ثمن التحوث ومحاولة النجاة

07:59 2022/08/02

يبدو أن العاصمة المختطفة صنعاء قد ضاقت ذرعاً بمناصري الحوثي (المتحوثين) الذين ظنوا بأن مناصرتهم للمليشيا الحوثية ستمنحهم الحصانة الكاملة من أي مضايقات أو اعتقالات وتهديد بالتصفية.
 
ولقد تابعنا مؤخراً الإعلام الحوثي وتحريضه على قيادات متحوثة بغرض إذلالهم، وكمقدمة لتصفيتهم، بعد ان أنتهى دورهم على ما يبدو.
 
وقد تصاعدت حدة الصراعات البينية بين قيادات المليشيا الحوثية والمتحوثين منذ أواخر العام ٢٠١٩، لتصل مؤخراً إلى حد التهديد العلني بالتصفية الجسدية وعلى مرأى ومسمع الجميع. وهذا ما دفع ببعض القادة المتحوثين للظهور علناً للتعبير عن استيائهم مما يتعرضون له من قمع وتهديد بالقتل.
يوم أمس خرج اللواء عبدالله الجفري في مقابلة تلفزيونية على قناة الهوية التابعة للحوثيين يتحدث عن فساد المشاط وما يسمى المجلس السياسي، وذكر بأنه يتم التعامل معه من الدرجة العاشرة كونه جنوبيا. 
 
وأردف قائلاً: لم يشفع لي جدي الإمام علي أمام هؤلاء، وأنا الذي ضحيت وتقدمت الصفوف!
آخر وهو عبدالله الرويشان
ذكر قبل يومين بأنه صحا من نومه على رسالة في هاتفه تبلغه بضرورة مغادرته صنعاء، وبألا مجال له للمكوث فيها.
 
أما سلطان السامعي عضو المجلس السياسي للحوثي ومالك قناة الساحات، فقد عبر عما يتعرض له في صنعاء بطريقة أوضح؛ حيث قال: وما هجرناك ياصنعاء لبغض بنا ولكن هناك من يجبرنا على الفراق؛ في إشارة واضحة إلى قيادات الحوثي الذين امتهنوا كل شيء ولم يرعوا معروفا أو موقفا لأحد وبدأوا في مهاجمة الجميع.
 
تتكرر صور التمييز المناطقي والمذهبي لدى مليشيا الحوثي تجاه المتحوثين القادمين من مناطق الجنوب وتعز وإب، وتدار على هذه اللغة العنصرية معارك كلامية قد تمهد لصراع حقيقي يفضي للقضاء على الجميع، لتبقى صنعاء للحوثيين ولا سواهم.
 
وقد تنشط في قادم الأيام اغتيالات غامضة للموالين للحوثي، خاصة وأن وتيرة الاحتقانات في تزايد في أوساط الأمنيين والعسكريين والسياسيين الذين يعانون الإقصاء والتهميش والتحريض المباشر عليهم من قبل إعلام الحوثي جهاراً نهاراً.
 
وللعودة لمضمون ما أود الإشارة إليه، وهو أن المليشيا الحوثية تتعامل مع شركائها، خاصة المجتهدين في تقديم يد العون والمساعدة لها، على أنهم ذوو صلاحية محددة. وبمجرد انتهاء خدماتهم لن تتركهم يغادرون كما أتوا إليها، بل ستُكال إليهم التهم للزج بهم في سجونها، وربما تصفيتهم في ظروف غامضة، كما حدث مع من سبقهم.
 
ويبدو أن هناك توجيهات عليا صدرت من مكتب عبدالملك الحوثي لشن حملة تشويه وتحريض ضد كل من انتهت صلاحياته لدى مليشيا الحوثي. وهذا ما قد يُفسر هجوم مالك قناة الهوية غير الأخلاقي على كثير من القيادات الموالية للحوثي وغير الموالية؛ حيث وجدنا أن غالبية إعلاميي الحوثي يتحدثون عن معركة قادمة في صنعاء لغربلة، حسب وصفهم، الخونة والخلايا النائمة.
 
وقد ذكر عبدالله الرويشان، في منشوره في الفيسبوك، بأن قياديا حوثيا كبيرا أبلغه بأن التعزيزات العسكرية الكبيرة التي دخلت صنعاء مؤخراً أغلبها انسحبت من الجبهات بتوجيهات عليا إلى صنعاء للتهيئة لمعركة مقبلة لتصفية خلايا نائمة، حسب ما ذكر.
 
وخلاصة القول: أثبتت سلوكيات هذه المليشيا بألا عهد لها ولا ذمة، وبأن سياستها قائمة على البقاء لمن ينتمون لها بالعرق والنسب، وغير هذا لا يمكن القبول به.