Image

"كارثة بيئية" سببها الحوثي.. "روبيمار" سفينة تهدد حياة اليمنيين انطلاقًا من سواحل الحديدة

تتواصل التفاعلات المحلية والدولية حول ما سيكون عليه الوضع البيئي والاقتصادي في اليمن في ظل تداعيات الكارثة البيئية التي تشكلها سفينة "روبيمار" البريطانية التي استهدفتها مليشيات الحوثي الارهابية الإيرانية، في 18 فبراير الجاري قرابة السواحل اليمنية في البحر الأحمر.
وما بين التحذيرات من حجم الكارثة، والاجراءات التي يجب اتباعها لاحتوائها، ودعوات المجتمع الدولي للتدخل، تبقى الحقيقة الراسخة بأن الكارثة هي إحدى الآثار الناتجة عن مغامرة الحوثيين الايرانية في البحر الأحمر وخليج عدن، والتي ستنعكس بشكل كبير على حياة اليمنيين.

أول تحرك لمالك السفينة .. وإمكانية القطر
وفي أول تحرك لمالك السفينة "روبيمار"، نقلت وكالة "رويترز، الاثنين، عن شركة تتوسط في استئجار سفينة الشحن (روبيمار)، إن مالك السفينة التي تُركت في جنوب البحر الأحمر بعد أن أصيبت بصاروخ أطلقه الحوثيون في اليمن الأسبوع الماضي يتطلع لسحبها إلى السعودية بمجرد إيقاف التسرب الذي على متنها.
وقال روي خوري، الرئيس التنفيذي لمجموعة بلو فليت ومقرها لبنان لرويترز عبر البريد الإلكتروني: "حدث تسرّب بسيط للوقود سنحاول السيطرة عليه، لنتمكن من سحب السفينة بأمان إلى جدة".
وكان متحدث باسم شركة الأمن البحري "إل.إس.إس-إس.إيه.بي.يو"، أكد أن صاروخين حوثيين أصابا مؤخرة السفينة، ولم يكن على متنها أي شيء قابل للاشتعال".
وأضاف: "لسنا متأكدين من حالة السفينة، ولا يوجد أحد على متنها الآن"، مؤكدًا أن الشركتين المالكة والمشغلة تدرسان في الوقت الحالي خيارات لقطرها.
بدوره أكد موقع "تانكر تراكرز" لتتبع السفن أن السفينة "روبيمار" لم تغرق، لكنه حذر من أن السفينة كانت تسرب زيت الوقود.
من جانبه، قال مشغل سفينة الشحن "روبيمار": إنها "لا تزال مهجورة، وتطفو في مياه خليج عدن، بانتظار إمكانية نقلها إلى جيبوتي".

دعوة للتدخل العاجل
وكانت الحكومة اليمنية حذّرت من كارثة بيئية تهدد المياه الاقليمية اليمنية، ودعت إلى تدخلٍ عاجلٍ لسحب السفينة، وإنقاذ السواحل اليمنية والاقتصاد اليمني. 
وطالبت خلية إدارة أزمة التعامل مع سفينة الشحن "روبيمار"، المشكَّلة من الحكومة اليمنية، طالبت بمساعدة عاجلة من الأمم المتحدة، لتفادي كارثة السفينة التي استهدفتها جماعة الحوثي التابعة لإيران في مضيق باب المندب، قبل أيام.
ووفقًا للجنة، فإن السفينة روبيمار باتت تشكل تهديدًا بيئيًا بالغ الخطورة في البحر الأحمر، لافتةً إلى حرص الحكومة على مواجهة تداعيات الاستهداف للسفينة التي كانت تحمل على متنها “41 طنًا من الأسمدة.
وتحدث وزير المياه والبيئة توفيق الشرجي، عن تواصل الحكومة مع الهيئة الإقليمية للحفاظ على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وكذا المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للبيئة لدول غرب آسيا، لطلب المساعدة العاجلة في الدعم الفني واللوجستي للتخلص من الكارثة البيئية الوشيكة في حال غرق السفينة أو تسرب كميات من المواد المحمّلة على متنها.

