أعوان السلاطين والطغاة .. أدوات الظلم والشر والطغيان ..!!
السلاطين والحكام والمتنفذين والطغاة في كل المجتمعات البشرية ، لم يأتوا من فراغ ولم يولدوا وتيجان الحكم والسلطة فوق رؤوسهم ، بل إن هناك من أفراد المجتمعات من صنعهم ودعمهم وعاونهم وناصرهم وساندهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه ، ولم يسجل التاريخ البشري بأن هناك مملكة أو سلطة قد قامت وتأسست بدون أعوان سخروا أنفسهم في خدمتها ورعايتها حتى اشتد عودها وقويت شوكتها ، وبسطت نفوذها ، وأعوان السلاطين لم يأتوا من الفضاء الخارجي ، بل إنهم من بين عامة أفراد المجتمعات ، غير أنهم يتميزون بخصائص معينة ، من أهمها إمتلاك نفسية العبيد الذين لا تطيب لهم الحياة إلا بالعيش تحت ظلال قائد أو حاكم أو سلطان يسوس أمورهم ، ويتحكم في تصرفاتهم ، يعشقون الخضوع ويتنفسون الخنوع ، ويقدمون أنفسهم قرابين في خدمة أسيادهم والدفاع عن ممالكهم وعروشهم وسلطانهم ، يضربون بهم كل من يعارضهم ، ويقمعون بهم كل من يخالفهم ، ويحاربون بهم كل من ينافسهم ، ويسومون بهم أفراد الشعب سوء المعاملة ، ويظنون أنهم بذلك قد حصدوا مراتب الشرف ، فخدمة السلطان والدفاع عن سلطانه غاية أمانيهم ، والتحكم في عامة الناس وممارسة القمع والاستبداد ضدهم بإسم السلطان منتهى رغبتهم ..!!
كما أنهم يتميزون بالغباء المفرط والجهل المطبق ، عقولهم فارغة من العلم والمعرفة ، وقلوبهم خالية من الرحمة والإنسانية ، شداد غلاظ على الضعفاء والمساكين وعامة الشعب ، وأذلاء صاغرين عند أسيادهم وقادتهم ومن هو أرفع منهم أو أكثر منهم قوة ، يمجدون ويعظمون السلطان ولا يتوقفون عن المدح له والثناء ، يرون العدل في ظلمه ، والرحمة في طغيانه ، والإنسانية في بطشه وجبروته ، ولا يتوقفون عن تبرير أعماله السلبية وتصرفاته العدوانية ، بل قد يصل الحال ببعضهم إلى تقديسه وتعظيمه ، يصفون كل من يعارضه أو ينتقد سياساته أو يطالب بحقوقه بالعدو والمنافق والمتمرد والعميل والخائن ، وبهذه العينة من البشر ( أعوان السلاطين والطغاة ) تفشى الظلم واستفحل في المجتمعات البشرية ، وانتشر الطغيان وتمكن ، واهدرت الحقوق والحريات الإنسانية ، وارتفع صوت الباطل وخفت صوت الحق ..!!
وبذلك فإن السلاطين والطغاة لا يستطيعون منفردين ممارسة السلطة والحكم ، وممارسة الطغيان والبطش ، فهم بحاجة لأعوان يكونوا أياديهم التي يبطشون بها ، وعيونهم التي يرون بها أفعال وتصرفات أفراد الشعب في كل مكان ، وأذانهم التي يسمعون بها كل ما يقوله الناس عنهم ، فأعوان السلاطين والطغاة بذلك هم العدو الأول والحقيقي للشعوب والمجتمعات البشرية ، فلولاهم لما وجد الطغيان والظلم من حيث المبدأ ، ولولاهم لما تمكن الظالم من القيام بظلمه ، والطاغية من القيام بطغيانه ، والمستبد من القيام باستبداده ، وكما أن للطغاة والمستبدين أعوان ، فإن للخير والعدل والحق والحرية والإنسانية أعوان ، والمعركة بين الطرفين مستمرة ومتواصلة لم تتوقف يوماً ، ومهما علا صوت الطغاة والجبابرة وأعوانهم وأباطيلهم وأراجيفهم ، فإن سقوطهم وزوالهم وهزيمتهم على يد أعوان الخير والحق والعدالة مسألة حتمية ، قال تعالى (( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً )) ..!!