نحو وطن خالٍ من العنف والإرهاب الديني

08:49 2020/01/20

 
حان الوقت أن نتحرر من أحزاب الدين، حان الوقت أن نعيد ترسيم وتظهير المعادلة.
 
حان الوقت أن نعيد الله إلى المساجد، والسياسة إلى برامج ومقرات الأحزاب.
 
حان الوقت أن نحلم بدولة مدنية، تفكر بألف عام إلى الأمام، لا بإعادتنا ألف عام إلى الوراء. 
 
لسنا ضد الدين، نحن ضد إدارة السياسة بالدين والفتوى. 
 
اشحنوا المشايخ ورجال الدين، إلى حيث يشاءون، فقط لا تسلموا لأي منهم أحد اثنين: 
 
منصة الأحزاب، ورؤوس الأطفال. 
 
أعرف أن لا تقاعد في الأحزاب، ومع ذلك أتمنى أن يكون هناك نظام تقاعد فقط خاص بالإصلاح، يأخذ أحد الأجلين أيهما أسرع:
 
الإحالة المبكرة إلى المعاش، أو الصعود إلى السماء، كي ينزاح عن قلب الوطن، وعقول شباب السياسة في الإصلاح.
 
هذا الصف الطويل من مشايخ، نهج قروسطي عفا عليه الزمن، ودمقرطة فكر وأداء حزب جديد، فيه برنامج، يخلو من الشحن الديني العاطفي ضد المخالفين المغايرين الخصوم. 
 
 
 
ودائماً جماعة الإسلام السياسي، تحب الهروب إلى الأمام، من مواجهة الاستحقاقات، والبشاعات والانتهاكات، التي ستفجر من حولهم حمم ثورة، تنظيف واقتلاع.
 
 
 
دائماً كلما عرضت عليهم مشكلاً، فروا خفافاً إلى المربع صفر، باتجاه لبانة وعلكة:
 
 لا بأس في الانتهاك، يحدث ذلك في عدن؟!!!
 
 
 
“خالد سلمان يسيء للعقيدة والدين”..
 
خرجنا من رتابة الاتهام بالعمالة الممل، من الأوصاف التي لم تعد تحمل إبداع حقارة، وتجديد قذارات الوحل، إلى مرحلة خطيرة هي الاتهام الذي لا يغتالك معنوياً، بل يدفع بقاتل مؤدلج، أو قاتل غبي إلى أن يغرز سكين مطبخ في صدرك، وأنت في زحمة طريق. 
 
 
 
خطورة هذا الحزب وأحزاب الدين السياسي، هو في ما يلقنه لأعضائه، منذ التقاطهم من الكتاتيب، و فرق كرة قدم الحواري الفقيرة، تعليمهم السمع والطاعة، وتنفيذ ما يطلب منهم، من الأمير، طلبات تنتهي بالإرهاب والقتل وتصفية المنافسين والخصوم. 
 
 
 
ما يجعلنا نتطير منه، هو احتزامه بالرصاص، وبقنابل الدخان والتعمية بجمل دينية قاتلة، وبحاضنة ملغية الذهن، مسيطر على ردود أفعالها، تحت ما دون سقف الإذعان والخضوع. 
 
 
 
حزب الإصلاح أو الحوثي أو أي حزب ديني آخر، هو خطر داهم يجرك قروناً إلى الخلف، يرميك خارج نبض العصر، هو أحادي الفكر ثابت القناعات، لا يُؤْمِن بالشراكات، ويرى في نفسه صوت الله، والناطق الأوحد باسم الحقيقة. 
 
إنه يقتلك بإخراجك من الدين، ويهدر دمك على أيدي مجموعة صبية مغفلين. 
 
وربما يدين قتلك، يقيم لك تأبيناً معتبراً وجنازة تليق. 
 
 
 
“غير كلمة الإصلاح بالحوثي وأعد كتابة النص“..
 
الاثنان يشبهان بعضاً لا فضل حوثي على جماعتكم، إلا بمن هو أكثر قبحاً ودموية تخلفاً ودمامة.
 
 
 
كل حزب منكما يقتلنا باسم المقدس، أحدهما يضع دمنا إما مفرش مقيله، يوزعه وقت شاء على فرق الاغتيال، وآخر يؤممه لصالح أهل البيت، جميعهما يشبهان بعضاً، كما تتشابه دماء الفقراء المنسكبة بهتاناً، وقهر أمهات الضحايا. 
 
 
 
 جميعهم، جميعكم، قتلة لا فرق، إلا بمقدار كم كل منكما سلسلة فقرية كسر، وكم عظام جمجمة هشَّم، وكم أشلاء بعثر، وكم قهراً راكم وكم دماً سفح. 
 
 
 
أنتما معاً تختلفان بالمذاهب، بتوزيع المغانم والمصالح، وتتفقان على قتلنا، تتفقان على دمنا. 
 
 
 
“أنت تتحدث بلسان الطرف المهزوم”..
 
لم يتحرر الإصلاح، من لغة الاستعلاء والاستقواء بالسلاح والغلبة، وعقلية الصواب المسجل بالشهر العقاري، ولوح السماء المحفوظ باسمه.
 
 
 
لم يتعاط الإصلاح يوماً أن في هذه البلاد، كتلاً بشرية هي أكبر منهم قوة وعتاداً وعدداً، لم يقر يوماً بالشراكة وأن الوطن للجميع، والحكم للتوافق، والبندقية ربما تصنع نصراً، ولكنها لا تصنع سلاماً دائماً قابلاً للحياة. 
 
 
 
نعم نحن الطرف المهزوم، بقوة العنف والإرهاب الديني، والنفسي والبدني، ولكنها هزيمة تنضج بقوة العقل والتنوير والمعرفة، نصرها القادم المستدام. 
 
 
 
نحن الشعب الذي بمدنيته سيصنع غابة حرائق لبنادقكم، ويحدث المناقلة، نحن إلى الغد المشرق، وأنتم إلى قرون أمسكم الدامي الوحشي الكئيب. 
 
 
 
أنتم تنتصرون بحساب اللحظة، ونحن نهزمكم بحسابات المستقبل، نهزم مشاريعكم الظلامية الكهنوتية المتخلفة، وإلى الآبد.
 
 
 
تتحدث عن تديين السياسة، وتسييس الدين، تتحدث عن الإصلاح والأحزاب الدينية، وكيفية إنزال المقدس من عليائه، لتدنيسه بحيل ومناورات السياسة.
 
 
 
تتحدث عن تنظيف المساجد من أوكار القتل، وحلقات البارود الموجه، إلى تعبئة رؤوس صغار، وأطفال دروس الكره والموت، في زوايا دور العبادة. 
 
 
 
تتحدث عن أن الله لنا جميعاً، الله مشتركنا غير القابل للمفاصلة والاقتسام، هو واحد والأحزاب شيعاً وزمراً وقبائل.
 
تتحدث عن أن من يستغل الدين لتبرير القتل، هو مجرم حد الكفر بالله، والدين وكل المقدسات.
 
 
 
تتحدث عن كل ذلك، فتجد من يكفرك، يسميك كافراً لأنك اقتربت من وكر الذئاب، وعش دبابير القتل، وخوض الحروب باسم وبتفويض من الرب. 
 
 
 
أنت لا تتحدث عن المسجد، أنت تتحدث مع وليس ضد المسجد، مع أن يكون ساحة خالصة لله، لا ينازعه أحد من أرباب السياسة. 
 
 
 
جرك إلى مربع التكفير، هو لحرف مسار اهتمام الناس، وهو فعل مدروس، يندرج ضمن مناورة خلط الأوراق، وحشرك في زاويتهم، زاوية القتل وهدر الدم. 
 
إنه ذكاء غبي أو غباء ذكي لا فرق. 
 
 
 
تحالفتم على قتلنا، عشرات خيرة من أنجبتهم هذه الأرض، قتلتموهم بدم بارد، وفتوى دموية أمنية كافرة قذرة.
 
 
 
الآن تختصمون بالكلام، تتلاسنون فيما بينكما، بالخطب والبيانات، وغداً توحدون البندقية لغزونا وذبحنا مرة ثانية. 
 
لا فرق بين دين قاتل وقاتل، إلا بمساحة هدر دمنا. 
 
 
 
“من قتل جار الله هو عفاش؟”..
 
لم يعد سوى أن يقول أعضاء الإصلاح: إن عفاش هو من منح القاتل بطاقة دعوة حضور المؤتمر، وأنه هو من مرر القاتل بمسدسيه، من بين كل لجان امنكم!!
 
 
 
لم يبق سوى القول: إن جار الله قُتل في قاعة مؤتمر الشعبي العام، لا في قاعة الإصلاح، بل إن جار الله لم يُقتل أو قتل نفسه، وأن ما يشاع عن موته، فرية تستهدف حزبكم. 
 
 
 
جار الله قُتل بالشراكة الكاملة بينكما، والتواطؤ الكامل مع مشايخ فتوى ودراكولات حزبكم..
 
سيدي؛
 
تحن لا ننسى قتلانا.. نحن لا نغفر. 
 
 
 
قتلتمونا في مطلع الوحدة وتحالفنا معكم، شكلتم لجان فتوى، اهدار دمنا في شوارع صنعاء، وضربنا صفحاً عما حدث.
 
 
 
لم تراجعوا فتوى التترس وقصف مدنيي عدن، لم تنقدوا غزوكم، لم تسقطوا عن تاريخكم، انتهازية الدين والسياسة والمصالح.
 
 
 
قلنا إن سقف "المشترك" سيذهب عنكم سلوك القطيع، يؤنسنكم ويجعلكم أكثر سياسة ومدنية، قتلتم مهندس المشترك، في قاعة مؤتمركم، وببطاقة دعوة لقاتل مزنر بمسدسين. 
 
 
 
اطمئنوا قتلتمونا مرتين، لن نجعلكم تقتلونا لمرة ثالثة. 
 
بعد الحمادي الشهيد، لم نقاوم قطيع حزب الدين، نحن من سندعوكم إلى قتلنا سنبارك على يدكم موتنا، ونعلن أننا شعب يستحق الموت، شعب لا يستحق شرف العيش والحياة. 
 
 
 
لم يقتل أحد الوحدة سواكم، 
 
لم ينحر أحد الاعتداد بالانتماء سواكم،
 
لم يجِز أحد الغزو، والفيد واستباحة المدن سواكم،
 
لم يقطع أحد، شرايين وأوردة، التواصل والمحبة، بين أبناء أرض واحدة سواكم. 
 
لم يعد أحد الناس إلى التخندق لحماية الذات، من همجيتكم، سواكم، 
 
لم ينشر أحد ثقافة كره جغرافية الآخر، والاصطفاف بين الناس، ليس على حامل الحلم المشترك، بل على اللهجة واللكنة، سواكم. 
 
 
 
غداً ننتصر على كل هذا الكره نوقف النزف، ومن دون سواكم، نرمم تشققات الجسد، نشفي الجروح، ونعيد من دونكم بناء وهندسة خارطة الوطن الجديد.
 
 
 
* من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك