الحركة الحوثية والمجتمع الدولي بين التناغم والتماهي

06:25 2022/06/27

تتناغم الحركة الحوثية، وتستفيد من استراتيجية المجتمع الدولي الداعمة للأقليات، وعدم تصنيفه لها جماعة إرهابية، مع كل ما ترتكبه من جرائم وعنف. كما تتميز الحركة الحوثية بأنها حركة متغيرة ومتناقضة في مواقفها. وهذا ليس بالمستغرب؛ فهي حركة متعددة المرجعيات، فإيران مرجعيتها السياسية الدولية، وحزب الله مرجعيتها العسكرية الإقليمية ، وعبدالملك الحوثي مرجعيتها المحلية الدينية. وهذا ما جعل الحركة تتدرج وتبدل من تكتيكاتها وتحالفاتها من أجل الوصول لغاياتها، وتضع نفسها أداة سياسية وعسكرية لجهات إقليمية ودولية. فبمجرد أن انقلبت على الدولة اليمنية، قدمت نفسها للمجتمع الدولي، في بداية الأمر، كحركة محاربة للإرهاب والتطرف، ثم ما لبثت أن أفصحت عن كونها الذراع الإيراني في جنوب الجزيرة العربية.
 
رغم ما صنعته الحركة الحوثية المليشياوية في الجسد اليمني من تجريف للبنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أن هناك توجها وإصرارا كبيرا من المجتمع الدولي على إعادة تدوير وتأهيل الحركة الحوثية لتنتقل من المسرح العسكري إلى المسرح السياسي. غير أن هذا التوجه يصطدم بالبناء الفكري والأيديولوجي للحركة القائم على القوة. فالحوثيون يعتقدون أن ما سيكسبونه عبر السياسة وأدواتها أقل بكثير مما سيحققونه عبر السلاح والعنف، ومن ثم فموقفهم المتصلب والرافض لأي حلول لإنهاء الحرب عبر التفاوض سيستمر، ولن يتعاطوا مع الأمر بإيجابية إلا إذا ضمنوا أن الترتيبات القادمة ستمكنهم من ترتيب أوراقهم داخل الدولة بشكل شرعي وقانوني، ولو بصورة بطيئة، بما يجعلهم يبتلعون ما تبقى من أجهزة  الدولة الشرعية.
 
مازال التدخل الإقليمي والدولي هو العامل الرئيس في الحرب الجارية في اليمن، وفي تحديد أهدافها ورهاناتها، والمخرج منها، إلى جانب أن السلطة الشرعية لا تملك الاستقلالية التامة في اتخاذ قرار الحسم العسكري مع المليشيات الحوثية، حيث صارت مكبلة باتفاقيات دولية، كاتفاق ستوكهولم واتفاق الهدنة الأخير. كما أن عدم توصل الأطراف ذات العلاقة بالحرب إلى اتفاق شامل فيما بينها على تقاسم المصالح والنفوذ، كل ذلك أطال أمد الحرب وزاد من آثارها المأساوية على مختلف شرائح المجتمع اليمني.
 
لا نحتاج إلى جهد كبير للبحث عن أدلة دامغة لدعم المجتمع الدولي للمليشيات الانقلابية الحوثية، وليس أدل على ذلك من امتناع المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات رادعة في حقها جراء تنصل المليشيات الحوثية من تنفيذ بنود الهدنة الأخيرة، التي رعتها الأمم المتحدة وحرص المجتمع الدولي على عدم حسم المعركة مع الانقلابيين الحوثيين وقطع الطريق أمام الفوضى،  وحضور الحركات المتطرفة والانقسام المناطقي، وسعيه الدائم لصياغة حلول وتسويات تمنح إيران وذراعها المليشياوي في اليمن انتصارا ثمينا ومكاسب على طبق من ذهب.