التيار الإسلامي الوسطي .. التنوع والأمان والإستقامة .

10:53 2024/02/02

العديد من المسلمين نتيجة عدم اهتمامهم بالبحث والقراءة ' لا يعرفون الكثير عن المنهج الإسلامي الوسطي ، ما ترتب عليه إبتعادهم عن إنتهاج التوازن والاعتدال في عباداتهم وأخلاقهم وأفعالهم وتصرفاتهم ، والإنزلاق في متاهات التطرف والتعصب والتشدد والغلو والإفراط، أو في متاهات الإنحلال والتفريط والتهاون، ما يدفعنا إلى تسليط الضوء عن هذا التيار الإسلامي الصاعد والواعد بالخير ، والقادر إلى إعادة التوازن في حياة الشعوب العربية والإسلامية على كل المستويات وفي كل المجالات ، وفي ذلك يقول الدكتور يحيى الخزان " خلق الله تعالى كل شيء وأحصى وأحاط بكل شيء ووسع كل شيء رحمة وعلما، وظاهرة التوازن واضحة في الكون كله بما يحويه ،لذلك جاء نظام الإسلام ومنهجه للحياة معتمداً على التوسط والتوازن " . والوسطية هي من أهم خصائص الدين الإسلامي ' وفي ذلك يقول الدكتور محمد عمارة: " وسطية الاسلام الجامعة هي، من أهم خصائصه التي جعلته دين الفرد والأمة والأنسانية .. دين الدنيا والآخرة، دين التكاليف الفردية والاجتماعية ، دين العقل والنقل والتجربة والوجدان ، دين الروح والجسد، دين الشعائر والعبادات والقيم والدولة والسياسة والاجتماع والاقتصاد والقانون " ..

ويقول الدكتور أمين نعمان الصلاحي: " مفهوم الوسطية يقوم على ركنين أساسيين هما، الخيرية وما في معناها كالعدالة والأفضلية، والبينية ويقصد بها الأمر الواقع بين طرفين متقابلين " ..
وجاء في كتاب المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة للدكتور عبدالمنعم حفني ،" وسطية الإسلام تيار فلسفي إسلامي تجتمع فيه السلفية والتجديد والثوابت والمتغيرات ..والوسط هو دائماً الأجود، وكانت الفضيلة عند أرسطو وسطاً بين طرفين أحدهما إفراط والآخر تفريط .. والوسطية هي القمة العليا والدرجة الأولى، ولهذا كان المثل الدارج يقول خير الأمور أوسطها " . وعرَّفها الدكتور يحيى الخزان: " الوسطية تعني التنوع وليس الانحصار والانغلاق على فكر وحيد، وهي لا تعني الرفض والتشاؤم والاتهام وسوء الظن.. وتمثل الأمان، حيث تبتعد بالانسان عن الخطر بالتوسط في شئون حياته، فهي دليل القوة ومركز الوحدة، ونقطة التلاقي لجميع الأطراف. وهذا ينطبق على جميع الجوانب سواء كانت مادية أو معنوية أو فكرية، فالتوسط والاعتدال طريق الوحدة الفكرية وهو مركزها ومنبعها ..والوسطية تعني العدل، قال تعالى (( وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً ))، وتعني الاستقامة قال تعالى (( اهدنا الصراط المستقيم )) ، أي استقامة المنهج والبعد عن الميل والانحراف، فالوسطية هي الصراط المستقيم " ..

ويقول الدكتور موفق العطار: " في الحقيقة الوسطية الاسلامية مدرسة فكرية قائمة بذاتها مبنية على  أسس عقائدية سليمة واضحة وأصيلة تجمع ولا تفرق، تبتعد عن الغلو ، ترفض الشطط في التأويل والتفسير، وتدعو إلى التفسير العقلاني للنص القرآني. تربط بين الدنيا والآخرة، لا تقبل بإلغاء التراث ولا تلتزم بتقديسه.. تجمع بين السلفية والتجديد ، وتستلهم من الحاضر تطلعات المستقبل ، تقبل الاجتهاد البعيد عن التحجر والبعيد ايضا عن التفلت، ترفض الجمود والوقوف عن الحركة ، لا إفراط ولا تفريط ولا إسراف ولا تقتير " . ويقول الدكتور الصلاحي: " الوسطية تحافظ على الدين من تحريفات أهل الغلو والتنطع وانتحال أهل التهاون والتمتع ..وتدعوا إلى التحصين والترشيد والتصويب،  إن على مستوى الفكر أو التصورات أو على مستوى السلوك والتصرفات " ..

ويقول الدكتور علوي عبدالله طاهر: " الوسطية تحمي الاسلام من الوقوع في براثن الغلو  والارهاب".. والمفكر الاسلامي الغزالي يقول: " الوسطية تحقق التوازن والاعتدال بين الاجسام والارواح والماديات والمعنويات والعقيدة والدولة ، وتوائم بين جميع الأطراف والبيئات المختلفة ".. أما الدكتور عبدالله الرشدان يقول :" الوسطية تعمل على إصلاح الروح وتطهيرها، لا لإرهاق الجسد وتسخيره قال تعالى (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ))" ..

وللمنهج الإسلامي الوسطي الكثير من الخصائص منها : (الالتزام بمبدأ التيسير والابتعاد عن مبدأ التعسير ، قال تعالى (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) - احترام إرادة وتفكير الانسان قال تعالى (( لا أكراه في الدين )) ، (( وما أرسلناك عليهم وكيلاً )) - التوازن بين العواطف والانفعالات الدينية قال تعالى (( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم ))- حماية السلوك الانساني من الانحراف-  تحقيق التوازن بين عالم الغيب والعالم المادي المحسوس-  تحقيق التوازن بين أشواق الروح ومتطلبات الجسم واحتياجاته قال تعالى (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) ) - تحقيق التوارن بين متطلبات الدنيا ومتطلبات الآخرة، قال تعالى (( وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا )) .