كيف تغيرت قيم منفذي القانون في تعز؟
في سيناريوهات الصراع المتقلب، غالبًا ما يجد المدافعون عن القانون أنفسهم يسيرون على حبل مشدود بين إنفاذ القانون وحماية حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة التي إتخذتها قوات الأمن في تعز قد قلبت هذا التوازن الدقيق، مما أثار سلسلة من الأسئلة الوجودية التي تمس العدالة والمساءلة.
وفي ظل ضبابية السلطة المُطلقة، تجاوزت شرطة أمن تعز خط السلوك الأخلاقي دون أي اعتذار. وما كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه خط أحمر - حماية الحقوق المدنية واتباع قواعد القانون - أصبح الآن فكرة لاحقة، طغت عليها ضوابط وقحة وقاسية. والسؤال الذي يتردد في الشارع الآن بسيط ولكنه عميق: هل يحق للمواطنين محاسبة ومساءلة منفذي القانون عندما ينتهكون المبادئ التي أقسموا على حمايتها؟
وهناك سؤال أكثر إثارة للقلق: هل يمكن لشرجب أن تنهض ضد موجة الانتهاكات وتطلب محاسبة المسؤولين عن هذه الفوضى والانتهاكات على أفعالهم؟
لقد أصبح التمييز الصارخ بين الأمن والقمع غير واضح مع الاعتراف الواضح بأن أولئك المكلفين بدعم العدالة يقتربون الآن بشكل خطير من أن يصبحوا تجسيدًا للفوضى التي يهدفون إلى قمعها.
وفي قلب الأزمة يكمن التحول الصادم للقادة العسكريين إلى رجال دولة في الظل. ومع ميل ميزان العدالة بشكل غير عادل انهارت توقعات السلوك المبدئي للشخصيات العسكرية.
و يبدو أن هؤلاء الجنرالات نسوا قسمهم العسكري الذي أقسموه، ليس فقط على خدمة بلادهم، بل وأيضًا المُثل العليا التي توجه المجتمع.
إن التمييز بين كونك وصيًا على المواطن وكونك مفترسًا له يصبح غير واضح، مما يترك المجتمع يتصارع مع الآثار المترتبة على استخدام القوة المفرطه.
و وسط هذا الالتباس، برزت أسئلة شائكة حول القسم العسكري فهل يلتزم رجال الأمن هؤلاء خريجي الكليات العسكرية بخطورة وجدية القسم؟
إن تحاهلهم الحقوق المنصوص عليها في الدساتير الوطنية والاتفاقيات الدولية يتناقض بشكل صارخ مع احترامهم لالتزاماتهم، وهذا التناقض الصارخ يلقي بظلال من الشك على أسس تدريبهم، ويرسم صورة قاتمة للتخلي عن التفاني في المساعي الاستبدادية.
مرت 34 يوم في صمت مشؤوم بينما كانت عائلات شباب شرجب المختطفين تغرق في أعماق اليأس. وتشكّل انتهاكات للحقوق الأساسية، بما في ذلك إتفاقية حقوق الطفل مثالًا على مدى هذه السلطة غير المقيدة. وتكشف صور النساء المرعوبات اللاتي يواجهن الأسلحة بدلًا عن الحماية حقيقة مزعجة. لقد انهارت ركائز المجتمع وحل محلها ظل القمع.
تم إغلاق السبل القانونية التي ينبغي ان توفر العزاء والحل وحتى المحامين ممنوعين من الوصول إلى المعتقلين . والتوجيهات القضائية لا تجد آذاناً صاغية، مما جعل الأسر تتساءل:
هل لا يزال الشباب المخططفين على قيد الحيا، أم أنهم أصبحوا ضحايا لنظام وحشي لا يرحم ويتخلى عن مبادئة؟
وفي وسط هذا المستنقع الوجودي ، يظل صوت المجتمع ثابتًا، مطالبًا، ليس فقط بالعدالة، بل أيضًا بالعودة إلى جوهر الإنسانية. لقد حان الوقت لاختراق قشرة الإفلات من العقاب لأولئك الذين ينتهكون القوانين التي أقسموا على احترامها. إن الهاوية الأخلاقية التي انزلقت إليها الحملة الأمنية وأمن تعز تحتاج إلى تفسير، وتذكرنا جميعًا أنه بدون المساءلة، يمكن أن ينهار نسيج العدالة الدقيق، تاركًا وراءه الفوضى.