Image

لندن تحمّل الحوثيين المسؤولية .. وخبراء يحذرون " الكارثة كبرى " هجمات البحر الأحمر وكارثة "روبيمار"

حمّلت المملكة المتحدة، الأحد، مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية، المسؤولية الكاملة عن إغراق السفينة "روبيمار" والتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر.
وأكدت في بيان نشرته سفارة بريطانيا لدى اليمن على منصة "إكس" ، ان "الحوثيين يتحملون المسؤولية الكاملة عن الغرق المأساوي لسفينة الشحن "ام في روبيمار" رغم التحذيرات الدولية من استمرار هجماتها العبثية على الملاحة في البحر الأحمر، متسائلة " كيف يكون دعم غزة بالتسبب بكوارث بيئية"؟

خطر بيئي كبير
وأشارت السفارة إلى أنه رغم الجهود الدولية، إلا أن الحوثيين تسببوا في غرق سفينة الشحن التي ترفع علم بليز وتديرها لبنان، ما سيؤدي لتسرب 41 ألف طن من الأسمدة التي كانت تحملها بجانب وقودها إلى البحر الأحمر. وأكدت أن ذلك يشكل "خطرا بيئيا ويتحمل الحوثيون المسؤولية الكاملة عنه".
وحسب البيان، أدانت المملكة المتحدة، إلى جانب الشركاء الدوليين، مرارًا وتكرارًا الهجمات المتهورة وغير المقبولة التي يشنها الحوثيون، ولولا الجهود الدولية لحماية الشحن التجاري الدولي لعانت الكثير من السفن الأخرى هذا المصير. يجب على الحوثيين تقديم المصالح اليمنية على ما سواها أولا ووقف هذه الهجمات.
وفي 18 فبراير 2024، تعرضت السفينة لهجوم صاروخي من قبل الحوثيين أثناء تواجدها في البحر الأحمر، لتغرق في الثاني من مارس الجاري على خلفية الهجوم الحوثي، وعلى متنها 41 ألف طن من الأسمدة الخطيرة، ما ينذر بوقوع كارثة بيئية كبيرة في البحر الأحمر.

خطر تحت سطح السفن
من جانبها، أكدت القيادة الأمريكية "سينتكوم"، أن غرق سفينة "إم في روبيمار" يمثل خطرًا بيئيًا على البحر الأحمر.
وأشارت سنتكوم في بيان على منصة "إكس"، إلى أن السفينة التي استهدفها صاروخ حوثي في 18 فبراير الماضي، تمثل خطرا تحت السطح على السفن الأخرى التي تعبر ممرات الشحن المزدحمة في هذا المعبر المائي.
وشددت القيادة، على أن ما يقرب من 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم التي كانت تحملها السفينة، تبقى خطرًا بيئيًا في البحر الأحمر. 
وغرقت ناقلة البضائع المملوكة للمملكة المتحدة والتي ترفع علم بليز، السبت 2 مارس،  بعد أن استهدفها صاروخ باليستي مضاد للسفن، قبل نحو أسبوعين.
وقالت القيادة الأمريكية، إن السفينة كانت تغرق ببطء منذ الهجوم غير المبرر.
وبحسب "سنتكوم"، يشكل الحوثيون المدعومين من إيران تهديدا متزايدا للأنشطة البحرية العالمية، مؤكدة أن الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف ملتزمين بحماية حرية الملاحة، ويسعون جاهدين لتعزيز سلامة وأمن المياه الدولية للشحن التجاري.

تهديد خطير للحياة 
وفي هذا الصدد، قال علي السوالمة، مدير محطة العلوم البحرية في الجامعة الأردنية، لوكالة رويترز، إن إطلاق نحو 41 ألف طن من الأسمدة في مياه البحر الأحمر يشكل تهديدا خطيرا للحياة البحرية.
وأضاف السوالمة، أن الحمل الزائد من العناصر الغذائية يمكن أن يحفز النمو المفرط للطحالب، مما يؤدي إلى استهلاك الكثير من الأكسجين، بحيث لا تستطيع الأحياء البحرية البقاء على قيد الحياة.
وشدد على ضرورة تبني دول البحر الأحمر خطة عاجلة لوضع أجندة مراقبة للمناطق الملوّثة في البحر الأحمر واعتماد استراتيجية للتطهير.

لمنع وقوع الكارثة
بدوره، قال شينجتشن توني وانج، الأستاذ المساعد بقسم علوم الأرض والبيئة في كلية بوسطن، لرويترز، إن التأثير الإجمالي يعتمد على كيفية استنفاد التيارات المائية للأسمدة وكيفية إطلاقها من السفينة المنكوبة.
ويمتاز النظام البيئي لجنوبي البحر الأحمر بالشعاب المرجانية وأشجار المانجروف الساحلية والحياة البحرية المتنوعة.
وأضاف وانج: “إذا تم إنقاذ السفينة قبل حدوث تسرب كبير، فقد يكون من الممكن منع وقوع كارثة بيئية كبرى”.

