Image

"مبادرات فتح الطرق" بين تخادم المصالح والمكاسب لجماعتيّ الإخوان والحوثي .. "جريمة إنسانية" تنتظر ثورة شعبية

تواصلت تفاعلات اليمنيين المتضررين من جريمة "اغلاق الطرق"، التي تعد احدى منجزات فوضى 2011، وانقلاب 2014، على أمل ان يتقبل اطراف الجريمة والخراب والدمار،  تلبية ولو مبادرة واحدة لفتح طريق واحد قبل حلول شهر رمضان المبارك.
يأتي ذلك رغم معرفة اليمنيين بكل اطيافهم بان جريمة "اغلاق الطرق" ومسألة فتحها، قد تم تحويلها من قبل الاطراف المتصارعة التي تسببت بها اصلا، إلى قضية ابتزاز للمجتمع الدولي، فضلا عن تحويلها محليا لتحقيق مكاسب "سياسية وعسكرية واقتصادية".

المكاسب السياسية
يرى العديد من المراقبين بأن اطراف الصراع في اليمن التي تشرف وتدير جريمة "اغلاق الطرق" في البلاد، تسعى من خلال تحريك هذه القضية إلى تحقيق مكاسب سياسية باعتبار ان القضية مرتبطة بما يدور من حديث متزايد عن قرب التواصل إلى اتفاقات وتفاهمات بين مليشيات الحوثي والمملكة العربية السعودية.
ويشير المراقبون إلى ان تحرك القضية ليس لدوافع انسانية او تلبية لنداءات ومطالب اليمنيين الذين يعدون الضحية الرئيسية لهذه الجريمة، وانما من اجل تحقيق مكاسب وتقارب مع الجانب السعودي، بحيث يكون لهم مكانة في خارطة التفاهمات مستقبلا.
إلى جانب ذلك، يسعى طرفي الصراع إلى كسب تعاطف القبائل الواقعة على مفترق تلك الطرق المغلقة، وكسب تعاطف الشارع اليمني المتفاعل بشكل كبير مع هذه المسألة التي ترقى إلى مستويات الجرائم الانسانية.

المكاسب العسكرية
وفي هذا الاطار، كشفت كواليس المفاوضات التي جرت بين طرفي الصراع "الحوثيين والحكومة" ومن خلفهم الداعمين الاقليميين، بأنه قد تم تحويل هذه القضية الانسانية إلى قضية عسكرية بحتة خاصة من جانب مليشيات الحوثي التي رفضت الحديث او تقديم أي تنازلات لفتح أي من الطرق خاصة في تعز باعتبارها قضية انسانية، وانما اصرت على انها قضية عسكرية وامنية يجب بحثها في اطار المفاوضات النهائية.
وتