تعز أثينا ليست إسبارطة!
09:48 2022/02/26
تعز صنعت نخبا ثقافية، وحرفيين مهنيين في شتي جوانب الحياة المدنية. وفي نفس الوقت عجزت تعز في تقديم نموذج لمؤسسة عسكرية منضبطة تحترم اللوائح العسكرية؛ هذه هي الحقيقة التي يجب أن نعترف بها.
ولكي نعرف مكمن الفشل الحاصل داخل الجيش في تعز، يتوجب علينا إن نعرف تاريخ اليونان ومدينة أثينا على وجه الخصوص.
كانت أثينا مدينة الثقافة والعلم؛ لذا حرصت الإمبراطورية اليونانية على عدم عسكرة مدينة أثينا، إدراكا منها بان المجتمع الشغوف نحو العلم والفن والأدب لا يفلح في الشأن العسكري.
كذلك كانت تدرك الإمبراطورية اليونانية أن تدخل العسكر في إدارة المجتمعات المدنية يفسد الحياة، ويخلق سلطة فوضوية لا تعمل وفق النظم والقوانين المدنية، ولا حتى وفق النظم العسكرية الضابطة.
لهذا عملت الإمبراطورية اليونانية على تشجيع المجتمع الأثيني على العلم بكافة المجالات الطبيعية والإنسانية، وأخضعت إدارة المجتمع الأثيني لسلطة العلم، ومنعت تدخل العسكر في إدارة المجتمع الأثيني.
وبهذا الأسلوب توصل العالم اليوم إلى أبكر النظم في إدارة الدول؛ ما يعرف بالنظام الديمقراطي الذي يرجع أصله إلى المجتمع الأثيني اليوناني، كما أن سائر العلوم الإنسانية والطبيعية يرجع أصلها إلى المجتمع الأثيني، باعتبار أثينا اليونانية أول مدينة في العالم خضعت لسلطة العقل والحكمة، ويعود الفضل لأثينا في ارتقاء المجتمعات ووصولها إلى ما وصلت إليه اليوم من تطور.
عموما، مثلما اهتمت الإمبراطورية اليونانية في بناء العقل الإنساني في المجتمع الأثيني، اهتمت أيضا في بناء الجسد وفنون القتال في المجتمع الإسبارطي ذات البيئة العسكرية.
ختاما، هل تدرك السلطة اليمنية بأن السياسية التي اتخذتها في تعز سياسة لتعطيل العقل وتدمير المجتمع المدني، سيكون لها انعكاسات سلبية ليس على تعز فحسب، بل على جميع أنحاء اليمن؟
هل تدرك السلطة اليمنية أنه كان بإمكانها أن تصنع من المجتمع التعزي مجتمعا أثينيا، لكن ليست بمقدورها أن تصنع من المجتمع التعزي مجتمعا إسبارطيا.