المرأة في ظل المؤتمر عنوان الاعتدال والوسطية
مرت المرأة اليمنية خلال فترة حكم الأئمة بظروف عصيبة وحياة قاسية أقل ما يمكن وصفها بالسنوات المظلمة وبزمن القهر والإبادة والتعامل اللا إنساني، وقد تعرضت للجور وحرمت في تلك الحقبة الزمنية من أبسط حقوقها المشروعة بل أن نظرة المجتمع نحوها حينها كانت قاصرة وفيها من الدونية ما يبعث على الحزن ولم يكن يضع لها أدنى اعتبار خاصة في المناطق الريفية، وأقرب تشبيه لها يمكن الاستعانة به بأنها كانت مجرد قطعة من أدوات المنزل وظلت حبيسة الجدران الأربعة طوال فترة الملكية، وبقت على عشرات العقود تخضع لعادات وتقاليد سلبية ما أنزل الله بها من سلطان، رغم أنها كانت تلعب دوراً بارزاً في الجانب الاقتصادي والاجتماعي من حيث تحملها أعباء كبيرة تفوق طاقتها بدءا من مسؤولية الاطفال ورعايتهم و انتهاءا بقيامها بأعمال الزراعة وتوفير لقمة العيش وكأنها جارية ناهيكم عن الوضع الصحي المتردي الذي كانت تعاني منه وينتهي بها المطاف للموت دون بواكي عليها ، وكل ذلك الجهد المضني والمهلك لبدنها والذي كان على حساب عمرها وصحتها كان يقابله الجحود والنكران نتيجة للجهل المتوارث من جهة و انعكاس لسياسة من كانوا يحكمون اليمن آنذاك من جهة أخرى التي كرست ظاهرة وأد النساء بطريقة أخرى ، لكن ذلك الوضع لم يستمر و أخذ في التغير تدريجياً وتحديداً منذ تأسيس المؤتمر الشعبي العام في عام 1982 حين تضمنت أدبياته اعترافاً واضحاً و إهتماماً بالغاً بحقوق وشؤون المرأة اليمنية واعتبرها جزء أصيل وأساسي في التنمية وبناء الوطن ولا تفرق عن أخيها الرجل بالحقوق والواجبات وسعى من الوهلة الأولى لظهوره بالتخطيط وعمل الدراسات والبرامج وتطبيقها على أرض الواقع بهدف تحريرها من قيود التخلف والرجعية وانطلاقها في الفضاء الواسع وجعلها من ضمن أولوياته خلال فترة الحكم التي امتدت لما يزيد عن ثلاثة عقود ومن أهم ما سعى له المؤتمر الشعبي العام هو إلحاقها بالتعليم بمختلف مستوياته من خلال إنشاء المؤسسات التعليمية التي وصلت لجميع أرياف اليمن فما بالنا بالمدن الرئيسية كانت تلك الخطوة الأولى التي رأى فيها الشهيد الراحل الرئيس علي عبدالله صالح ومن حوله الرجال المخلصين أن تلك العملية بمثابة ثورة علمية حقيقية ولا بد منها لتطهير البلاد من براثن الحكم الإمامي البغيض ومثلت البذرة التي من خلالها ستنبت من بعدها آلاف ومن ثمّ الملايين من سنابل الخير وبناء جيل متسلح بالعلم والمعرفة، وبذلك الإنجاز أخذت نظرة المجتمع الذكورية الدونية لها تتغير شيئاً فشيئاً إلى أن تلاشت تماماً وتخلص من السلبيات نهائياً حتى شهد العالم له و لحزبه بالحكمة و بنظرته الثاقبة للمستقبل الذي كان يرى أن بناء الاوطان يجب أن يسبقه بناء الإنسان ، ولم يكتف هذا الحزب وقائده الذي ظهر للوجود من قناعات الشعب نفسه والذي استشعر مسؤوليته تجاه نساء اليمن بهذا القدر، بل حققت المرأة في عهده مالم تكن تحلم به ونالت ثقة كبيرة من القيادة السياسية بما يعزز ويثبت قدرتها على المشاركة في تقديم وإبراز طاقتها في سبيل إنقاذ اليمن من عوامل التردي والتراجع للوراء وبالفعل كانت عند تلك الثقة وجديرة بتحمل المسؤولية وحققت نجاحات في مختلف مناحي الحياة والمؤسسات والوزارات الحكومية وحتى في القطاعات الخاصة وصنعت تحولاً تاريخياً لم يسبق له نظير لدرجة أنه أصبح يشار لها بالبنان من قبل دول المنطقة والعالم والمنظمات الدولية وتحول ذلك الفعل إلى مثال يحتذى به عند بعض الدول وتجربة جديرة بتدريسها ، فقد شرع الحزب الحاكم على ردم الفجوة التي كانت بين الجنسين من خلال الإتاحة لها بتولي مناصب عليا في الدولة فشاهدناها نائبة في البرلمان ووزيرة في الحكومة وسفيرة في الخارج ومعلمة ومديرة مؤسسة ومحاضرة في الجامعة وطبيبة ومحامية وقاضية وفي السلك العسكري والأمني وعضوة أساسية في كل اللقاءات والمشاورات السياسية .. إلخ
وعقب الاعلان عن الوحدة اليمنية في مايو 90 كان للمؤتمر الشعبي العام الدور الأكبر والبارز في رفع مستوى دور المرأة وحصولها على المزيد من الفرص وامتلكت إرادتها واستعادة اعتبارها ومكانتها وانتزعت حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي حرمت منها منذ مئات السنين إلى وصلت لحصولها على نسبة الكوتا وأصبحت تحلق كحمامة سلام بيضاء في سماء الحرية والعطاء ولم تحد خلال مسيرتها العطرة قيد أنملة عن اخلاقيات وقيم ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف واستطاعت أن تضع لنفسها بصمات إيجابية في نهوض الوطن وازدهاره لا ينكرها إلا من لا يزال في قلبه مرض ومرتبط بعصر ما قبل 1962 عصر التخلف والعبودية وإمتهان الإنسان ..
لقد واجهت المرأة اليمنية خلال الفترة الزمنية الماضية صعوبات وعراقيل كبيرة ولم يكن الطريق معبداً أمامها أو سهلاً فقد كان مليء بالأشواك واسياج العرف الموروث المتخلف، لكنها لم تستسلم أو تخضع أو تتاورى وعلى العكس اكتسبت مناعة من فيروسات الإحباط بفضل الدعم الذي كانت وما زالت تتلقاه من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يحمل في جعبته الكثير من الطموحات والأحلام و يسعى لتحقيقها وبالتالي يصبح الحزب الوحيد على مر تاريخ اليمن الذي كرم المرأة استناداً لتكريم الله ورسوله لها ومنحها كافة حقوقها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بحيث لا يستطيع أحد أن ينتزعها منها كما لو أنه نفشها على الحجر يصعب طمسها ..