أين الراتب يا شرعيتنا المتخمة؟
تعددت في اليمن الحكومات، وفي المقابل توحدت معها معاناة اليمنيين ومآسيهم، والجميع يتقاذفون بهم من جحيم لجحيم أشد منه وأمر، وبالتالي لا فرق بين حكومة وأخرى طالما النتيجة تعذيب هذا الشعب المنكوب بهم من اقصاه إلى أدناه.
وصلنا لقناغة تامة أنه لا فرق بين حوثي وشرعية طالما النتيجة واحدة تجويع وانتهاك لكرامة اليمنيين وسحق لانسانيتهم في أتون نرجسية كل حكومة ابتلينا بها رغمًا عنا.
ها هو الشهر الثاني يمر والموظف الحكومي لم يستلم راتبه لشهرين متتاليين بينما ملايين الريالات تُصرف على رفاهية شلل الحكومة في الخارج والداخل. فما أسهل جوع الشعب ومعاناته وأنينه على حكومات تسكن في رفاهية ونعبم ونرجسية قاتلة.
يستحيل على المتخمين بأجاعنا ودمائنا وأموابنا أن يعرفوا معنى صراخ الأمعاء، وأنين البطون المسحوقة جوعا.. يستحيل على المترفين أن يعرفوا عذابات المنهكين وجوع البؤساء، حين يصبح الرغيف، رقمًا صعبًا في حسابات المتخمين بأوجاعنا، في حكومتي الداخل والخارج، وقد داسوا على أنين الجائعين ، لم يقطعوا الأعناق وحسب، بل حتى الأرزاق اغتالوها . ويبدو أن أعوام الجوع ستتوالى تباعًا مادام ضميرهم الميت هو سيد الموقف.
صحبح أن الرصاصة بجبروتها قتلت اجسادًا، ودمَّرت مدنًا، إلا أنها لم تستطع أن تحني أرواح اليمنيين، بل زادتنا اصرارًا على التمسك بالحياة..
ولم تستطع الحرب، خلال عقد من الزمن أن تفقدنا العزيمة والثبات، وكنا مستعدين أن نحتمل لألف عام حتى يتبين الخبط الأبيض من الأسود من الوطن.
شيء واحد فقط، ورعب واحد فقط، ومذلة واحدة فقط، تلك التي كسرتنا، وفتت أرواحنا، وانبتت في نظراتنا الهزيمة، إنه الجوع، وقطع الأرزاق ، الذي بدوره قطع صمام الكبرياء للمواطن اليمني بعد أن عجز كليًا عن توفير الخبز له ولأبنائه ومن يعول، وباتت مأساة قطع الرواتب حربًا شرسة قتلت اليمنيين جوعًا وحرمانًا ومذلة، وباتت ضحاياها، أكثر بكثير مما فعلته الرصاصة والبندقية، في حرب الكراسي والمناصب والأحقاد والعنت العظيم.
أصحاب الكراسي، فجَّروا رغيف البسطاء بأعيرة نرجسيتهم، لغّموا زاد المحتاجين ببارود أطماعهم ، فتتطاير شظايا وحممًا في أمعاء الجوعى أحرقتهم حتى آخر رمق.
مئات الآلاف من الأسر تجوع بصمت قاتل.. مئات الآلاف من عزيزي النفوس يختنقون ويموتون ألف مرة مع كل زفرة وزفرة، وقد أذلهم الجوع والحاجة، و سحقت كراماتهم تحت أحزمة المتخمين بأوجاعنا ، ونحن نحيا مهانة واذلال لم يسبق لها مثيل في تاريخ الشعوب.
فأين هم أولئك الذين كانوا ينادون بحق اليمني بالحياة الكريمة، والعدل والمساواة؟.. أين هم اولئك الذين كانوا يتشدقون بيمن خالٍ من البؤس،بينما زادونا بؤسا؟
أين أنتم من كل هذا العذاب والألم والأنين الذي يحياه الموظف اليمني؟، أم ان صمت القبور قد طغى على جميع حواسكم؟ وكيف يهنأ لكم عيش وملايين اليمنيين قد أكل منهم الجوع وشرب؟
و ما أسهل جوعنا، على المتخمين بدمائنا، و بخواء أمعائنا ومعاناتنا وجراحاتنا والأنين.
وأين الراتب يا شرعيتنا المتخمة؟!.