مجلس الفشل الرئاسي

12:34 2022/08/13

لا أريد أن أخوض في مدى مشروعية ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي؛ فذلك لم يعد مجديا، لأننا تجاوزنا موضوع اين وكيف تشكل ولماذا. فقد غضضنا الطرف من أجل حياة الأمة اليمنية ورحبنا بالمجلس اعتقادا منا أنه سوف يحرك المياه الراكدة ويحقق أدنى طموحات شعبنا في تحقيق جزء من الوعود التي اطلقوها. وبعد اربعة اشهر خيبوا الامال .
 
أصبحنا الآن نعاني فوق معاناتنا السابقة من فشل هذا المجلس الذي تشكل بدون دراسة واعية لظروف اليمن وطبيعة تجاذباته السياسية، وإنما بحسب إملاءات إقليمية للحاضرين في مؤتمر الرياض. وجد مولودا مشوها. ومع ذلك استبشر اليمنيون خيرا في أنه سيتم معالجة الإشكاليات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، خصوصا أنه جاء بعد كارثة الكوارث المدعو عبد ربه منصور هادي.
 
اعتقد الجميع أن مجلس القيادة الرئاسي سوف يكون الحل وصمام الامان للخلاص من المليشيا التي تكونت بفعل الغباء السياسي وأحد مخرجات الأزمة اليمنية والهروب من الحوار طوال السنوات الماضية. واعتقدنا جميعا أن المجلس سيعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام. ولكن للأسف الشديد، وبعد أربعة أشهر من تشكيله، أصاب الشعب اليمني، حتى الدول الإقليمية، خيبة أمل كبيرة لأنه لم يحقق أدنى التطلعات أو الآمال التي كان يعتقد أبناء اليمن أنه سوف يقوم بها والتي وعد بها كأقل تقدير. فلا تحسّن اقتصادٌ ولا تحقق أمن ولا استقرار في أية محافظة يمنية.
 
بل إنه على الصعيد السياسي أخفق داخليا، فقد تحولت المحافظات إلى كونتينات وزادت الانقسامات وارتفعت نسبة الجرائم والاختطافات، وارتفعت الأسعار وانعدمت السلع. أما على الصعيد الخارجي فإنه لا يتعامل مع مجلس القيادة بشكل سيادي، لكونه مجلسا شُكل من الخارج وشاهدنا المستوى الضئيل لاستقبالهم في الدول وعدم التعاطي معاهم بإيجابية في متطلباتهم الاقتصادية.
 
إن المجلس الرئاسي أصبح الآن عائقا أمام السلام وعاجزا عن تحرير البلاد. ما نراه الآن في المجلس من انقسامات داخلية وإشكاليات وعدم انسجام وتضاعف الخلافات الموجودة بين الأحزاب والمكونات السياسية والاجتماعية، أصبح كارثة على اليمن واليمنيين ومعضلة، بل مشكلة.
 
إن مجلس القيادة الرئاسي هذا اصبح لا هو مجلس حرب ولا مجلس سلام، بل مجلس تقاسم للثروة والسلطة. فأعضاء المجلس انشغلوا بمشاريعهم الخاصة والمحاصصة والتقاسم وتوزيع الأموال فيما بينهم وبين أتباعهم وأصحابهم.
والمواطن تركوا الفساد ينهش من لحمه، وتجار السوء يمتصون دماءه، والفاشلون يتاجرون بقضاياه، والمرابون والمنحرفون يأخذون الإتاوات بقوة السلاح.  
 
وأصبح الشعب اليمني يدرك وبشكل واضح أن المجلس لا يمثل القرار اليمني، وأن القرار ليس بيد أعضاء المجلس، ولكنهم واجهة ينفذون قرارات (.......). 
 
وهنا نسأل: أين الشعارات التي رفعت في مؤتمر الرياض؟ 
 
أين شعارات المصالحة الوطنية؟ 
 
وأين اختفت هيئة التشاور والمصالحة؟ 
 
أين وعود مجلس القيادة الرئاسي في تحقيق السلام والأمن والاستقرار ونقل اليمن إلى الازدهار والتنمية؟ طلعت كلها أكاذيب في اكاذيب.
 
لقد أصبح واضحا أن المجلس الرئاسي منساق وراء المشاريع الصغيرة، منشغل في معارك جانبية، يقود معارك إعلامية فسبوكية وتغريدات في تويتر ليس منها سوى تمزيق الممزق ومحاولات إضعاف قوة المصالحة وخدمة المليشيا وأصحاب المصالح الحزبية أو الشخصية.
 
إن المجلس أصبح ممثلا لأمراء حرب، مصاصي الدماء ضد كل من يدعو للسلام أو يريد الخير لهذا البلد المطحون. 
 
وأخيرا، لسان حال الوطن والمواطن يقول: ماذا تحقق بعد أربعة أشهر سوى أن الاعتقالات
والانتهاكات مستمرة لليمنيين لدى جميع الأطراف؟
 
ماذا تحقق بعد أربعة أشهر سوى استمرار معاناة الناس في أمنهم ومشاكلهم؟
 
ماذا تحقق بعد أربعة أشهر سوى انقسام أوسع وخيبة أمل أكبر؟
 
ماذا تحقق بعد أربعة أشهر سوى  ارتفاع للأسعار وتهجير ونزوح وقتل وتدمير للاقتصاد والوطن؟
 
لا أبالغ إن قلت إن هولاء لا يوجد فيهم رجل رشيد أو صوت يمثل اليمنيين. فصوت المجلس لا يعلو فوق صوت سفراء الخارج.