ليس الحوثي .. إنهم يريدون "مصر"
قبل أيام ليست ببعيدة قرأتُ خبرًا موثقًا ومؤكدًا بأن إيرادات قناة السويس في مصر تراجعت بنسبة 61 %، وذلك على لسان رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، والذي أوضح أن الإيرادات لقناة السويس في عام 2023 بلغت 10.2 مليار دولار، وتراجعت إلى 4 مليار دولار فقط في عام 2024.
رقم مهول لم يعد يدخل إلى خزينة الدولة المصرية، إلا أن البعض قد يراه عاديًا، وذلك بطبيعة الأوضاع الحاصلة في البحر الأحمر من قرصنة الحوثيين على السفن التجارية والمتاجرة بالقضايا القومية والعربية أمام شاشات الإذاعات المختلفة. كما أن الحوثيين يفرضون إتاوات مالية كبيرة تذهب لحسابات قاداتهم عن كل سفينة تمر بالبحر الأحمر حتى وإن كانت تحمل سلاحًا يقتل الشعب الفسطيني، "وكله بحسابه" ، وما خفي كان أعظم.
لنذهب قليلًا إلى لبنان وسوريا المجاورتين لإسرائيل، وكيف أن إسرائيل عندما أحست بخطر وضعف محاور المقاومة، وهنا اقصد ( قيادة حزب الله ونظام الاسد الحاكم في سوريا )، كيف عملت على إنهاء تواجدهما بدون تصريحات أو تحذيرات أو "عنتريات فارغة"، بل أنها باغتتهما وأنهت تواجدهما وخطرهما.. ولست بصدد الخوض سواءً بتأييد الأمر أو إدانته، ولكن لنعد أيضًا بالزمان إلى الوراء قليلًا، ونتفكر فقط كيف أبادت إسرائيل غزة أمام مرأى ومسمع العالم، وهجَّرت أبناء غزة، ووجَّهتهم باتجاه سيناء-مصر كمنفذ وحيد لهم للنزوح من ويلات حرب الإبادة التي أرادتها حكومة الصهاينة، وقدمتها لهم بطبق من ذهب حركة حماس دون تفكير بمآلات ما سيحدث وتبعات ما حدث.
فكانت مصر بقيادتها الحكيمة على قدر المسؤولية، ولم تُمكنهم من مخططهم بالبسط على أراضيها أو التقدم نحو سيناء- مصر التي كانت المخططات الصهيونية تعمل على احتلالها تحت ذريعة ابناء غزة ونصرتهم، ولكن هيهات طالما في مصر جيش ورجال جُل همهم مصلحة مصر شعبًا وأرضًا، ليُفشل مخططاتهم وتوجهاتهم باستهداف مصر بكل ذريعة ممكنة، ليلجأ الصهاينة ومن والاهم إلى الحرب الاقتصادية الناعمة على مصر.
والمتتبع لما يحدث في مصر سيجد كيف أن دولًا عربية ومعهم الصهاينة وأذرع الصهاينة في المنطقة، عملت على تجفيف إيرادات أكبر مؤسسة ايرادية في مصر المتمثلة بقناة السويس.
فبنعومة الأذرع الإسرائيلية في المنطقة استطاعوا أن يشلّوا حركة السفن بالبحر الأحمر ومنعها من المرور إلا بعضها ممن تدفع لجماعة الحوثي، وهو ما أكدته تقارير إعلامية نُشرت سابقًا عن خطة الحوثيين في المتاجرة بقضية غزة.
وحتى طائراتهم المُسيَّرة وصواريخهم المدعين أنها "فرط صوتيه" ، وأنها منطلقه من اليمن نراها تسقط في أماكن حددت بأنها لن تُحدث أي خسائر بشرية أو مادية كبيرة في اسرائيل.. وهذا الأمر الذي يعيدنا أيضا لمسرحية إيران وإسرائيل في تبادل ضرب الأماكن المستهدفة، وكيف أن كلًا منهم يحدد للآخر متى، وكيف، وأين تكون الضربات العسكرية في مسرحية واضحة وهزلية يعرفها الجميع.
وحتى أمريكا التي احتلت العراق سابقًا، ودمرته لم تعلن متى، وكيف ستكون ضربتها العسكرية ضد بغداد، عكس ما يحدث الآن مع جماعة الحوثي التي نشرت صحف أمريكية مؤخرًا تقارير إعلامية عن الخطوات الثلاث لإسقاط الحوثي، وكأنهم يقولون لهم خذوا حذركم من هذه المحاور والاستهدافات، وما إن تنام أمريكا وإسرائيل عن أدواتها في الشرق الأوسط وحمايتهم حتى تصحو لتهدد كل من يستهدف الحوثيين مباشرة بأنها ستقصفهم، وهو ما حدث عندما تقدمت القوات الشرعية في جبهات نهم بصنعاء ووصلت على مشارف منطقة أرحب حتى جاء اتصال من السفير الأمريكي بوجوب التوقف وعدم التقدم وتحرير صنعاء، وإلا سيتم استهدافهم بالطائرات حسب ما جاء على لسان سلطان البركاني رئيس مجلس النواب اليمني.. ليأتي بعدها وبوضوح اتفاق "ستوكهولم" ، وكلنا نعرف مسرحيته، وكيف تراجعت قوات حراس الجمهورية عن آخر المعاقل في تحرير محافظة الحديدة وتم بعدها عملية إعادة التموضع..
باختصار، وبما ذكر أعلاه، فإن ما يحدث بين الزوجين اسرائيل والحوثيين ما هو إلا ملح الزواج لتحقيق الأهداف المرسومة لإخضاع مصر وجيشها لإسرائيل والدخول لسيناء كما هو مخطط له لدى الصهاينة، فيما اليمن أمام سيناريوهين فيما يخص الحوثيين ومستقبلهم، إما التضحية ببعض القيادات منهم بضربات أمريكية- إسرائيلية واستبدالهم بآخرين يلبسون ثوب الوطنية ويتلبسون بداخلهم الحوثية، وإما الإبقاء عليهم بعد دخولهم سلام هزلي مع الشرعية لكون أمريكا وإسرائيل تحتاج أذرعها في المنطقة لتهديد الدول التي لا تخضع لهم وتهددهم بهم..
وإنّ غدًا لناظره قريب.