الغدير .. اغتيال العقل العربي في اليمن
قال تعالى في سورة البقرة ( وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون ألا إِنَّهُم هم المفسدون وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ).. صدق الله العظيم.
ما يحدث اليوم في مناطق سيطرة عصابة الحوثي من احتفالات طائفية تكرس لها كافة الإمكانيات المادية والفكرية فيما يطلق عليه بخرافة يوم الغدير هو بمثابة تظاهرة سياسية عقائدية يحشد لها السلاليون لتثبيت أيديولوجيتهم الشيعية فيها، ولحشد الناس من خلفهم وتأطيرهم وكسبهم عقائدياً وسياسياً كنوع من أنواع التبشير بفكرهم الشيعي المستورد من إيران لاغتيال كامل أركان العقل و الثقافة و الهوية اليمنية و العربية.
وتسعى إيران من هذه البهرجة لإعطاء صبغة طائفية للغدير في مسعى لتحويل الجزيرة العربية إلى مزار شيعي لتحقيق الأحلام الفارسية في إقامة امبراطوريتهم عبر استحضار أكاذيب الماضي، وإحياء أحقية الولاية لعلي، وذلك لزعزعة استقرار النظم السياسية والقضاء على الديمقراطية وحكم الشعب نفسه بنفسه.
فبعد الفراغ الذي أحدثه ما يسمى بالربيع العبري أصبحوا لا يرون من يصلح لحكم الشعوب إلا من هم على تواصل مع المشروع الفارسي الذي يعتبر الحوثي أحد أذرعتها بالمنطقة العربية.
ولهذا تسعى من خلاله طهران بمدها الشيعي، السيطرة على مقدسات المسلمين ووضع موطئ قدم بالمنطقة العربية ضمن مخططها القديم وحلم الإمبراطورية الفارسية ضمن منهج السياسة الخارجية لطهران التي تقوم على إحياء النزعة المعادية للعرب.
لقد أصبحنا نشاهد احتفالات ضخمة و مُبالغ فيها، و تنفق لها أموال طائلة، ونسمع أصوات نشاز في الداخل اليمني بانه يجب أن يكون عيد الغدير كعطلة رسمية ووطنية، وهى مزايدة أكثر من شيعة العراق الذين اعتبروها رسمية و ليست وطنية لأنها تخص الشيعة فقط.
انا لا استبعد من حكومة صنعاء الانقلابية الغير معترف بها دوليًا تقديم مشروع قرار بهذا العيد البدعة الى البرلمان، وبوق الإعلام الطائفي لهذه البدعة، واستضافت بعض الفضائيات الإعلاميين المأجورين لينهقوا حول يوم الغدير وفق الرؤية الفارسية. ويدرك المواطن العربي أن يوم الغدير من وجهة نظر شيعة الشوارع يعني تكفير جميع الصحابة الذين انتخبوا أبا بكر للخلافة، وهذا من الموروث الشيعي بمعنى أن الخلفاء الراشدين الثلاثة قد اغتصبوا خلافة علي رضي الله عنه.
و يعتبر شيعة الشوارع الإيرانية جميع الصحابة مرتدين بمعنى كفارًا إلا المجتبين الأربعة أو الثلاثة في بعض الروايات.
للأسف، إن شيعة الشوارع القادمين من قم إيران يجاهرون بتكفير أهل السنة وجميع الأديان والمذاهب التي لا تعرف بالإمامة الشيعية، و يعمل شيعة الشوارع الإيرانية على خلق الفتنة بين الزيدية والسنة في الوقت الذي يعاني اليمن من احتدام طائفي شديد.
لم يدع الخليفة علي بن ابي طالب كرم الله وجهه او يحتج على خلافته بيوم الغدير، ولا كما يدعي زورًا الأئمة بعده، أنه في عيد الغدير أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بخلافة علي من بعده. ولو تم الرجوع الى كتاب نهج البلاغة لوجدنا أن علي يؤمن بمبدأ الشورى كما جاء في رسالته المشهورة الى معاوية بن أبي سفيان.
من جاء بهذه البدعة هو الحاكم البويهي أحمد معز الدولة عام 351 هـ، ولم يكن للعيد المزعوم سابق عهد قبله، أي أن البويهيين نسقوا مع الفاطميين لخلق هذه البدعة.
لا يوجد عيد غدير كعطلة رسمية في ايران، ولبنان حزب الله، و نجف العراق، ولم يطالب أي منهم بعيد الغدير كعطلة، وإن كانت إيران تحتفل بيوم الغدير ولكنه ليس عطلة رسمية غير شيعة الشوارع حق الحوثي القادمين من قم.
إن مثل هذه الاطروحات تعتبر أفضل غذاء لتنظيم داعش الإرهابي، حيث يمكن ان يستغلوا عواطف البسطاء ويستميلونها بسبب البدع الشيعية، وبمثل هكذه أفكار يخدمون داعش بقصد أو بدون قصد، والله اعلم.
تعمد إيران إلى الاستهانة بالسنة و الزيدية ، ولغرض تمزيق المجتمع اليمني و العربي، وتحصين المحاصصة الطائفية، وإعلان الولاء التام لولاية الفقيه، ولإبعاد اليمنيين عن أوضاعهم المزرية في كل مجالات الحياة، وتوجيه أنظارهم إلى نواحي أخرى ليس لهم فيها ناقة أو جمل.
لهذا نقول، إن خرافة وضلالة يوم الغدير تخالف قيمنا الدينية والوطنية وتتعارض مع نظامنا الجمهوري وأهداف ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين، وتتصادم مع الدستور والقانون، وتسعى كما جاء في تحذير وزارة الأوقاف إلى تطييف المجتمع اليمني وتحريف عقيدته الصافية من خلال مناسبات طائفية وبدع دخيلة أُعيد إحياؤها بعودة الإمامة بنسختها الحوثية .
الخلاصة ..
نحن لا ننكر يوم الغدير، و لكن ننكر تسييس يوم الغدير و استغلاله لتمزيق العالم العربي طائفيًا و اغتيال العقل العربي فكريًا و ثقافيًا و دينيًا.
واقول كما قال الشاعر زين العابدين الضبيبي
كفرنا بالغدير وبالولايةْ
وبالكهف المضرج بالغوايةْ
كفرنا بالضلالِ وزارعيهِ
وطلقناهُ زوراً لا هدايةْ
كفرنا بالغديرِ حديثُ غدرٍ
شربنا كأسهُ حتى النهايةْ
كفرنا بالخمينيين طُراً
ولو جاءوا بمعجزةٍ وآيةْ
فكم هدموا بصرختهمْ بلاداً
وجاءوا بالدمارِ وبالوصايةْ.