مقارنة بين الأحزاب السياسية المدنية والجماعات المتطرفة

04:30 2022/05/17

هناك فرق شاسع بين الأحزاب السياسية المدنية، وبين الجماعات المتطرفة والمتشددة والإرهابية، سواء كانت جماعات دينية أو مذهبية أو طائفية أو مناطقية. فالأولى أحزاب تقبل بالتعدد والتنوع والاختلاف، بينما الثانية لا تقبل بالتعدد والتنوع والاختلاف، لأنها لا تعترف بالآخر من حيث المبدأ؛ فكل مخالف لها ولفكرها ولسياساتها هو عدو لها يجب محاربته والقضاء عليه. كما أن الأحزاب المدنية تستخدم الوسائل المدنية والسلمية لإدارة صراعاتها وخلافاتها، كالمظاهرات السلمية والعصيان المدني؛ بينما الجماعات المتطرفة غير المدنية تستخدم الوسائل الخشنة في إدارة صراعاتها، كالقوة والعنف والبطش والقمع والإرهاب.
كما أن الأحزاب السياسية والمدنية تؤمن بأن التداول السلمي للسلطة هو أفضل طريقة للوصول إلى الحكم عن طريق الاحتكام لصناديق الانتخابات؛ بينما الجماعات المتطرفة غير المدنية تؤمن بأن القوة والقهر والغلبة هي أفضل الوسائل للوصول إلى السلطة، ولا مكان للديمقراطية والانتخابات والتداول السلمي السلطة في أدبياتها ومناهجها الفكرية والسياسية. وكذلك نجد أن الأحزاب السياسية المدنية تعمل على إقامة الأنظمة الجمهورية والمدنية؛ بينما الجماعات المتطرفة غير المدنية ، تعمل على إقامة الأنظمة الاستبدادية والقمعية والدكتاتوية.
كما أن الأحزاب السياسية والمدنية تحترم حقوق وحريات الإنسان، وتسخر كل جهدها في حمايتها والدفاع عنها والمحافظة عليها؛ بينما الجماعات المتطرفة غير المدنية لا تتردد في مصادرة وانتهاك حقوق وحريات الإنسان. فالإنسان وجد خادماً لها ومن أجلها، فلا حقوق له ولا حريات. 
كما ان الأحزاب السياسية المدنية لا تعمل على امتلاك أي مليشيات مسلحة خارج إطار القوات المسلحة، كون القوة والعنف ليسا من أدواتها؛ بينما الجماعات المتطرفة غير المدنية تعمل على امتلاك مليشيات مسلحة خارج إطار الجيش، لأن القوة والعنف أهم وسيلة تستند عليها لاستمراريتها وبقائها. كما أنها تمنحها القدرة على الحركة والاستيلاء على السلطة.
 
وبذلك، فإن الأحزاب السياسية المدنية تجيد التحرك والمناورة في ظل الأجواء السلمية، وتتراجع فاعليتها في ظل الأجواء العدائية والحربية. والعكس صحيح بالنسبة للجماعات المتطرفة غير المدنية، فإنها تجيد التحرك والمناورة في ظل الأجواء العدائية والحربية، وتتراجع فاعليتها في ظل الأجواء السلمية. 
وبعد هكذا مقارنة بسيطة، يمكننا تحديد ماهية ونوع كل حزب أو جماعة بكل سهولة، وتصنيف كل منها في مكانها وإطارها الصحيح، فلا يمكن لحزب سياسي مدني أن يقبل بالتطرف والتشدد والإرهاب، ولا يمكن لجماعة متطرفة أن تقبل بالمدنية والديمقراطية والحداثة والتعددية والحقوق والحريات الإنسانية. فلكل منها أفكاره ومشاريعه وسياساته وأفعاله وممارساته الخاصة به والمتناقضة مع الآخر، مهما حاول تغطيتها أو تغليفها بالشعارات البراقة والرنانة. والممارسات والأفعال على أرض الواقع تكشف حقائق وأهداف وغايات كل الأحزاب والجماعات. والواقع والميدان خير شاهد وخير دليل وخير كاشف. فما تخفيه الشعارات والأقوال والخطابات من غايات وأهداف ومشاريع تكشفه الوقائع والأحداث والافعال، فليس كل ما يقال صحيحاً، وليس كل ما يلمع ذهباً.