الطرقات وقرارات مركزي عدن والمأزق الاقتصادي للحوثيين !
إن أي مبادرة أو خطوة ستؤدي لفتح الطرقات ، وتسهيل عبور المواطنين من وإلى مناطق السلطة الشرعية ، هي موضع ترحاب ، وقبول من قبل السلطة الشرعية ، ومن قبل جميع المواطنين .
أن تتعاطى مليشيات الحوثيين مع ملف الطرقات ، بعد سنوات من التفاوض ، وبرعاية أممية وجولات من المشاورات في جنيف والكويت وعمان ومسقط ، ومبادرات محلية مختلفة ، وعدد من الإحاطات والبيانات لمجلس الأمن والتي لم تنجح في إقناع الحوثيين بفتح الطرق ، كحق إنساني ، فضلًا عن كونها حق من حقوق المواطنة ، وبين ليلة وضحاها ، وفجأة وعلى حين غرة ، ينزل الحوثيون من هودج التعنت والتصلب ، ومن طرف واحد ، ليعلنوا عن استعدادهم فتح الطرق ، ابتداءً من طريق البيضاء- مأرب ، ثم فتح طريق الحوبان-مدينة تعز ، وهو ما يوجب علينا ألا نتعامل عاطفيًا مع موقف الحوثيين من الطرق ، وأن نقرأ السياقات والملابسات المحيطة بموقف الحوثيين الأخير من الطرق ، والذي جاء بعد سلسلة من القرارات الاقتصادية الهامة ، التي اتخذتها الحكومة الشرعية ، ممثلة بقرارات البنك المركزي اليمني في عدن ، وقرارات وزارة النقل المتعلقة بشركة الطيران اليمنية ، والتي أربكت القطاع المصرفي والاقتصادي الخاص بالحوثيين ، وفرضت عليهم عزلة اقتصادية .
لقد تلقت مليشيات الحوثيين ضربة اقتصادية قاصمة، أفقدتها توازنها ، وأدركت أنه في حال استمرار تجاهلها التعامل بجدية وإيجابية مع قرارت البنك المركزي في عدن ، فإن الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرتها سيزداد سوءًا ، والوضع المعيشي ينذر بالوصول لمجاعة سترغم الناس على الثورة في وجه المليشيات الحوثية ، ناهيك عن زيادة الاختلالات الأمنية ، وانتشار الفوضى ، وهذا ما لا تريد المليشيات الحوثية الوصول إليه ، ولعلها تلقت نصائحا إيرانية بألا تكابر ، وتستمر في إدارة ظهرها للخطوات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن ، والتي لاقت تأييدًا إقليميًا ودوليًا ، فضلًا عن كونها لا تريد الإقرار بفشلها وهزيمتها أمام هذه الخطوات ، وحتى لا ينكشف ضعفها أمام أنصارها ، في مناطق سيطرتها رأت بأن اللعب بورقة فتح الطرقات آن أوانها ، خصوصًا وأن المبعوث الأممي هانس غرودينبيرغ ، أدلى بتصريح قبل بضعة أيام ، يدعو فيه السلطة الشرعية والحوثيين للكف عن الحرب الاقتصادية والتفاوض حول إدارة الشأن الاقتصادي ، ما يعني ذلك في حساب المليشيات الحوثية بأنه لا يمكن الحديث حول الجانب الاقتصادي ، دون فتح الطرقات اولا ، ولذلك اتجهت مليشيات الحوثيين نحو فتح الطرقات ؛ لما لذلك من علاقة بنقل البضائع وتسهيل مرورها وتيسيير تنقل المواطنين ، على اعتبار أن ذلك سيكن مقدمة للتفاوض ، الذي سيرعاه المبعوث الأممي لليمن هانس غرودينبيرغ بين السلطة الشرعية والحوثيين للاتفاق على تدابير اقتصادية مشتركة ، كإدارة مشتركة للبنك وتوحيد العملة ، أي أن المليشيات الحوثية أنقذت نفسها من المأزق الاقتصادي ، وتجنبت الغضب الشعبي منها ، إن لم يكن بوادر ثورة جياع ضدها ، إضافة لشرعنة مشاركتها في مؤسسة سيادية كالبنك ، يفترض ألا تفرط السلطة الشرعية في سيادتها عليه ، وألا تسمح لأي مليشيات منازعتعا السيادة فيه ، لما لذلك من تفريط بهيبة الدولة ، وإضرار بمواردها ومصالح المواطنين .
سلوك ومواقف المليشيات الحوثية ، وسجلها المثخن بالعنف ، ومسيرتها المعادية للدولة الوطنية يقودنا لحقيقية حتمية بأن مليشيات الحوثيين لا تتعامل مع اليمنيين وقضاياهم ، إلا من خلال ما يتوافق أو يتعارض مع أجندتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والمذهبية ، وبما ينسجم مع أهداف إيران في اليمن والمنطقة .
فهل يعي العاطفيون وذوي الذواكر المثقوبة ذلك ؟!