.... العرب _ بعد سقوط بغداد .....

12:00 2022/07/05

لم يعد يخفى على أحد الدور البارز لأجهزة المخابرات الغربية عموماً، والفرنسية خصوصاً، في إنشاء ودعم النظام الخميني في إيران تحت مسمى نظام الثورة الإسلامية، ودورها في إسقاط نظام الشاه واستلام الخميني للسلطة في إيران. وكذلك دورها في الدفع بالنظام الجديد إلى إعلان الحرب على العرب. فلم يلبث الخميني في السلطة إلا قليلاً حتى أعلن الحرب على العراق بوابة العرب الشرقية، بقيادة البطل العربي الشهيد صدام حسين. وبعد حرب طويلة امتدت ثمان سنوات، فشل النظام الإيراني في إحداث أي اختراق في حامية العرب الشرقية، بل لقد تكبد ذلك النظام أبشع الهزائم وأقساها على يد أبطال الجيش العراقي، لتضع الحرب أوزارها بنصر عظيم للعراق ولكل العرب.
 
وبعد فشل المخطط الغربي الأول لإسقاط بوابة العرب الشرقية بيد النظام الإيراني، لم يكن من سبيل أمام القوى الغربية لتنفيذ مخططهم التآمري هذا إلا بالتدخل العسكري المباشر عن طريق الحيلة والمكيدة والسياسة، فكان ما كان من استدراج للجيش العراقي لاجتياح دولة الكويت، ليكون ذلك بمثابة المبرر لحشد الجيوش الغربية بقيادة أمريكية بريطانية فرنسية، التي كان هدفها الظاهر هو تحرير الكويت، بينما هدفها الباطن والحقيقي هو إسقاط بوابة العرب الشرقية واسقاط نظامها القومي العربي. وبعد سنوات من العدوان والحصار والقصف الجوي المتواصل، وبذريعة امتلاك النظام العراقي لإسلحة كيماوية وبيولوجية، قامت الجيوش الغربية باجتياح العراق واحتلاله، ليحققوا بذلك هدفهم الرئيسي؛ وهو إسقاط بوابة وحامية العرب الشرقية. وللأسف الشديد، لقد حصل كل ذلك بمباركة ودعم ومشاركة من بعض الأنظمة العربية، لتبدأ القوات الغربية الغازيه باجتثاث النظام العراقي القومي العربي، وتفكيك وتدمير الجيش العراقي واغتيال العلماء والقادة وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات في حق الشعب العراقي، ولتقوم بإذكاء الخلافات والنعرات الطائفية والمذهبية بين أبناء العراق.
 
كل ذلك ليتمكن عملاء أجهزة المخابرات الغربية الذين عادوا فوق دبابات الجيوش الغربيه من حكم العراق. وتدريجياً، ومن باب الطائفية والمذهبية، تم تسليم العراق للنظام الايراني على طبق من ذهب، ليصبح ظهر العرب مكشوفاً بعد سقوط بوابتهم وحاميتهم الشرقية؛ وهو ما فتح الباب واسعاً أمام النظام الايراني للعبث بالأمن القومي العربي، عن طريق إثارة الخلافات الدينيه والمذهبية والطائفية في بعض الدول العربية، وصولاً إلى السيطرة على القرار السياسي في عدد من العواصم العربية.
 
وهكذا وضع قد جعل النظام القومي العربي في وضع حرج جداً، خصوصاً مع تزايد شهية النظام الايراني في التوسع والسيطرة على المزيد من الأراضي العربية، بعد أن تمكن من فرض معادلات سياسية وعسكرية تخدم سياساته ومصالحه وأطماعه. فقد تمكن من نقل المعركة إلى داخل الأرض العربية، وإدارتها بحرفية عالية جداً عن طريق دعم ومساندة القوى الموالية له في بعض الدول العربية بالخبرات والأسلحة المتطورة، ليتجرع العرب وحدهم الخسائر البشرية والمادية لتلك الحروب والصراعات الطائفية البينية. وهكذا وضع قد جعل من النظام الإيراني قوة إقليمية مؤثرة ومسيطرة، وهو الهدف النهائي للمخطط الاستخباراتي الغربي، بعد أن وضعوا الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً في حالة من عدم الاستقرار، والشعور بالقلق والخوف من الخطر المباشر الذي بات يمثله البعبع الإيراني؛ وهو ما دفع ببعض الانظمة العربية مرغمة لطلب المساعدة الغربية وتقديم كل التنازلات المطلوبة، التي تتجاوب مع تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية الغربية في المنطقة. لذلك، كان إسقاط بوابة العرب الشرقية هدف استراتيجي غربي ، بعد أن وافق قادة النظام الإيراني علي أن يكونوا جزءا من ذلك المخطط الذي أغراهم بالحصول على القوة والتوسع والهيمنة واستعادة أمجاد امبراطوريتهم الفارسية الغابرة.
 
والأسئلة المطروحة اليوم: هل مازال الغرب بحاجة للنظام الإيراني أم أن فترة خدمته قد انتهت بعد أن قام بالدور المطلوب منه على أكمل وجه؟
ومن المستفيد من الأوضاع الصراعية والصدامية القادمة عليها المنطقة؟