سوريا في قمة جدة

06:06 2022/07/19

اهتم المتابعون للشأن السوري بما جاء في كلمة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في قمة جدة، وبحضور الرئيس الأمريكي بايدن، عندما أكد على ضرورة البحث عن حلول واقعية للأزمة السورية؛ وهو تطور لافت في الخطاب السياسي السعودي. 
 
صحيح أنه أيضا ذكر ليبيا، ولكن ليبيا رغم تفكك النظام السياسي وتمزق الدولة إلا أن الوضع في سوريا مختلف جدا، فليبيا لا تعاني من عقوبات اقتصادية تخنقها كما هو حال سوريا، التي فرضت عليها الإدارة الأمريكية وأوروبا عقوبات قاسية خنقت شريان الحياة وطالت كل شيء، حتى رغيف الخبز للمواطن السوري بموجب قانون يمثل انتهاكا لمبادىء حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. 
 
لم يعد هناك حجة تقال ضد سورية، فالدولة السورية حاربت الإرهاب الذي يشكل قاسما مشتركا للتحالف الدولي والدول الحرة، فانتصرت الدولة السورية وحافظت على وحدة سوريا وسيادتها رغم وجود احتلال تركي وأمريكي في مناطق من شمال وشرق البلاد. ولكن الدولة استعادت السيطرة التامة، والقيادة السورية حريصة على استعادة مكانتها التاريخية المعروفة في دعم روابط العمل العربي المشترك. 
 
نحن نقف أمام إشكالية ازدواجية السياسات العربية إزاء الحكومة السورية، والتي تجاهد في سبيل توفير الاحتياجات الإنسانية لشعبها؛ بينما نسمع خطابا عربيا آخر يدعو إلى تنفيذ القرارات الدولية ومخرجات جنيف العقيمة والتي تهدف إلى تحقيق ما عجزت عنه الحرب الكونية من تحقيقه. فالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد  نجح في الحفاظ على كيان الدولة وإبقاء دينامية السلطة والخدمات، وسط حرب تعد أشرس حرب إرهابية واجهتها دولة في العالم.   
             
إذا كان اعتراض البعض فقط ينحصر في الاختلاف في النظر إلى بعض سياسات وتحالفات الحكومة السورية، فهذه مصالح ومواقف قابلة للنقاش والتعديل والتوضيح؛ لكن الصمت العربي أمام معاناة الشعب السوري أمر يحتاج إلى مراجعة جادة، وخصوصا من المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي. فإذا كان الإشكال هو العلاقة السورية الإيرانية، فإن المملكة العربية السعودية تتحاور منذ مدة مع إيران. ولذا يتوجب على جامعة الدول العربية أن تضع معاناة الشعب السوري الشقيق، والذي وقف دوما مع آمال وآلام أمته العربية، بأن نشهد تحركا عربيا يفرض معادلة جديدة في إعادة تشكيل المواقف ورسم سياسات واقعية.  
أظن أن دمشق، التي سكنت قلوب العرب وملهمة التاريخ، تنتظر من العرب موقفا يعيد الأمور إلى نصابها.      
 
    
 *كاتب وأكاديمي من العراق، أستاذ القانون والنظم السياسية بجامعة الأخوين في أفران المغربية