سباق مع الزمن 
بإمكانات محدودة لمواجهة كارثة بيئية ناتجة عن غرق السفينة البريطانية "روبيمار" في البحر الأحمر؛ دخلت الحكومة اليمنية في سباق مع الزمن، أملاً في انتشالها والحد من الآثار التي ستخلفها حمولتها على البيئة البحرية في البلاد ومحيطها.

آثار سيئة وطويلة الأمد
من جانبه، أوضح رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن فيصل الثعلبي أن السفينة الغارقة تحتوي على مشتقات نفطية مكونة من المازوت بنحو 200 طن والديزل بنحو 80 طناً، ويقول إن هذه من المواد خطيرة جداً، ولها آثار سيئة طويلة جداً على التنوع البيولوجي المميز للبحر الأحمر، وأيضاً تلويث الشواطئ والجزر المتاخمة، إضافة إلى تأثيرها أيضاً على المجتمع المحلي الذي يعتمد على الصيد بوصفه مصدراً أساسياً للعيش.
يبيّن المسؤول اليمني أن أثر التلوث البيئي جراء غرق السفينة سيمتد أيضاً إلى آبار المياه سواء السطحية أو القريبة جداً من مواقع التلوث، وكذلك تلوث محطات التحلية التي تعتمد على مياه البحار سواء في الجزر أو المناطق المتاخمة التي تعتمد على مياه البحر في التحلية واستخدامها مصدراً أساسياً للحصول على مياه الشرب.

مكامن الخطر المحدق
ولن يقتصر التأثير البيئي بسبب الحمولة من الوقود، وفق الثعلبي، بل إن البيئة البحرية ستُلوث أيضاً بسماد فوسفات الكبريت من خلال تفاعل هذه المواد مع مياه البحر، حيث سينتج عنها تحرير بعض الأيونات مثل أيون الكبريت وأيون الفسفور الذي يكون بنسب كبيرة، وهذه الزيادة لها تأثير - وفق المسؤول اليمني - على انخفاض في مستويات الأكسجين، وذلك سيؤدي إلى خلل بيئي في مياه البحر، وسيؤثر سلباً في صحة التنوع البيولوجي الذي تتميز به البحار.
ويوضح الثعلبي أن تلوث البحر سيساعد على نمو الطحالب التي ستستهلك الأكسجين، وستحجب ضوء الشمس عن الأحياء الموجودة في البحر، ويؤكد أن هذه المواد وتسريبها إلى البحار أو إلى شبكات الصرف الصحي لها آثار سيئة على البيئة وعلى صحة الإنسان على حد سواء.

سيناريوهات محتملة
وبخصوص الإجراءات الفورية التي اتخذت بعد غرق السفينة، يبيّن المسؤول الأول عن قضايا البيئة "فيصل الثعلبي"، أنهم اعتمدوا خطة تتضمن السيناريوهات المتوقعة من بينها السيناريو الأسوأ من خلال مراقبة الشواطئ حيث تعمل هيئة الشؤون البحرية في المناطق المتضررة بالتعاون مع الجهات المختلفة، كما تواصل خلية الأزمة مناقشة الإجراءات المتبعة، وأكد أن هناك جهوداً تُبذل من الحكومة من أجل إنقاذ السفينة وإخراجها.
وبالنسبة لفرضية انكسار جسم السفينة وسبب غرقها يقول الثعلبي إن هذا الاحتمال قد يكون سبب غرقها لأن "العنبر رقم واحد والعنبر خمسة" قد تضررا بالضربة الصاروخية، وتدفقت المياه إلى مؤخرة السفينة بشكل غير عادي، وقد تسبب بزيادة الثقل في الجهة الخلفية، وقد يكون هذا الاحتمال.
وأوضح الثعلبي أن الجزم بهذه المسألة يتطلب نزول الجهات المختصة إلى قاع البحر، وهو الأمر الذي لم يحدث في اليوم التالي للغرق بسبب الأجواء في المنطقة من جهة سرعة الرياح ودرجة الحرارة.
وقال إن فريقاً من الهيئة العامة للشؤون البحرية وهي جهة الاختصاص في مكافحة التلوث البحري توجهت إلى ميناء المخا، وعند استكمال مهمتها سيكون بحوزة خلية الأزمة المعلومات الكاملة خلال اليومين المقبلين.

