هانس غروندبرغ.. مبعوث أم "مندوب سامٍ" للحوثيين؟!

02:46 2025/04/25

من المفترض أن يحمل المبعوث الأممي إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، راية الحياد والوساطة، لا أن يتحول إلى ظل دبلوماسي يرفرف خفيفًا خلف عباءة طهران. يبدو أن المبعوث الأممي قد اتخذ من "السلام" شماعة يعلّق عليها كل المبررات لتبرئة مليشيا حوثية يعرفها العالم كله بأنها جماعة إرهابية، إلا هو!.

فبينما تتسابق دول العالم لتصنيف هذه العصابة المسلحة كمنظمة إرهابية، ويدوّي صراخ الضحايا من تحت أنقاض جرائم الحوثي من صعدة حتى الحديدة، لا يزال السيد هانس منشغلًا بتوزيع الابتسامات داخل الصالات الإيرانية، وتبادل "النوايا الحسنة" مع من يُصدّرون الحقد إلى اليمن. أصبحنا كيمنيين تواقين للنجاة لا نعرف إن كان يحمل في جيبه مبادرة سلام أم خارطة طريق لشرعنة الإرهاب.

مهمته في إحلال السلام اتخذت منحى آخر لا يتوافق مع واقع الإرهاب والإجرام الي يرتكبه الحوثي في اليمن من أقصاه إلى أدناه، فأي سلام هذا الذي يتغاضى عن تجنيد الأطفال وسحل الصحفيين وخطف النساء، وتفخيخ المدارس ونسف المنازل؟.. وأي "دور أممي" يُمارس بالصمت المطبق أمام جريمة اختطاف الموظفين الأمميين والدوليين، وجريمة الصواريخ والمسيّرات التي تهدد أمن الإقليم وتستهدف الملاحة الدولية؟!. 
وإزاء كل هذه الانتهاكات، هل باتت مهام المبعوث الأممي تشمل “ترميم صورة الحوثي” وتلميعه إعلامياً بدلاً من تحميله المسؤولية؟، أم أن مكتبه في صنعاء تحول إلى "صالة تجميل سياسية" تعيد طلاء إرهابيي الحرب بلون السلام الزائف؟!.

من الواضح أن السيد غروندبرغ تجاوز كونه وسيطًا، وبات بحكم المواقف أقرب إلى المندوب السامي للحوثيين لدى الأمم المتحدة. يتجول بحرية، يلتقي قيادات النظام الإيراني كأنما هم طرف "محايد"، بينما الحقيقة أن سجادهم الدبلوماسي مبلل بدماء اليمنيين.

ولأن الكوميديا السوداء لا تكتمل إلا بالتناقض، نسمع في خطاباته مصطلحات عن "عملية السلام" و"ضرورة التهدئة"، و"العيش بكرامة ورخاء"، فيما تسيل أنهار من الدماء اليمنية البريئة وتُحرق مدن ويُشرد شعب بأكمله على وقع صمته المطبق، وعلى وقع انحيازه لمجرمي الحرب الحوثيين. وكأن السلام مجرد فقرة بلاغية في تقرير ربع سنوي، تُستخدم للتغطية على حقيقة مفادها أن هناك شريكاً غير معلن في الجريمة.

إن المجتمع الدولي مدعوّ اليوم إلى مساءلة هذا المبعوث، لا عن أدائه فقط، بل على موقفه الأخلاقي والإنساني. فليس من العدل أن يظل وسيط الأمم المتحدة حريصًا على مشاعر الجلاد أكثر من صرخات الضحايا وأنين شعب . وليس من الحياد أن تتساوى الضحية بالقاتل باسم "التوازن الدبلوماسي".

ببساطة، إن لم يكن هانس غروندبرغ قادرًا على تسمية الأمور بمسمياتها، فليتنحّى جانباً ويترك اليمنيين يبحثون عن مبعوث لا ترتعد يداه حين يكتب كلمة "إرهاب".

حقيقة، اليمن لا يحتاج إلى كاهن سلام يعقد جلسات تأمل في طهران، بل إلى وسيط شجاع يسمع أنين الناس وأوجاعهم لا أهواء المليشيات.

هل نطلب الكثير؟، أم أننا فقط نطالب المبعوث بأن يكون مبعوثًا لا "مدافعًا علاقاتياً" عن الإرهاب؟!.

وفي الأخير، ما يثير الدهشة موقف الشرعية من تحركات غروندبرغ التي اقل ما يمكن وصفها بالمشبوهة في اكثر من عاصمة لانقاذ المليشيا بعد ان كثر الحديث عن عمليات برية متوقعة لاقتلاع العصابة من جذورها.

إذا كان للشرعية موقف جاد في حربها مع الحوثي، يجب عليها أن تطالب بتغيير المبعوث الأممي الذي أصبحت تحركاته المثيرة للجدل، وفي الوقت الضائع لمنح تلك العصابة ترياق الحياة. ليس هذا فحسب، بل على الشرعية بدلًا من التغني بأنها جاهزة للمعركة الفاصلة، أن تلغي اتفاق ستوكهولم  وتصحح مسارها والانتقال من الخطابة الى الفعل على الأرض، فنجاة الحوثي تحت يافطة السلام لا يعني سوى تشييع الشرعية إلى مثواها الأخير.