وفي الليلة الظلماء يفتقد الزعيم الصالح

09:46 2022/07/26

سوف أتحدث هنا وبكل تجرد مع الذي أنقذ اليمن من الضياع، هو الإنسان الذي أعاد لليمن قوته وعنفوانه ومجده، لعلي أستطيع أن أكون وفيا لذلك الذي وهب حياته وروحه قربانا لمجد اليمن، أو ربما أفضح كل تلك المخططات التي كان ظاهرها إبعاد الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، وفي جوهر حقيقتها تلك الأنشطة المشبوهة؛ وهي تدمير اليمن وتفكيكه وإذلال شعبه.
أيها الزعيم علي عبد الله صالح الذي غادرتنا من غير موعد سابق. نعم.. تركت فراغًا كبيرًا أيها الزعيم الذي دفعت ثمن صراحتك مع شعبك، أيها الزعيم الذي حمل مسدسه الفردي ليدافع عن نفسه، حتى استشهدت وكنت بطلًا وأنت تقاوم الكهنوت والرجعية في منزلك الخاص، ولم تستخدم صاروخًا أو دبابة أو قذيفةً، بل استخدمت مسدسك الشخصي، لأنك كنت تدافع عن رأي جلبه عليك الأعداء والخصوم.
أيها الزعيم الذي دُفع لاغتياله مليارات الدولارات من الخارج، وخذلك وتخلى عنك أقرب الناس إليك في حزبك وعشيرتك وممن أنقذتهم من براثن الإبادة وحاربت خصومهم حتى تجمع الفريقين المتحاربين في الساحات، واتفقوا لاجتياح منزلك للإجهاز عليك، خوفًا من ان تنجو وتكشف ما بقي من العورات التي تحارب اليمن منذ تسعة وخمسين عامًا، ولم يعد لديهم الرضا بالمال حتى أصبحوا يحلمون بشيء أكبر من المال، وهو عرش الملك السبئي والحميري العظيم علي عبد الله صالح.
أيها الزعيم الذي دفع بقاتليه إلى الاحتفاظ وإخفاء جثمانه الطاهر حتى الآن، خوفًا من أن يبعث من جديد فيصحح المسار الديمقراطي الحقيقي الذي أدى إلى استشهاده. أيها الزعيم الذي احترمت حقوق القرابة بينك وبين أبناء عمومتك وعشيرتك وقبيلتك، ولم تترك فردًا إلا وأدخلته جامعةً أو أكاديمية عسكرية أو مدنية في أمريكا واوروبا وروسيا، وكان هولاء الناكرين للمعروف أول من أغلقوا تلفوناتهم في وجهك وفروا من حولك، حتى يستفرد بك المجرمون والقتلة لياخذوا الأسد من عرينه بأرخص ثمن، وأنت أغلى وأزكى ما أنجبت اليمن وأثمنها كرماً وأخلاقًا.
ماذا لو قدر لك أن تعود ويبعثك الله من جديد وظهرت لنا بذلك الشموخ وبتلك العزة، كم ستكون قادرًا على بناء عرينك الجديد، بعيدًا عن اولئك المتزلفين والكاذبين والمتطرفين الذين لا يزالون ينخرون في الوطن ويدمرون كل شيء في بنيته واستقراره وأمنه ووحدته خوفًا من عودتك.
أيها الزعيم الذي صدقت نبوءته في وقت مبكر، عندما قال احذروا يا أبنائي من أغنية التفرق والتمزق والانفصال في حالة سكر وغيبوبة، وعندما حذرت ونبهت وقلت إن اليمن لن تكون يمنيين، ولن تكون حزبيين أو تجمعين سياسيين، وعندما حذرت وقلت إن اليمن لن تحكم برئيسين أو ثلاثة، ولن تتجمع الشرعيات المزيفة والحكومات الوهمية والسفارات والمناصب المتواجدة في فنادق الخارج بالإقاليم المحيطة باليمن أو غيرها والتي دمرت اليمن وأعادته إلى مربع الصفر.
لقد أصبحت ثروات اليمن والتنمية بعدك أيها الزعيم والتي بنيتها طوبة طوبة في سواق وأنهار تضخ إلى جيوب أولئك الذين كانوا ولا زالوا يعتبرون وجودك عثرةً في طريق التقدم والازدهار وتطوير اليمن، وهم كانوا بذلك يكذبون ويضحكون على البسطاء من الناس ويزرعون الشك والتفكك.
أيها الزعيم الذي حزنت عليه الأمة، إن غيابك ورحيلك جعل اليمنيين يعيشون على الجوع والفقر والمرض، ولم يعد باستطاعة أحد أن يركب طائرة لعلاج مرضاه، أو أن يسافر إلى أي مكان. لم يعرف اليمنيون المرتبات والسفر الآمن، والحياة المطمئنة بعدك، فقد غزتهم المليشيات والعصابات.
 لم يسلم افراد شعبك اليوم من قطاع الطرق في المدن أو الفيافي، ولا زالت الدول الطامعة في اليمن تنفذ مشاريعها وأجنداتها، وتسحب ثرواتها من النفط والغاز، إلى بنوكها في الخارج لتنفق على  مرتزقتها  وتنفيذ المشاريع والصفقات التي رفضتها، والتي كانت تمس سيادة اليمن والاستيلاء على موانئه وسواحله وتحويل باب المندب الاستراتيجي إلى مركز لوجودها الدائم.
 
