Image

صوت الخير طغى على فعل الشر .. جريمة جامع الرئاسة تجاوزت كل المحرمات الدينية والسياسية

تحل علينا ذكرى الجمعة الأولى من شهر رجب الحرام، هذا العام، لتذكرنا بأبشع جريمة سياسية شهدها تاريخ اليمن بكل مراحله، استهداف جامع الرئاسة بصنعاء من قبل تجار الدمار والشر.
تؤكد الشواهد الحية التي عاشتها البلاد وتعيشها منذ ارتكاب تلك الجريمة، پأن مرتكبيها فاشلون سياسيا وإداريا، فقد فشلوا على مدى تاريخهم السياسي في اقناع الشعب أنهم جديرون بتولي الحكم، فكانت صناديق الانتخابات اكبر شاهد على ذلك.

وكما فشلوا سياسيًا، فشلوا إداريًا بعد سطوتهم بالخيانة والعمالة على مفاصل السلطة منذ العام 2012، وحتى اليوم، لم يتمكنوا خلالها من إدارة مؤسسة رسمية واحدة بطريقة صحيحة، فلم تسجل في صفحاتهم اي مشاريع تنموية تخدم المواطنين،  بل امتلأت بتهم الفساد وسرقة المال العام، والخيانة والنهب والسلب والسطو وجميع الجرائم بما فيها القتل والاغتصاب.

الجريمة الشاهدة
في أول جمعة من شهر رجب من العام 1432 هجرية، الموافق الموافق 3 يونيو 2011، اقدمت أدوات الفوضى والعمالة على ارتكاب جريمة تفجير جامع دار الرئاسة في العاصمة صنعاء، في محاولة منها لاغتيال أعلى هرم في السلطة الرئيس علي عبدالله صالح، وكبار رجالات الدولة حينها، دون احترام للمكان والزمان المقدسين.
وفي لحظة ايمانية حاول الزمن ان يتوقف ويوقف مسيرة الحفاظ على اليمن وصون دماء اليمنيين، لكن بشاعة الجريمة وخبث مرتكبيها، شفعت للبلاد والعباد، ان تفشل خططهم رحمة باليمن واليمنيين.
ومع أن الجريمة خلًفت شهداء من خيرة أبناء اليمن الأوفياء، إلا أن القدر حفظ رمز الحياة في هذه البلاد، الذي صدح بصوته من وسط آلامه مطمئنا كل اليمن انه بخبر قائلا بلغة القائد "ما دام انتم بخير، أنا بخير".
كلمات الزعيم الشهيد حينها، ومنبع خوفه على الوطن والمواطنين الى جانب انها جنبت البلاد حربًا شعواء، وهو ما يجسده القادة العظام في مثل هكذا مواقف، بل ستظل تلك الكلمات تحاكم مرتكبي الجريمة حتى بعد وفاتهم، فالفعل جلل وحرمة المكان والزمان وسفك دماء الأبرياء اكثر حرمة عند الله.

دموية تجار الدمار
وبعد مرور 14 عامًا على الجريمة، ظل مرتكبيها في اطار لعنة الدماء التي سفكوها في جامع دار الرئاسة وفي أول جمعة من رجب الحرام،  فشتتهم القدر ليكونوا عبرة لغيرهم، ففضحهم الزمن بعد ان صاروا عصابات دموية تقتات وتعيش على معاناة الابرياء ونهب ممتلكاتهم وثرواتهم.
دموية العصابات تجسدت في شركاء الخراب والدمار منذ ذلك اليوم المشؤوم، واستمروا فيها حتى اليوم، بل عاقبهم الله ان جعلهم احاديث الناس في السوء، وما يجري لهم في بارات الخمور والدعارة وتجارة الممنوعات التي يمارسوها خير دليل.

تقاسم الشر
ومنذ الوهلة الاولى لبدء مؤامرتهم على الوطن والمواطن، دخلت عصابات الشر ، وشركاء الجريمة في تقاسم كل ما يخص الشعب، وما إن وصلوا اليه عبر الارتهان للخارج حتى تقاسموه كجماعات وتسخيره لصالحهم، وانصارهم على مستوى الساحة اليمنية.

تعددت المصالح وغاب الوطن
ومنذ ارتكاب تلك الجريمة من قبل شركاء ساحات الفوضى، حاول الرئيس علي عبدالله صالح، اخر رؤساء البلاد المنتخبين ديمقراطيًا، حماية مؤسسات الدولة ومكاسب الجمهورية والثورة والوحدة، وظل يناضل من اجل ذلك حتى استشهد في سبيلها في ديسمبر ٢٠١٧.
ومنذ ذلك الحين، بدات مؤامرة شركاء الجريمة يخططون لمرحلة ما بعد اسقاط النظام، اي مرحلة الفوضى التي اوجدوها بيئة لهم، فهم لا يستطيعون العيش في بيئة نظام وقانون، فالعصابات مكانها الطبيعي بيئة الجرائم والدمار والخراب وسفك الدماء، وهو ما تجسد في افعالهم منذ تسلمهم للسلطة بمباركة شركائهم الاقليميين والدوليين.
وما إن وصلوا شركاء الجريمة السلطة حتى عمدوا الى طمسها وايقاف التحقيقات والمحاكمات بشأنها، رغم تصنيفها دوليا وامميا على انها جريمة ارهابية، ورغم معرفة مرتكبيها.
ومع مرور السنوات تكشف للجميع بأن المستهدف في جريمة جامع الرئاسة الى جانب شخص الزعيم الشهيد الصالح، كان الجمهورية والثورة والوحدة والنهج الديمقراطي، والجيش اليمني، ومنجزات اليمنيين التنموية والحيوية وحتى تاريخ البلاد الضارب في عمق التاريخ.
وما على المتتبع لمسار الاحداث في اليمن منذ بداية الفوضى في فبراير ٢٠١١, حتى اليوم، إلا قراءة ما جرى واهداف جريمة جامع دار الرئاسة، وتفجير الحرب، ومحاولة القضاء على انتفاضة ديسمبر بالمؤامرة على الرئيس الشهيد الزعيم الصالح، وما يجري في البحر الاحمر وباب المندب، وفي جنوب الوطن وتدخلات الغرب والاقليم.
والى جانب تدمير مؤسسات الدولة ونهبها ومحاولة طمس الهوية اليمنية وتجريف التعليم، والفساد المستشري وغياب السلطات الفعلية، وما تعيشه البلاد من انهيارات في جميع مقومات الحياة، كل ذلك بدأ باستهداف جامع الرئاسة ولن ينتهي إلا بتحقيق العدالة والقبول بالآخر والعيش المشترك في اطار مواطنة وحقوق متساوية.