أهو فخُ ثوقيديس؟

02:00 2022/06/19

يبدو لمن ينظرُ على سطح العلاقات الأمريكية - الصينية أن تغيرًا يحدثُ فيها قد يقودُ إلى حربٍ بسبب مسألة تايوان. ولكن عندما نتجاوزُ هذا السطح إلى ما تحته، يتبين أن هذا التغير ليس أكثر من رسائل متبادلة اعتاد كلُ من الطرفين توجيهها إلى الآخر. تبدو الرسائلُ أكثر حدةً هذه المرة، فى أجواء يشوبها توترُ تسبب فيه الرئيس جو بايدن خلال زيارته إلى طوكيو أخيرًا. فقد بوغت خلال مؤتمره الصحفى بسؤالٍ عن استعداد واشنطن للتدخل عسكريًا للدفاع عن تايوان. لم يكن رده منضبطًا، إذ فُهم منه أن هذا الاستعداد قائم, وهو ما نفاه البيت الأبيض فورًا. وعدم انضباط بايدن فى بعض تصريحاته أمرُ متكرر. كما أن رده كان على سؤالٍ افتراضىٍ بشأن احتمالٍ غير وارد الآن. وليس من الصواب الرد على مثل هذا النوع من الأسئلة كما لو أنها واقعية.

ولهذا أثار جوابه حفيظة الصين، وهذا أمر طبيعى. ولأن الجولة الراهنة فى الرسائل المتبادلة بدأت بمعالجة أمرٍ افتراضى، فقد مضت فى هذا الاتجاه وصولاً إلى حديث وزير دفاع الصين عن تدخلها لمنع انفصال تايوان رسميًا، وهو أمرُ افتراضىُ أيضًا.

ولهذا لا يوجدُ ما يدلُ على أن شيئًا تغير فى التوافق على أن انفصال تايوان حدث فى ظرفٍ معين, وصار أمراً واقعًا متفقًا على عدم تقنينه من ناحية، ولا إنهائه بالقوة المسلحة من الناحية الثانية، وبالتالى تواصلُ الصين سعيها إلى ربط الجزيرة بها اقتصاديًا وتجاريًا من أجل تيسير سبل استعادتها سلميًا.

ورغم حماقة فريقٍ فى إدارة بايدن، مازال الاتجاهُ الرئيسىُ فى مؤسسات السياسة الخارجية مدركًا خطأ الوقوع فيما سماه جراهام أليسون فخ ثوقيديس، الذى يعنى اتجاه قوةٍ كبيرةٍ تشعرُ بالتهديد من جراء صعود قوةٍ منافسةٍ إلى شن حرب عليها، قياسًا على سردية المؤرخ الأثينى ثوقيديس للحرب بين أثينا وإسبرطة. كما أن فى هذه الإدارة من باتوا يرون أن الصين لم تعد قوةً صاعدة، الأمرُ الذى يجعلُ مواصلة التنافس السلمى أجدى من مواجهةٍ عسكرية، وهو ما يؤمنُ بمثله معظم الاتجاهات الأساسية فى الحزب الشيوعى الصينى.

* نقلا عن " الأهرام "