لم يعد بمقدور شخص واحد أن ينتقد في جريدة. أو يجرؤ على كتابة سطر واحد أو تغريدة، او مناشدة لاستعادة هذه الحقوق الوطنية المنهوبة، صمتت الصحافة وتحولت صنعاء لمدينة للظلام والجوعى.
اليمنيون بعدك يتقاتلون على أرضهم دون ان يهتموا بمصلحة اليمن ولم  يقفوا مع أرضهم وتأريخهم ، ويعيشون في ظلام كبير  بعد أن انعدمت الكهرباء وانقطعت المياه. وهذا ما كنت تحذر منه دائما.
هؤلاء الذين عملوا واجتمعوا على قتلك، كما أجتمعت قريش في محاولة قتل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مع الفارق أنهم نفذوا وقتلوك ولم يحصلوا على أي حلم، من تلك الاحلام المبنية على الاغتيال والقتل والنهب.
أيها الزعيم.. نحن نتوق إلى عودتك، فلا زالت نبضات قلوبنا تهتز لنشيد "رددي أيتها الدنيا نشيدي"، ولا زلنا نناضل لإفشال مخطط الغازي الخارجي والمحتل الداخلي والعميل الواقع بينهما، رغم أن محبيك وأنصارك يقعون اليوم تحت دائرة التجويع والقهر ، ولكننا صامتون صمتًا يخيف أولئك الأعداء، ويتوجسون من السقوط القريب وعودة الحق إلى أهله.
 
أيها الزعيم.. نم قرير العين، فلقد عشت ملكًا يمانياً متوجًا، وحكمت ووحدت جغرافيا شاسعة من اليمن يصعب على غيرك اليوم ان يبقيها موحدة أو حتى أن يحكمها. ورغم تكالب الأعداء وحقدهم، رحلت شهيدًا وبطلًا كما كنت تحب ان تكون، فأنت ذلك القائد الفذ والشجاع الذي لا ينكسر ولا يلين.
وعندما تكالبت عليك الفئة الباغية، فإن هذه القوى المستعرة تخوض حرباً وتقاتل بعضها، بسبب اللعنة التاريخية التي وقع بها الجميع، خاصة هؤلاء المجرمون المتقاتلون الذين يخوضون معركة الفناء ضد وطننا وشعبنا وقيمنا. وحين نفذوا جريمة إبعادك وقتلك، كانوا يفعلون ذلك ليسهل عليهم تدمير كل شيء ونهب حياة اليمنيين وثرواتهم، فالتاريخ سيذكرك في أنصع صفحاته بأنك اخترت ان تبقى بين شعبك وفي وطنك الذي عشت وحاربت من أجله، وسيحكم التاريخ بما هو لك وعليك.
 
 *رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية
نقلا من موقغ يمن المستقبل