دعوة للتحرك العاجل
مع تعاظم المخاوف من الأثر البيئي الكارثي جراء غرق السفينة، كان رئيس الحكومة اليمنية قد شدد على التحرك العاجل من قبل الجهات المعنية الدولية لتلافي آثار الكارثة.
وحذر رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، في تصريحات خلال لقائه في الرياض السفير الأمريكي ستيفن فاجن من كارثة بيئية كبرى مع إعلان خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة عن غرق السفينة، بسبب إصرار المليشيات الحوثية على إغراقها، وتقاعس مُلاك السفينة عن التعاون مع الحكومة اليمنية.
وناشد بن مبارك المجتمع الدولي إلى التحرك العملي والعاجل وتشكيل خلية طوارئ دولية لإنقاذ البحر الأحمر ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.

التنسيق مع مصر 
وفي هذا الشأن، أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني احمد بن مبارك، الاحد، اتصالا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، تناول التنسيق الثنائي تجاه التطورات الإقليمية، وانعكاساتها على مصالح البلدين الشقيقين، على ضوء الاحداث الجارية في البحر الأحمر والتي آخرها اغراق السفينة "روبيمار".
كما تناول الاتصال، التطورات الحالية في البحر الأحمر، وانعكاساتها الأمنية والاقتصادية والبيئية على اليمن ومصر ودول المنطقة عموماً.
وكان الوزير المصري شكري شارك في الاجتماع التشاوري للوزاري الخليجي المنعقد في الرياض، حيث تناول تهديدات أمن الملاحة في البحر الأحمر.

إصرار ايراني – حوثي
إلى ذلك، أصرت مليشيات الحوثي على مواصلة عملياتها الارهابية في البحر الأحمر والتسبب في كوارث بيئية واقتصادية على اليمنيين، مؤكدة مواصلة إغراق مزيد من السفن البريطانية في البحر الأحمر.
وأقرّت مليشيات الحوثي، بوجود تنسيق مشترك وغرفة عمليات مع الإيرانيين وحزب الله تدير عملياتها العسكرية التي تستهدف سفن الشحن الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال القيادي في صفوف مليشيات الحوثي عبدالملك العجري، للجزيرة، أن هناك "غرفة عمليات وتنسيق مشترك  مع الإيرانيين وحزب الله على كل المستويات بما فيها العمليات العسكرية قبل وبعد أحداث 7 أكتوبر باعتبار ذلك محور مقاومة وجبهات إسناد للفلسطينيين"، حسب زعمه.

إيران والبحر الأحمر
ياتي ذلك متزامنا مع اصرار ايران على التدخل في شؤون المنطقة واليمن من خلال سعيها لبناء قاعدة عسكرية في السودان مطلة على البحر الأحمر.
وقال مسؤول استخباراتي سوداني لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن الجيش رفض عرضا من إيران لتزويده بمسيّرات مقابل منح طهران إذنا بإنشاء قاعدة بحرية دائمة على البحر الأحمر.
وعرضت إيران بحسب المسؤول السوداني إمداد الجيش بسفينة حربية قادرة على حمل مروحيات ومسيّرات إذا وافق على إنشاء القاعدة العسكرية لطهران على البحر الأحمر.
وقالت "وول ستريت جورنال"، إن إيران تهدف إلى مراقبة حركة المرور البحرية من وإلى قناة السويس ، مع مواصلة امداد الحوثيين بالاسلحة والمعلومات الاستخباراتية حول حركة السفن التي يجب استهدافها.
وبحسب الصحيفة، تنظر إيران بشكل جيوسياسي استراتيجي، من واقع اهتمامها بالحصول على موطئ قدم في سواحل البحر الأحمر، وهذه الإطلالة ستعزز نفوذ طهران في المنطقة في ظل وجود حلفاء لها مثل جماعة الحوثي باليمن المطل أيضا على البحر الأحمر.
وتشير "وول ستريت جورنال"، الى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن طهران تخطط لاستخدام علاقاتها مع الجيش السوداني لتعزيز تحالفاتها الإقليمية لممارسة المزيد من القوة في الممرات المائية الاستراتيجية في البحر الأحمر.

موقف خليجي جديد من ايران
وعلى ضوء هذا الاصرار الايراني عبر ذراعها في اليمن الحوثية، في تحويل المياه العربية في البحر الأحمر إلى بؤرة ارهابية وصراع يهدد حياة اليمنيين وسكان الدول المشاطئة، 
اعلنت دول الخليج استعدادها للتقارب مع ايران والتعامل الصحيح مع ملفها النووي.
وكان البيان الختامي للاجتماع الوزاري الخليجي المنعقد في الرياض، الأحد، أكد أن الأمن المائي لمصر والسودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي؛ مؤكدًا رفضه المساس به.