الهام والخصب لوسائل الإعلام العربية والعالمية والقضية المركزية للشعوب الحرة.
حينها اشتدت الإحتجاجات وزادت الضغوطات الشعبية العالمية، وبدأت عملية التغيير في مواقف العديد من الحكومات الغربية، وبدأت مرحلة السقوط للحكومة الصهيونية، فجاءت هجمات المليشيات الحوثية في البحر الأحمر في الثلاثين من نوفمبر الماضي بهدف نصرة غزة كما تزعم قياداتها الحوثية والايرانية.
فيا تُرى ماذا قدمت هذه الهجمات لغزة ولنصرة القضية الفلسطينية ؟
بالتأكد الجميع متفق على أن هذه الهجمات أوقفت مرور السفن الصهيونية المتجهة إلى ميناء ايلات التابع للإحتلال الصهيوني، ولكن هذا المنع والتوقيف لم يؤثر على الكيان الصهيوني بالشكل المطلوب والفعال، وإنما كان تأثيره بسيطًا ومحدودًا. فسلطة الإحتلال تمتلك العديد من الموانئ الأخرى مثل ميناء أشدود، وميناء حيفا، ومينا عكا ومينا يافا، وهي موانئ أساسية وقريبة من دول الغرب التي تمدها بالوقود والسلاح والمعدات والاحتياجات العامة.
وفي مقابل هذا التأثير البسيط الذي أثر على حكومة الكيان الصهيوني بشكلٍ ناعم وسطحي، كان للهجمات الحوثية العديد من النتائج العكسية والأضرار الكارثية التى أضرت باليمن وشعبها وبالقضية الفلسطينية وأبنائها وبالدول العربية ومصالحها.
فقد حجبت هذه الهجمات أنظار العالم ووسائل الإعلام العالمية عن العدوان والحصار الصهيوني لقطاع غزة وجرائمة ومجازره الإرهابية بحق اخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وجذبت انتباه وأنظار العالم ووسائل الإعلام العالمية إلي معارك البحر الأحمر الثانوية وتوتراتها وأحداثها العبثية.
أدت هذه الهجمات إلى عسكرة البحر الأحمر وجلب الاساطيل والغواصات والمدمرات الأمريكية والغربية والإيرانية إلي قلب البحر الأحمر، وهو ما يمثل تهديداً لليمن والجوار العربي والإقليمي.
عًرّضت الوطن المنهك سياسياً وعسكرباً واقتصادياً للمخاطر، وأدخلته في حرب عبثية أخرى أكبر من حجمه وفوق مستواه. كما أدت إلى تهرّب المليشيات الحوثية من إستحقاقات مساعي السلام.
أثرت على حركة الملاحة العالمية بشكل عام وعلى إقتصاد جمهورية مصر العربية الشقيقه بشكلٍ خاص، كونها حوّلت الملاحة التجاربة بعيداً عن قناة السويس، مما أدى إلى إنخفاض عائداتها من القناة بنسبة 40%.
والخلاصة، أن هذه الهجمات التى زعزعت الأمن والإستقرار في البحر الأحمر والمنطقة لم تسقط حتى زجاج نافذة واحده في إيلات أو في تل أبيب، وإنما أضرت بأمن واستقرار واقتصاد اليمن والدول العربية المجاورة، واستفادت منها إيران والدول الاستعمارية الغربية التى تمركزت في البحر الأحمر، وخدمت الكيان الصهيوني الذي استغل انشغال العالم بهجمات وأحداث البحر الأحمر، وتفرغ لقتل وتعذيب وتشريد الشعب الفلسطيني وتدمير ما تبقى من المدن الفلسطينية.