الــفــر حــة الــمــفــقــودة ..!!

11:01 2022/05/02

الهدف من الأعياد والمناسبات سواء الدينية او الاجتماعية ، هو إدخال الفرحة والسرور والبهجة والسعادة إلى القلوب ، لما لذلك من آثار إيجابية على الحالة النفسية والمعنوية ، فسعادة الإنسان هي غاية الغايات ، وهي الهدف النهائي الذي يسعى الجميع لتحقيقه والوصول إليه ، فالأديان السماوية حملت في طياتها كل التشريعات والأحكام التي تحقق للإنسان السعادة وتبعده عن الشقاء ، وكذلك الحال بالنسبة للمفكرين السياسيين فقد حاولوا عبر النظريات والأفكار السياسية التي وضعوها إلى تحقيق الرفاهية والسعادة للبشر ، وعملية تفسير وتأويل وشرح وتطبيق الشرائع السماوية والنظريات السياسية والأفكار الفلسفية بصورة مزاجية وإنتقائية ، هي السبب الأول في إنحرافها وخروجها عن مسارها الصحيح ، وعدم تحقيقها لأهدافها وغاياتها العظيمة والسامية ، فالمزاجية والانتقائية والنفعية في التفسير والشرح والتطبيق قد تسببت في شقاء ومعاناة وتعاسة البشر عبر التاريخ ..!! 
 
فمن تدفعه مصالحه وأطماعه الدنيوية والسلطوية إلى تفسير وتأويل التشريعات السماوية التي تجيز الحروب للدفاع عن النفس ورد العدوان وتنهى عن الإعتداء على الآخرين ، إلى أحكام وتشريعات تشرعن الاعتداء على الآخرين وتبيح دماؤهم واموالهم وأعراضهم وحقوقهم ، هو حتماً من يصنع الشقاء والتعاسة في حياة البشر ، في سبيل تحقيق اطماعه السلطوية ومصالحه الدنيوية ، ومن يفسر التشريعات السماوية التي أعطت البشر حرية إختيار الدين والمعتقد ، بتفسيرات تجيز له مصادرة هذا الحق وقتل المخالفين له في الدين وإباحة دمائهم وانتهاك حرماتهم ، حتماً هو من يصنع الكراهية والعداوة بين الإنسان وأخيه الإنسان ، وحتماً هو من يسرق الفرحة والسعادة من قلوب البشر ..!! 
 
ففي ظل الحروب والصراعات والكراهية والعنف تتلاشى كل صور الفرحة والسعادة في حياة البشر ، لتحل مكانها كل صور المآسي والأحزان والآلام ، والأنظمة السياسية والأجتهادات والتفسيرات البشرية ، التي تبرر الحروب والفتن والكراهية والتي تمجد القتل والقتال بدوافع سياسية وسلطوية ، هي بدون شك من تزرع الشقاء والبؤس في حياة شعوبها ، وهي حتماً من تسرق الإبتسامة من أفواههم والسعادة والفرحة من قلوبهم ، فلا مكان للفرحة في حياة شعوب منكوبة بالحروب ، ولا مكان للسعادة والتفاؤل في قلوب تملأ الاحزان مساحات شاسعة منها ، فكيف للطفل اليتيم الذي فقد والده بسبب الحرب أن يفرح ، وكيف للمرأة الأرملة التي فقدت زوجها وعائلها بسبب الحرب أن تتذوق طعم السعادة ، وكيف لمن فقد قريب له او صديق بسبب الحرب أن يشعر بشيء من الفرح ، وكيف للسعادة ان تتسلل ٱلى قلب إنسان فقد حقوقه وحرياته بسبب الحروب والصراعات ..!!
 
حتماً الحروب وثقافة العنف والكراهية هي من تحرم الأطفال من آبائهم والنساء من ازواجهن ، والقريب من قريبه ، وصاحب الحق من حقه ، وهي من تساهم في تعاظم الفقر والحاجة في اوساط المجتمع ، وهي من تقتل الأمل والتفاؤل في حياة أفراد المجتمع ، وهي من تسرق سعادتهم وأفراحهم ، ومن يريد ان يشاهد كيف يتم مصادرة السعادة والفرحة من قلوب الشعوب والمجتمعات ، ما عليه إلا مشاهدة حال الشعب اليمني الذي يعاني من الحرب للعام الثامن على التوالي ، الشعب الذي تملاء الأحزان والمآسي والكوارث مساحات شاسعة من حياته ، الشعب الذي بات كل حلمه هو البقاء على قيد الحياة ، الشعب الذي تلاشت معالم الفرح والسعادة من حياته ، الشعب الذي بات يقتات على الشعارات والمزايدات والمكايدات السياسية والوعود والمبادرات الأممية ، الشعب الذي يتجرع كل صنوف المعاناة والمآسي على مرأى ومسمع العالم الصامت والمتفرج ، الشعب الذي يعبث امراء وتجار الحروب والوكلاء الإقليميين والدوليين بمصيره وكل شيء جميل في حياته ، الشعب الذي فقد حتى القدرة على الفرح في مناسباته وأعياده كبقية البشر ..!!