ولفت إلى أنه تم التواصل من قِبل نقطة الاتصال في الهيئة العامة للشؤون البحرية بدولة العلم لاستدعاء مالك السفينة والعمل على قطرها إلى خارج المياه الإقليمية اليمنية مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان حماية البيئة البحرية والتنوع الحيوي في البحر الأحمر وخليج عدن.

رصد حال السفينة جويًا
وخلال اليومين الماضيين، انتشرت العديد من الصور والفيديوهات التي تتحدث عن حال السفينة المستهدفة والتي تشكل تهديدًا بيئيًا على اليمن، تضاربت في مجملها عن حال السفينة.
فتارة تقول الصور والفيديوهات المتداولة بأن السفينة بدأت في الغرق والتي قد تستمر 48 ساعة، واخرى تتحدث عن حالة السفينة المستقرة فوق سطح المياه، لكنها تظل اشاعات فيما الحقيقة الوحيدة هي ان السفينة البريطانية "روبيمار" استهدفتها مليشيات الحوثي بصاروخين في 18 من الشهر الجاري ومحملة بـ 41 ألف طن من الأسمدة شديدة الخطورة، التي يمكن أن تتسرب إلى مياه البحر ما قد يفاقم هذه الكارثة البيئية.
وكانت الولايات المتحدة والحكومة اليمنية حَمَّلتا مليشيات الحوثي الارهابية مسؤولية الكارثة البيئية التي تهدد مياه البحر الأحمر وشواطئ الساحل الغربي لليمن وشواطئ الصومال وجيبوتي.

كارثة بيئية محتملة 
إلى ذلك، قالت الحكومة اليمنية إن غرق السفينة (روبيمار) التي استهدفها الحوثيون بصواريخ بحرية قبل نحو أسبوع سيشكل كارثة كبيرة على البيئة،  وأوضحت الحكومة أن هذا الحادث من شأنه أن ينجم عنه كارثة بيئية، نتيجة تسرب ما تحمله من زيوت سامة وأسمدة كيميائية إلى البحر.
وأشار وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي، خلال مؤتمر صحفي، "الإثنين"، إلى أن الحكومة شكلت "خلية أزمة"، لوضع سيناريوهات وخطط لتجنب غرق السفينة وتسببها بتلويث البيئة البحرية، مشيرًا إلى أن السفينة تحمل على متنها شحنة من "فوسفات الأمونيا"، وكميات أخرى من الأسمدة والزيوت شديدة الخطورة، وهي واقعة على بعد 35 ميلًا بحريًا قبالة سواحل مدينة المخا، غرب اليمن.
واشار الوزير إلى ان سحب السفينة إلى الأراضي الضحلة في السواحل اليمنية لن يمنع الكارثة بل سيفاقمها؛ نتيجة تسرب الزيوت المدمرة للبيئة البحرية والسمكية ووصول التلوث إلى مصادر غذاء الأسماك في الشعاب المرجانية؛ الأمر الذي يهدد "الأمن الغذائي" لفقراء اليمن المعتمدين على الاصطياد التقليدي.

الاقتراب من السفينة 
وأكد الوزير الشرجبي، بأن فرقًا من هيئة الشئون البحرية، وفرقًا بيئية متخصصة وأخرى من خفر السواحل اليمنية، زارت موقع السفينة الجانحة قبالة سواحل المخا، واقتربت منها وصورتها بشكل واضح.
واوضح الوزير بأن السفينة لم تكن متجهة إلى إسرائيل، ولم تكن تحمل أسلحة أو مواد غذائية، أو أنها متجهة إلى ميناء إيلات، بل كانت في طريقها إلى بلغاريا، واستهدافها يضر بالشعب اليمني، ففي حالة غرق شحنة محملة بكل هذه الكميات من السموم والزيوت سينعكس هذا على الاقتصاد الوطني للبلاد والبيئة البحرية.

تجاهل حوثي للكارثة
هذه الخطوة أتت بينما تواصل مليشيات الحوثي الارهابية المدعومة ايرانيا، تجاهل المخاطر البيئية المترتبة على استمرار تسرب حمولة السفينة إلى مياه البحر، واكتفت الجماعة الارهابية بالسخرية من هذه المسألة بالقول أن أمريكا باتت تهتم بحياة الاسماك اكثر من الاهتمام بحياة البشر، بل وهددت بمنع أي عملية لقطر وسحب السفينة.
وكما كان متوقعًا من الجماعة الايرانية، فهي لا تهتم بحياة اليمنيين والبيئة التي يعيشون فيها، وما سيكون عليه الأثر الاقتصادي والبيئي على حياة اليمنيين من هجماتهم على السفن التجارية والملاحة في البحرين العربي والاحمر، وانما مقدار ما تحققه من أهداف ايرانية في السيطرة على الممرات المائية ذات الاهمية القصوى للتجارة والطاقة العالمية.
وتحدثت العديد من التقارير عن الكوارث البيئية المرتبطة بتصعيد الحوثيين هجماتهم على السفن في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، والمخاطر التي أفرزتها تلك الهجمات على الممرات الملاحية الدولية، وآخرها استهداف السفينة "روبيمار" في باب المندب.
واكدت التقارير ان هجمات الحوثيين تهدد من كوارث  بيئية واقتصادية كبيرة تتمثل في التلوث البحري وتدمير الثروة البحرية، سيكون لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد اليمني ونشاط الموانئ اليمنية، من جراء توقف سلاسل إمداد النفط والغذاء وبقية السلع، وكذا ارتفاع أجور النقل البحري ورسوم التأمين بصورة مضاعفة، انعكست سلباً على حياة المجتمع والاقتصاد برمته.
من جانب آخر نددت واشنطن "بتجاهل الحوثيين للتأثير الإقليمي لهجماتهم العشوائية وما ينتج عنها من تهديد لقطاع صيد الأسماك والتجمعات الساحلية  وواردات الإمدادات الغذائية".

الحديدة اكثر المدن المتضررة 
ووفقًا لمصادر بيئية يمنية، فإن سواحل محافظة الحديدة غرب البلاد، ستكون الاكثر تضررًا من الكارثة البيئية التي ستخلفها السفينة "روبيمار" التي استهدفتها مليشيات الحوثي، مشيرة إلى ان اكثر من 200 الف صياد في المحافظة مهددين جراء عملية التسرب من السفينة.
واشارت إلى ان الشريط الساحلي الممتد من ميدي في حجة إلى باب المندب في مديرية "ذو باب المندب" غرب تعز، سيتأثر بتسرب النفط والمواد السامة من السفينة "روبيمار"، وسيكون ارتياد تلك السواحل خطيرة على الصيادين ومحبي السباحة والتنزه.
وطالبت المصادر، بالتحرك للحد من الكارثة البيئية، كما طالبت بتحرك لاحتواء أزمة خزان صافر خلال الأعوام الماضية، وطالبت بتحميل الحوثيين المسؤولية كاملة لتسببه بهذه الكارثة البيئية، مؤكدة أن سكان السواحل الغربية لليمن يعتمدون على البحر بنسبة 50 بالمائة في شؤون حياتهم.
واكدت المصادر، بأن الكارثة اذا لم يتم احتوائها دوليًا واقليميًا ويمنيًا، ستؤثر على البيئية البحرية والاقتصادية اليمنية على مدى عشر سنوات على الأقل.

معلومات حول السفينة 
وفيما تتصاعد مشكلة السفينة "إم في روبيمار" البريطانية، التي استهدفها الحوثيون في 18 فبراير، والتي تهدد بكارثة بيئية كبيرة في البحر الأحمر، تشير المعلومات الى ان السفينة التي تحمل علم دولة بليز، يبلغ طولها 171 مترًا، وعرضها 27 مترًا، وذات صهاريج سائبة، وتحمل كمية من الأسمدة (مواد خطرة) وزيوتًا ووقودًا، ومملوكة لشركة جولدن أدفنشر شيبنيغ الملاحية المسجلة في جزر مارشال.
وكانت السفينة عند استهدافها متجهة نحو بلغاريا، وأن استهدافها من قبل الحوثيين يضر باليمن واليمنيين في مختلف المجالات، ولا يخدم الأشقاء الفلسطينيين كما تدعي جماعة الحوثي الايرانية.
وكانت القيادة المركزية الامريكية حذرت السبت الماضي،  من الأثر الكارثي على البيئة البحرية، وقالت إن الحوثيين يواصلون إظهار تجاهلهم للتأثير الإقليمي لهجماتهم العشوائية، ما يهدد صناعة صيد الأسماك والمجتمعات الساحلية وواردات الإمدادات الغذائية.
وكانت السفينة، وفق البيان، تنقل أكثر من 41000 طن من الأسمدة عندما تعرضت للهجوم، ما قد يتسرب إلى البحر الأحمر ويؤدي إلى تفاقم هذه الكارثة البيئية.
وكانت اطقم من ميناء جيبوتي نجحت في اجلاء طاقم السفينة المكون من 24 شخصا، و 11 سورياً ،و 6 مصريين، و3 هنود، وو4 فلبينيين.
تحمل السفينة على متنها 21.999 طناً مترياً من الأسمدة فئة IMDG 5.1 (خطيرة جدًا).  لقد أصبح الآن مهجورًا في باب المندب، حيث تم إيقاف نظام تحديد الهوية الآلي، بحيث لا يمكن الحصول على إحداثيات "روبيمار" بشكل دقيق حاليا.

كارثة "صافر" تتكرر
حادثة السفينة البريطانية تعيد إلى الذاكرة خزان "صافر" الذي كان يمثل "قنبلة موقوتة" في البحر الأحمر، حتى انتهاء أزمته في العام الماضي، بعد تحركات دولية رصدت لها اكثر من 120 مليون دولار. 
وكان الخزان يحمل ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف، حتى نجحت الجهود الدولية بتفريغه، في أغسطس الماضي. ولمعرفة مدى الخطورة التي تمثلها السفينة "روبيمار" حالياً، يمكن العودة إلى تهديد "صافر" الذي كان قائماً.
فبحسب ما ذكرت حول ذلك الأمم المتحدة في تحذيرات سابقة، فإن تسرب النفط من "صافر" كان سيؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية وغيرها من الحياة البحرية في البحر الأحمر، وسيتعرض ملايين البشر للتلوث الهوائي. 
كما سيكون أثر التسرب على المجتمعات الساحلية مدمراً، إذ "سيفقد عدد كبير من العاملين في مجال الصيد مصادر رزقهم". 
وإمكانية إنقاذ السفينة البريطانية أسهل بكثير من "صافر"؛ على اعتبار أن بريطانيا ستعمل بسرعة على سحب "روبيمار" وتفريغها وإصلاحها، لكن المشكلة هنا تتعلق بالحوثيين الذين يمثلون خطراً للجهات التي ستعمل على إنقاذ السفينة.
بحسب ما نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي، فإن التهديد الحوثي بهجمات في البحر الأحمر، إلى جانب حالة المياه، يجعل من الصعب للغاية الوصول بأمان إلى السفينة البريطانية.

كارثة بنكهة تصفيات حسابات 
وفي هذا الصدد، قال الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة المصرية، في تصريح صحفي: إن "ما يحدث في البحر الأحمر معركة تصفية حسابات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، تتحمل شعوب المنطقة دفع ثمنها وتحمل تباعاتها".