اليمن بين معوقات السلام والتدخلات الخارجية ..!!

02:48 2023/04/10

ملاحظة .... 
شكرا لتطبيق الفيس بوك على خدمة سرد الذكريات السابقة خلال الأعوام الماضية ، وأنا أتصفح هذه الذكريات وجدت هذا المقال الذي يتحدث عن معوقات السلام في اليمن وفي مقدمتها التدخل الخارجي ، وقد توقعت في نهاية المقال بأن حل الأزمة اليمنية قد يكون نتاج صفقة إقليمية وهذا ما حدث اليوم .. إليكم المقال الذي كتبته قبل عامين ..!! 
 
 للأسف الشديد ... 
في ظل الظروف القائمة اليوم في المشهد السياسي والعسكري اليمني ، يظل السلام بعيد المنال ، وأي مبادرات أو مساعي للسلام لن يكتب لها النجاح ، وهذا ليس تشاؤماً مني ، فكم أتمنى تحقيق السلام في بلد أثقلت كاهل أبنائه تبعات هذه الحرب ، التي دمرت كل شيء جميل في هذا الوطن المنكوب ، وكم دعونا للسلام وسنظل دعاة للسلام ، ولكن الواقع السياسي يذهب عكس ما نتمنى ونرجوا ، وسأحاول في هذه السطور توضيح ذلك ..!! 
 
بدايةً .... 
تحقيق السلام يتطلب العديد من العوامل من أهمها إمكانية تقارب وجهات النظر بين الفرقاء ، ونوعية مناهجهم السياسية والفكرية ، ونوعية أهداف وغايات وإيديولجيات ومشاريع الفرقاء ، وحجم التدخلات الخارجية ، وقدرة الفرقاء على تقديم التنازلات لبعضهم البعض ، وهل المصالح الوطنية والقومية لها الأولوية عند الفرقاء أم لا  ..!! 
 
وإذا ...... 
قرأنا تلك العوامل في الواقع اليمني ، فإنها للأسف الشديد تكاد تكون معدومة ، فهناك تباعد كبير جداً في وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة ، ونقاط التقارب بينها تكاد تكون معدومة ، وكذلك الحال بالنسبة لنوعية المناهج السياسية والفكرية للأطراف المتصارعة ، فالرفض للأخر ، وعدم الإعتراف بالآخر ، والسيطرة على السلطة بالقوة ، ورفض التعددية السياسية والفكرية ، وفرض أنظمة حكم دكتاتورية ، هي السمة المسيطرة على تلك المناهج ، لأن هذه الأطراف لو كانت تؤمن بالديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة ، ما كانت بحاجة للخروج والتمرد على النظام السياسي اليمني الذي كان قائماً على الديمقراطية والشراكة السياسية ..!! 
 
وكذلك ..... 
الحال بالنسبة لنوعية أهداف وغايات ومشاريع الأطراف المتصارعة ، فهناك تناقض وتعارض بل وتنافر كبير جداً فيما بينها ، فكل طرف له أهدافه وغاياته البعيدة كل البعد عن أهداف وغايات الأطراف الأخرى ، فهذا الطرف يهدف إلى فرض نظام ولاية الفقيه القائم على منهج الثورة الإسلامية الشيعية ، وذاك الطرف يهدف إلى فرض نظام الخلافة الإسلامية السنية ، وذلك الطرف يهدف إلى تفكيك اليمن مناطقياً ، وذاك الطرف يهدف إلى جعل اليمن ولاية تابعة لداعش والقاعدة ، وذاك الطرف يهدف إلى جعل اليمن دولة إتحادية مقسمة إلى عدة أقاليم ، وهكذا مشاريع هي في الحقيقة تحمل في طياتها كل صور التناقض والتباعد والتنافر ، وهكذا مشاريع من غير الممكن أن تقبل ببعضها ، أو تعترف ببعضها ، أو تتعايش مع بعضها ، أو تقبل بالسلام مع بعضها داخل مجتمع واحد ..!! 
 
وكذلك ...... 
الحال بالنسبة لحجم التدخلات الخارجية في الشأن اليمني ، فهناك حالة من التدخل الكبير جداً ، فكل طرف سياسي يمني يتبع ويوالي بشكل مباشر لقوة خارجية إقليمية أو دولية ، ليصبح بذلك كل طرف يمني عبارة عن أداة من أدوات هذه القوة الخارجية أو تلك ، ولتصبح الأرض اليمنية عبارة عن ميدان لتصفية الحسابات بين تلك القوى الخارجية ، وليصبح في نهاية المطاف موضوع إيقاف الحرب وتحقيق السلام في اليمن شأناً خارجياً وليس شأناً داخلياً كما يفترض أن يكون ' بمعنى آخر حرب اليمن لن تتوقف إلا في حال نجاح تسوية خلافات إقليمية ودولية .!! 
 
وفي ظل الحجم الكبير للتدخلات الخارجية ' وفي ظل تبعية الأطراف الداخلية لمشاريع خارجية فكرياً وسياسياً ومذهبياً وطائفياً ' تتراجع أهمية المصالح العليا للوطن وتصبح من الأمور الثانوية عند الأطراف المتصارعة ' وتصبح الأولوية لتحقيق مصالح أهداف وغايات المشاريع الخارجية حتى وإن كانت تتعارض وتتناقض مع المصالح العليا للوطن ..!! 
 
وبناءاً على ما سبق ..... 
يظل خيار تحقيق السلام في اليمن في ظل الظروف القائمة بعيد المنال ، ويظل خيار الحسم العسكري هو الخيار الممكن ، ولا يستبعد أن يفرض الواقع وحالة توازن القوى الخارجية الفاعلة والمتدخلة في الشأن السياسي والعسكري اليمني ' خياراً ثالثاً وهو استمرار الحرب لفترة طويلة ، وتثبيت كل طرف من أطراف الصراع على ما تحت يديه من مساحة جغرافية ، حتى يحدث مستقبلاً تغيير في المشهد السياسي الإقليمي والدولي ، كأن تنهار أو تنهزم قوة خارجية من القوى الإقليمية أو الدولية الداعمة لأحد الأطراف اليمنية الداخلية ، يترتب عليه إنهيار وهزيمة هذا الطرف أو ذاك لمصلحة الأطراف الأخرى ' أو أن تحدث صفقة سياسية كبيرة بين تلك الأطراف الخارجية يكون من ضمن بنودها تسوية الملف اليمني ..!!