كيف أسهم قادة الجيش في تعطيل الأجهزة الأمنية وتدمير المجتمع المدني؟!

11:53 2022/06/18

غالبا ما يقال بأن الشرطة العامة جزء لا يتجزأ من المؤسسة المدنية للدولة، نظرا لارتباطها الوثيق بحياة المواطنين. لهذا قيل الشرطة في خدمة الشعب، كذلك قيل بأن الشرطة أحد أعمدة المؤسسة المدنية، وتساعد بشكل فاعل في تسيير خدماتها. لذا نستطيع القول بأن تعطيل دور شرطة تعز يرجع إلى غياب الضوابط العسكرية داخل الجيش وتدخلات الجيش في مهام واختصاصات الشرطة، بل يصل في بعض الأحيان إلى حالة التعدي  المباشر على رجال الأمن وإهانة كرامتهم وشرفهم العسكري. 
ما يحصل اليوم من استهداف للمؤسسة الأمنية يأتي ضمن التدمير الممنهج للمجتمع المدني بشكل عام، وإخضاع تعز لسلطة الجنرال والقروية  العشائرية المقيتة، أو بالأصح لسلطة البندقية وقانون عقر البقر كبديل عن القوانين الوطنية والاتفاقيات الحقوقية التي صادقت عليها اليمن.  
على العموم، قبل حوالي خمسة أشهر، حدثني ضابط أمن يعمل في شرطة تعز، عندما كان يحدثني كان يحدثني  بحرقة عما آلت إليه الأوضاع الأمنية بالمحافظة. وارتكز حديثه على تدخلات الجيش في اختصاصات ومهام الأمن، وكيف أسهم الجيش في تعطيل دور رجال الأمن عن مهامهم المنوطة، مما  نتج عن ذلك توسع في رقعة الانفلات الأمني. وأكد لي في مستهل حديثه أيضا بأن معظم القضايا الجنائية مرتكبوها من منتسبي الجيش. وأدهشني أكثر عندما قال لي بأن هناك مربعات جغرافية وأحياء سكنية ضمن نطاق سيطرة الشرعية، لكن للأسف لا يجرؤ رجال الأمن على الوصول إليها   في حالة وقوع جريمة ما، إلا إذا سمح لهم القائد العسكري المشرف  على هذا المربع. 
ونستنتج من كلام ضابط الأمن هذا  بأن هناك مربعات سكنية في مدينة تعز تخضع لإشراف أمني مباشر من قبل الجيش، وأن شرطة تعز ليس لها سلطة أمنية على جميع مربعات المدينة. 
على أي حال، ينبغي على المجلس الرئاسي ألا يقف مكتوف الأيدي إزاء ما آلت إليه الأوضاع الأمنية بتعز، كون الأمر غير قابل للتأجيل، فالمواطن التعزي البسيط أصبح أكثر شخص مهتم بالشأن العسكري، كونه أكثر شخص متضرر من الفوضى الأمنية الناتجة عن سوء الإدارة العسكرية. 
ختاما، ليس بوسع أحد أن ينكر بأن إصلاح أوضاع تعز يبدأ من الملف الأمني، وإصلاح الوضع الأمني يبدأ  بتغيير جذري وشامل داخل الجيش كخطوة استباقية تقود إلى حلول  لجميع القضايا العالقة.