لم يسر مؤلفة دفعة لندن أن زها حديد عراقية؟

08:27 2023/03/25

في أول حلقات مسلسل دفعة لندن والذي تبثه قناة عربية شهيرة، لم تقتنع مؤلفة مسلسل دفعة لندن الكويتية  السيدة هبة مشاري، بأن في لندن أقمارا نسائية عراقية أضاءت سماء الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس يوما، بل إن هذه الأقمار أنارت المملكة المتحدة والعالم أجمع.
 
لا أحد يعترض على الدراما والحبكة الفنية وحتى الخيال المرسوم بعناية بشرط عدم الإساءة لكرامة أي إنسان مهما كان جنسه أو عرقه سواء كان عربيا أم أعجميا أو أفريقيا. المهم أن هذه المؤلفة لم تجد في نسختها اللندنية الجديدة سوى المرأة العراقية التي وضعتها خادمة تشتغل عند المبتعثة الكويتية، وغاب عن ذهنها المشحون بعقد الماضي والذي يسعى الجميع لتجاوزه واستخلاص  العبر والدروس منه غاب أو غيب عنها نجم عربي مثل الثريا بزغ من سماء لندن ليلمع في أشهر جامعات العالم ويقدم للمعمورة شواخص حضارية قمة في الإبداع والفن  الهندسي غير المطروق من هذا العلم. إنها المهندسة الشهيرة زها حديد أستاذة الهندسة المعمارية  في جامعة هرفارد.
 
وأظن أنه يوم كانت السيدة هبة تحاول فك الخط بجهد جهيد كانت صحيفة الواشنطن بوست تضع صورة زها حديد على صفحتها الأولى وتكتب تحتها بالخط العريض قائدة المهندسين المعماريين في العالم.
 
ومثل زها حديد في لندن نجوم من حرائر العراق أضاءت ولمعت في بريطانيا وبرزت مثل الشهب في أرقى جامعاتها وأهم مشافيها، 
لم تر مؤلفة دفعة لندن في لندن من نساء العراق البارزات سوى تلك العراقية التي ارتاحت نفسيتها لدورها بأن تكون عراقية تشتغل خادمة لدى الكويتية!
 
مع جل احترامي لقيمة العمل، سواء كان طبيبة أو معلمة أو عاملة  أو خادمة، فهو في النهاية عمل شريف ومقدر، ولكن السيدة مشاري تدرك حساسية هذه الأدوار لمجتمعاتنا العربية المشحونة بمشكلات وخلفيات لا داع لذكرها ونكء الجروح. 
 
لو انعكست الصورة وكانت الكويتية مثلا تشتغل خادمة عند العراقية لاعترضت أيضا بنفس القدر لأن في أهلنا من الكويت أعلاما من نسائها الرائعات برزن وقدمن تميزا. 
 
أستعير من منشور وجدته على مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن قائمة طويلة من أقمار عراقية في لندن أحرزن مكانة عظيمة في دروب الحياة اليومية ونجحن في وضع أسمائهن جيرانا للقمر. لعل كاتبة دفعة لندن تقتنع بأن في لندن بسبب الظروف مئات من بنات الرافدين يشار إليهن بالبنان وتكف عنا عقد دفعاتها ومسلسلاتها.
 
١. زها حديد صارت بروفيسورة معمارية عالمية وأستاذة الهندسة المعمارية في جامعات لندن وجامعة هارفارد  
 
٢. الدكتورة العراقية لهيب عبدالأحد صارت عميدة كلية الطب في لندن. 
 
‏ ٣. الدكتورة العراقية رويدة الشجيري صارت رئيسة قسم جراحة القلب في مستشفى هارو في لندن. 
 
‏ ٤. الدكتورة العراقية بلقيس عادل رئيسة قسم زراعة الكلى في مستشفى إيلنك في لندن. 
‏ ولم تسأل المؤلفة عن سبب اختيار الحكومة البريطانية الدكتور العراقي آرا درزي ليكون وزير الصحة في بريطانيا وقام بتطوير نظام الصحة في بريطانيا نظام الـNHS، وبعد ذلك صار كبير المستشارين للملكة إليزابيث، ولم أصبح بروفيسور ورئيس قسم الجراحة بالطب في كلية لندن الإمبراطورية وصار يحمل لقب سير ولورد. 
 
‏والعراقيات يفتخرن أن ملكة بريطانيا إليزابيث كرمت الدكتورة العراقية نسرين علاء الدين العلوان البروفيسورة في كلية الطب جامعة ساوث هامبتون لدورها المتميز في تطوير المستوى الصحي في بريطانيا. 
 
‏وكذلك الملكة إليزابيث كرمت الدكتورة العراقية نورا العاني الأستاذة في جامعة كامبريج العريقة، ونورا العاني رائدة في علم الاجتماع ومشرفة على المنظمات الاجتماعية في مدينة كامبريج البريطانية. 
‏العراقيات في لندن تفوقن وأصبحن طبيبات ورائدات بالمجتمع البريطاني وأستاذات في الجامعات البريطانية العريقة، لا أعرف إذا كانت المؤلفة دخلت يوما بوابة أوكسفورد أو كامبردج!
 
مسلسل اسمه دفعة لندن، وتظهر فيه العراقية في لندن تشتغل خدامة عند الطالبة الكويتية! لا يشرفنا أن نشاهده، لأن القصد منه  واضح. ومثلما يقول إخواننا المصريون المكتوب يقرأ من عنوانه. 
 
 
* كاتب وأكاديمي من العراق أستاذ القانون والنظم السياسية.