التجارة المضمونة الربح والتي لا تبور

06:03 2022/04/18

خلال السنوات السبع الماضية العجاف، والشعب اليمني في كل أرجاء الوطن يتجرع شتى أصناف العذاب والضنك جراء الحرب الظالمة التي فرضت عليه من مليشيا الحوثي، مما تسببت بشلل تام لكل سبل الحياة والعيش الكريم وجعلت ثلاثين مليون إنسان يصارع الموت من أجل البقاء، بعد أن أوصدت بوجوههم أبواب الرزق وتوقفت الأعمال وانقطعت المرتبات وأصبحوا يعيشون حالة من الفاقة والذل والمهانة التي لم يعرفوها من قبل، وسمع بها العالم، وهو الشعب الكريم الأبي العزيز. 
وقد أجبرهم هذا الوضع إلى الوقوف بانكسار وعلى هيئة متسولين أمام المنظمات والجمعيات، بحثاً عن سلة لا تفي باحتياجات أسرة لمدة نصف شهر. فيا له من منظر موجع ومؤلم وصورة بشعة تبعث على القهر والشفقة معاً.
لكن ثمه فئة من التجار والميسورين الذين استأمنهم الله على ماله واختارهم ليكونوا أمناء على ما حباهم من أموال وتجارة تنمو عاماً بعد عام. ومن المحزن أن الكثير منهم لا يدركون أنهم أمام امتحان صعب ويغيب عن أذهانهم أنهم مساءلون عما اكتسبوه وفيما أنفقوه ولا يعلمون أن هناك أسرا لها حق عليهم وسيقفون في عرصات يوم الدين لإنصافهم ممن لم يلتفت لأوجاعهم وجوعهم. فبالقدر الذي يعطيهم رب السموات والأرض تلك الأموال، بالقدر نفسه عليهم واجبات لا يستطيعون الهروب منها ويطلب منهم الالتفات لمن هم دونهم بعين الرحمة، لا بعين التباهي والتعالي والتكبر. كما أن المولى ومقسم الأرزاق لم يخلق أغنياء وفقراء عبثاً، ولكن حتى لا يختل التوازن على الأرض وليكمل بعضهم بعضا وتستمر الحياة. كما أنه ليس بيد الإنسان أن يختار وضعه الاقتصادي أو الدرجة الاجتماعية أو غيرها من المواقع الرفيعة أو أقل منها.
الواقع، قد أصبحت الظروف المتردية التي نعيشها نحن اليمنيين والتي تزداد سوءا كل يوم ولا تطاق ويصعب تحملها، وتتطلب من التجار وأصحاب رؤوس الأموال أن يحافظوا على أموالهم وعلى سنة الله في إيجاد التوازن، من خلال التكافل الاجتماعي وليستحضروا هذا الوضع أمام أعينهم. وليتخيلوا لو أن الرازق أخذ ماله من بين أيديهم في غمضة عين، وهو القادر على ذلك وجعلهم في مكان أولئك الفقراء والمحتاجين وليعملوا بما أمرهم الخالق سبحانه وتعالى، ولينتهزوا هذه الفرصة الثمينة في شهر رمضان المبارك. شهر الروحانية ومضاعفة الحسنات والأعمال الطيبة وليتاجروا تجارة لن تبور، فما عندهم يفنى وما عند الله باق. فقط أردنا أن ندلو بدلونا في هذه القضية الإنسانية، لعل الأمر يصل إلى الضمائر الحية وتعشق الآخرة وتتوق لها بدلاً عن الدنيا وزخرفها.