30 نوفمبر .. التتويج النضالي والبطولي لشعب أراد الحرية والاستقلال ..!!

05:29 2024/11/30

دائماً وأبداً كانت وما تزال وستظل نزعة التحرر والإستقلال هي السمة التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات ، فلا يوجد إنسان عاقل وواعي ومثقف ومفكر يقبل بالذل والهوان والعبودية والتبعية والخضوع والاستسلام لإنسان مثله ، فالإنسان في المجتمعات ما بعد البدائية لم يقبل بالإنخراط في الحياة الاجتماعية والمدنية ، والإنقياد والالتزام للسلطة الحاكمة إلا بموجب عقد اجتماعي ضمن له كل حقوقه وحرياته الشخصية وضمن له المساواة التامة والكاملة مع الآخرين بما فيهم الحكام الذين تم اختيارهم للقيام بهذه المهمة ، وألتزم بموجب ذلك العقد باحترام حقوق وحريات الآخرين ، ولكن مع مرور الأيام ونتيجة استقواء السلطة بصفتها ممثل الطرف الأول من العقد الاجتماعي وامتلاكها مصادر القوة واستحواذها على مصادر الثروة ، انقلبت على العقد الاجتماعي وشرعت في سن القوانين والأحكام التي تمنحها الحق في ممارسة كل صور الاستبداد والطغيان ضد ممثلي الطرف الثاني من العقد ( المواطنين ) ، الذين أصبحوا مع مرور الأيام الطرف الاضعف ، ما دفع البعض منهم إلى انتهاج العمل الثوري والتحرري للخلاص من تلك السلطة الاستبدادية التي انقلبت على شروط ومضامين ونصوص العقد الاجتماعي ..!! 

لتتحول حياة البشر بعد ذلك الحين إلى حالة من الصراع المتواصل والمستمر والمتجدد بين طرفين ، طرف ( غاصب ) يستغل السلطة والقوة والثروة والنفوذ للتسلط والاستبداد والطغيان والقهر ، وطرف ( مقاوم ) يرفض الانصياع لتلك السياسات والأساليب ، ويطالب بحقوقه وحرياته وصولاً إلى انتهاج العمل الثوري والتحرري وخوض الحروب والمعارك في سبيل نيل حقوقه وحرياته ، وبعد أن توسعت المجتمعات البشرية وتعددت السلطات الحاكمة ، وبدافع التوسع والهيمنة والسلب والنهب قامت السلطات الاستبدادية والعدوانية التي تمتلك فائض قوة بشن الحروب التوسعية ضد السلطات والشعوب الأخرى ، بغرض استعمارها واحتلالها واخضاعها ونهب ثرواتها وخيراتها ، لتظهر على المشهد السياسي حركات التحرر الشعبية المطالبة بحق شعوبها في التحرر والاستقلال ، والرافضة لاستعمار واحتلال السلطات الأخرى لأراضيها ، ومصادرتها لحقوقها وحرياتها ونهبها لثرواتها وتحكمها في قرارها ، وخاضت في سبيل ذلك الكثير من المعارك والأعمال الثورية والتحررية ، وقدمت التضحيات الجسيمة في سبيل ذلك ، حتى نالت مرادها وحققت مبتغاها وحررت بلادها ، وأرغمت المحتل على الرحيل والجلاء ..!! 

وما حدث في 30 نوفمبر عام 1967م في جنوب اليمن ، هو التتويج الملحمي والبطولي والنضالي لشعب أراد الحرية والاستقلال لوطنه ولقراره ولسيادته ، وقدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات ، وأرغم المحتل البريطاني على الرحيل من بلاده تحت ضغط العمل الثوري والتحرري المتواصل ، الذي جعل ذلك المحتل يصل إلى قناعة بأن رحيلة عن أرض جنوب اليمن هو الأفضل والأنسب له ، بعد أن أدرك أنه ليس في مقدوره تحمل المزيد من الخسائر البشرية في صفوفه والخسائر المادية في معداته وأسلحته ، وبعد أن شاهد الإصرار الكبير ، والعزيمة التي لا تلين ، لأحرار وثوار اليمن في انتزاع سيادة واستقلال وطنهم مهما كانت التضحيات ، وما حدث يوم 30 نوفمبر هو النتيجة الطبيعية التي تفرضها الحتمية التاريخية والثورية والتحررية والحقوقية ، فصاحب الحق وصاحب الأرض هو المنتصر في نهاية المطاف ، كل ذلك يضع أجيال اليمن عبر التاريخ أمام عظمة ذلك المشهد الثوري والتحرري ، ويعزز في نفوسهم كل معاني التحرر والاستقلال والسيادة والكرامة ، ويحطم أمامهم كل العراقيل والصعاب والتحديات التي تحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ، والتي تعمل على إعادة اليمن تحت الوصاية الخارجية بمسميات وعناوين مختلفة ، وعلى كل أبناء اليمن أن يأخذوا العظات والعبر والدروس من ملحمة 30 نوفمبر العظيمة والخالدة ، ليعيدوا لليمن سيادته واستقلاله وإمجاده وحضارته ، وينتزعوا لأبنائه حقوقهم وحرياتهم وحقهم في العيش بكرامة وعزة واستقلالية فوق تراب وطنهم الحبيب ، فنزعة التحرر والاستقلال سمة مميزة لأبناء اليمن عبر التاريخ ، ولن تستطيع الأيام والأحداث والظروف تغييرها وتهجينها ، فوطنهم كان وما يزال وسيظل بإذن الله مقبرة الغزاة ..!!