كذبة ميناء غزة العائم والمساعدات

02:51 2024/03/20

يعتقد الكثيرون أن الميناء العائم، الذي تقيمه الولايات المتحدة عند شاطئ قطاع غزة، في ظاهره سيخفف أزمة الغذاء في القطاع من جانب ، لكنه في باطنه يعطي دلالات على امتداد الحرب لفترة زمنية طويلة على الرغم ان الحل هو انهاء الحرب ووقف المجازر اليومية.

وبدلًا من إنشاء امريكا ميناءً عائمًا كان عليها أن توقف التصويت بالفيتو ضد اي قرار يلزم بوقف إطلاق النار الفوري في غزة  للتخفيف من معاناة اهلها ، وتوفير الاحتياجات الانسانية والطبية التي أقرتها القوانين والقرارات التي اقرها المجتمع الدولي ومجلس الامن للحفاظ على حياة المدنيين في الحروب والصراعات على مستوى العالم، ولكن في الحالة الفسطينية يتم مساومة الفلسطينيين على حقوقهم في الغذاء والدواء وتقديم تنازلات للحصول عليها.

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إنشاء الميناء المؤقت في غزة لإيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة بحراً، وإقامة ملاجئ مؤقتة ومستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، مؤكداً أنه لن يكون على الأرض قوات أمريكية، وذلك بعد أيام قليلة من بدء الولايات المتحدة إسقاط جوي للمساعدات وقد كانت عمليات انزال فاشلة لتسببها باستشهاد عدد من ضحايا الجوع وجزء كبير منها سقط في البحر او في المستوطنات القريبة من غلاف غزة.

ووفق تصريحات أدلى بها براد هينسون، العميد بالجيش الأمريكي، للصحفيين،انه من المقرّر أن يؤمّن الميناء وصول مليونَي وجبة غذاء ومليونَي زجاجة مياه يوميا لسكان غزة، ولن تطأ أقدام الجنود الأمريكيين أرض القطاع( ولكن اين الضمانات في ذلك على الرغم من التسريبات بمشاركة جنود من جنسيات مختلفة منها امريكا في الحرب على غزة ).

تقول واشنطن ان أهداف انشاء الميناء، ترتكز على اربعة مصالح هي : 1- أن الميناء يستوعب مساعدات اربع مرات أكثر من التي تصل إلى غزة  في الوقت الراهن.. 2- رفع يد حماس عن المساعدات والاستفادة منها بايصال المعونات الى منظمات الإغاثة دون تدخّل من حركة حماس.. 3- إظهار قدرة الإدارة الأمريكية على تنفيذ إرادتها في حماية المدنيين،وانها تتمتع بانسانية عالية امام الشعب الامريكي والمؤيدين للقضية الفلسطينية..  4-إرضاء قاعدة الحزب الديمقراطي التي تضم أمريكيين مسلمين ومؤيّدين للفلسطينيين.

ان باستطاعة جو بايدن  ان يوقف الحرب على قطاع غزة وذلك بالتلويح بايقاف المساعدات الحربية لجيش الاحتلال وبالضغط على نتينياهو ، وهذا يثير الشكوك حول نية الولايات المتحدة البرئية في تقديم المساعدات لغزة وذلك لعدة  اسباب اولهما ان الولايات المتحدة بيدها تساعد الاحتلال بالاسلحة والعتاد والمال بالمليارات والخبرات وتوفير اي نقص في الاسلحة  لضرب غزة ستقدم  لهم باليد الاخرى المساعدات الانسانية والطبية.  والسبب الثاني ان المجاعة مستمرة في قطاع غزة منذ بدية الحرب على الرغم من توفر هذه المساعدات وتكدسها على معبر رفح ، وثالثهما ان الولايات المتحدة الامريكية عندما تدخلت في بلادنا العربية باعذار واهية ،  تضع موطيء قدم  لها بقواعدها العسكرية الدائمة واستغلال موارد الطاقة فيها من بترول وغاز لصالحها ويصبح خروجها بعد مرور السنوات صعب جدا وهذا ما سيحدث في غزة بالالتفاف على المينا المؤقت بميناء دائم لمصالحها واستخراج الغاز والبترول .

ان تدمير غزة بالكامل البشر والحجر والشجر حتى تصبح منطقة غير صالحة للعيش الادمي فيقتنع العالم بموضوع التهجير ( القسري الطوعي )، وان يوافق ويدعم  نقل اهل غزة عبر الميناء المؤقت الى قبرص بعد ان تم الاتفاق مسبقا مع الحكومة القبرصية ومن ثم الى عدد من الدول الاوروبية التي وافقت على تهجير الفلسطينيين اليها بعد حصولها على امتيازات وثمن، وهذا  له تبعات قاتلة على المشروع الوطني الفلسطيني في اقامة دولته على ارضه وعودة اللاجئين الذي سيصبح حلم صعب المنال.

من يقرأ المشهد  جيدًا يجد أن بنود صفقة القرن التي اطلقت من سنوات وخاف من تنفيذها الجميع تطبق  حاليًا تدريجيًا في ظل تخاذل وتواطؤ العالم عما يحدث وغض النظر عن افعال دولة الاحتلال وعدم مساءلتها امام المحاكم الدولية وفرض عقوبات عليها ، ان تهجير من سيتبقى من أهالي غزة في ظل الصمت والخنوع العربي والعالمي قادم ، وان حفر قناة بن غوريون حلم دولة الاحتلال  لفرض سيطرتها على طرق التجارة والملاحة البحرية في المنطقة  قادم وهذا لن يحدث الا بالقضاء على الشعب الفلسطيني، وهذا يطبق بالابادة الجماعية للشعب الفلسطيني قصفًا جوعًا وعطشًا ومرضًا لان وجودهم فقط هو العقبة الوحيدة في تنفيذ المشروع عندما يتم عسكرة الغذاء والماء والدواء والمستشفيات فنحن مقبلون على تغيير كامل في جغرافية  المنطقة ، والاطماع الصهيونية.