الفبرايري الحقيقي!
الفبرايري الحقيقي اليوم هو الذي يستطيع، بشجاعة، أن يعزو إلى ثورة فبراير كل هذا التوحش والانهيار المتسلسل والضياع. فإن (عظَمَة) فبراير الفعلية لا وجود لها أصلاً إلّا في الاعتقاد بكونها أحدثت هذا التداعي الفظيع الذي جاء بعدها والذي طال كل شيء!
- أمَّا أن تتبجَّح بعظَمة ثورة فبراير ثم ترفض الاعتراف بجميع مضاعفاتها الكبرى -السيئة بالطبع- والتي تعصف باليمن منذ 8 سنوات، فما الذي أبقيت لها من أوجه للعظمة والأهمية التاريخية؟
إذا غابت النتائج الطيبة لحدث من الأحداث الكبيرة، فبماذا نستدل عليه إن لم يكن بمقدار الفوضى والخراب الذي نشأ عنه؟
وإذا غابت المآثر والنجاحات العالية والمجد وكل الأشياء التي يستمد منها الحدث التاريخي قيمته الإيجابية، فسوف يحتفظ بقيمة أخرى يستمدها من سجله الحافل بالمخازي والإخفاقات والنهايات الكريهة
- اللّوم لا يقع على من ليسوا فبرايريين إذا كانوا يشاهدون التداعيات والمضاعفات، من الزاوية الوطنية، قبيحة وغير محبَّبة ومفزعة إلى الحد الذي لا يمكن معه لأحد أن يجعل من 11 فبراير عيداً وبَرَكة دون أن يبدو في نظر غير الفبرايريين باعتباره أحمقاً أو مزيفاً!
وكون 11 فبراير تُذكَر على هذا النحو الذي يَنسبُ إليها العواقب الهدامة والفاجعة على مدى 8 سنوات، فإن هذا وحده هو ما يشهد على أنها "ثورة" أنجبت ثورات (ومنها ثورة الحوثي)، وأنها حرب أنجبت حروباً، وأطلقت أكثر الطاقات توحشاً، وهذا وحده هو ما يشهد على أن الثورات بحد ذاتها ليست بالضرورة قفزات إلى الأمام وإلى الخلاص والنور، فقد تكون قفزات إلى رحاب هاوية بلا قرار.
وأما أن تكون المضاعفات السيئة غير مقصودة، كما قد يقول الفبرايري الطيب، فإن هذه الحجة لا يمكن حسبانها في الحكم على الأحداث المصيرية في التاريخ التي تقاس عادة بنتائجها كيفما كانت، وليس بمقاصد صناع تلك الأحداث!