صنعاء وطوابير الجائعين

07:39 2020/04/26

يبدو أنّ رمضان هذا العام لن يختلف عن سابقيه في الخمس السنوات الماضية، بل إنه أسوأ حالاً، وأشد فقراً وعوزاً من سابقيه، كما يبدو لن يكون مجرد امتداد لمعاناة المواطن اليمني المستمرة جراء الانقلاب الحوثي، والفساد المستشري في الشرعية المغتربة المكتفية بالفندق كبديل كاف عن الوطن بالنسبة لهم، غير آبهين بمعاناة المواطن الذي ازداد معدل فقره ولم يعد فقط تحت "خط الفقر"، بل في هاوية كبيرة يخشاها الفقر نفسه.
 
الوضع المعيشي الصعب لأغلب سكان صنعاء انعكس على محياهم مهما تصنعوا البأس أو الرضا، فكل شيء من حولك يصرح بمأساته، بمعاناته، بالجور والقهر الذي تفرضه سلطة الأمر الواقع، غير آبهة بأنها "سلطة" قهرية قائمة على جيوب التجار ونهب المواطن، كل شيء في صنعاء يخبرك عن الخيبة التي تعرضت لها، فالحكومة المعترف بها دولياً اكتفت بالتغريد والتنديد، وكأنها راضية ببقاء الانقلاب وسيطرته عليها.
 
تبكي صنعاء ألقها، ورونقها الذي خفت وهي تنتظر الواصلين إلى نهم قبل نصف عقد من الزمن، وقد أقاموا الدنيا حينها، وصرحوا وفاخروا وتفاخروا بأنهم إليها قادمون، وعلى تحريرها من شريكهم "الحوثي" عازمون، وأرعدوا وأزبدوا وفي سبيل ذلك ألقوا القبض على "حمار"، وأقاموا الأفراح والليالي الملاح، وهي منتظرة تمر عليها الأيام تدميها يوما بعد آخر، ويأتي عليها رمضان فتختقها العبرة وهي تشاهد مواطنيها جائعين بعد عز، ومتسولين للفتات ممن سرق مرتباتهم، وبسياسة الإفقار قضى على كل مدخراتهم، وأصبحوا يتسابقون على المطابخ الخيرية، وينتظرون في طوابير طويلة ليحصلوا على "4 كدم وزبادي" وخمسين صورة وصرختين!!
 
ليست صنعاء بمفردها من تعاني من عملاء الدوحة وطهران، فكل المحافظات اليمنية تئن، وجميعهم يفتقدون روحانية رمضان وفرحة الناس الحقيقية به، في ظل حكم الفاشلين وتحكم الفاسدين بمصيرهم، ومن المؤكد أن هذا الحال البائس هو النعيم والعيش الرغيد الذي وعدت جماعات الإسلام السياسي في اليمن الشعب به، فهم لا يجيدون سوى صناعة الموت وقتل الفرحة والآمال وتفخيخ الأفكار بكل ما يلغي السعادة والطمأنينة ويزرع القهر والتخلف والجوع.