سرطان الحوثي وتكالب الأيادي المشبوهة .. اليمن لا يحتاج إلى وصاية ولا احتلال جديد
من يستعرض مشاريع البُنى التحتية في اليمن، من موانئ ومحطات كهرباء، إلى مصانع وخزانات نفط، وصوامع غلال، ومستشفيات، ومدارس، وجامعات، وطرقات... الخ، يُدرك أنها لم تهبط هكذا من السماء، بل شُيّدت عبر عقود طويلة، بعرق وتعب وصبر اليمنيين وجهود مرحلة سياسية انطلقت من فجر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وبلغت ذروتها في عهد الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق، الذي شهدت البلاد في عهده ازدهارًا حقيقيًا تمثل في إنجاز مشاريع خدمية وتنموية كبرى.
هذه المنشآت لم تكن مجرد خرسانة وحديد، بل هي أعمدة ارتكزت عليها الدولة والاقتصاد الوطني، وشاهد على التنمية والبناء والإعمار، وشرايين حياة استفاد منها ملايين المواطنين في مختلف أرجاء اليمن، وتدميرها ليس سوى خسارة فادحة لليمن واليمنيين.
كانت اليمن تعيش أزهى مراحلها، تنعم بالأمن والاستقرار والتنمية والبناء، حتى اجتاحتها الجائحة الحوثية، ذلك السرطان الخبيث الذي غرسه نظام طهران في الجسد اليمني، ليصيب البلاد بمقتل، وبشلل تام، وركود وتخلف ودمار، ويعيد عجلة التنمية عقودًا إلى الوراء، حين كان الشعب اليمني يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة في عهود الإمامة البائدة.
لم تكتفِ العصابة الحوثية المارقة بإشعال الفتن وتفجير المساجد والمدارس، بل دمّرت المرافق الحيوية بكل وحشية وتجبر وغطرسة، وحوّلتها إلى أهداف عسكرية وساحات لتصفية الحسابات والحرب بالوكالة. ولم تكتف بذلك، بل استدعت الخارج ليشاركها في مشروع التدمير المنهجي والهمجي.
وقائع الأحداث تثبت أن الحوثي لا يقاوم "العدو" كما يدّعي، بل هو أداة هذا العدو لتمزيق اليمن وتحويله إلى تابع خاضع للمشروع الفارسي. إنه الذراع القذر الذي يستخدم لزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، ولتهديد الملاحة الدولية.
أما مفرقعات عبد الملك الحوثي الإعلامية، وخطاباته الطائفية، ورفع شعار غزة ونصرتها، فليست إلا شعارات جوفاء أضرت بغزة وتسببت في دمارها، كما فعلت وتفعل حركة حماس الإخوانية. لم يقدّم الحوثي شيئًا لفلسطين، سوى محاولته صرف الأنظار عما يرتكبه في اليمن من تدمير ممنهج، وفتح الباب أمام مشاريع الاحتلال الإيراني.
والأخطر من ذلك كله، أن الشارع اليمني صُدم مؤخرًا بدعوات مشبوهة من تكتلات سياسية تطالب بالتدخل الأجنبي في الشأن اليمني، وكأنهم لم يتعلموا شيئًا من مأساة العراق، حين لعب المدعو "احمد الجلبي " دور العميل، وأقنع الولايات المتحدة بإسقاط صدام حسين عام 2003، ليتضح لاحقًا أنه يعمل لصالح إيران، وينتهي نهاية مخزية.
وهل نسي هؤلاء تجربة أفغانستان حين رهن حامد كرزاي القرار الوطني للبيت الأبيض، ثم خرج من الحكم خائبًا، بعد أن خذله من استدعاهم أول مرة؟!..
اليمن لا يحتاج إلى جندي أمريكي ولا غيره لتحريره من الحوثي، بقدر حاجته إلى ترك الساحة للقوات اليمنية لتقول كلمتها في أرض المعركة، بعيدًا عن "الفيتو" والخطوط الحمراء التي أعاقت – وما تزال – أي تحرك عسكري جاد لاجتثاث هذا الورم الحوثي من جذوره.
لدينا رجال أشداء لا ينامون، من تعز إلى مأرب، ومن شبوة إلى صعدة. رجال في الجيش الوطني والمقاومة، ورجال في القبائل، وشباب في الأحياء. جميعهم يعرفون الحوثي ويعرفون كيف يواجهونه ويكسرون مشروعه السلالي.
الشعب اليمني – برجاله ونسائه، بشيوخه وشبابه – هو القادر الوحيد على تحرير وطنه واستئصال هذا السرطان من كل شبر فيه. لسنا بحاجة لمحتل جديد يلبس قناع المنقذ، ولا إلى متسلقين يبيعون القرار اليمني لمن يدفع أكثر أو لمن يمنحهم كرسياً في السلطة.
اليمن سيُحرر بسواعد أبنائه، لا بتدخل أجنبي يعيد سيناريو العراق وأفغانستان، ولا بأجندات عميلة تتخفى خلف شعارات كاذبة. هذا وطن يعرف أعداءه، وسينتصر ويستعيد حريته مهما طال الزمن.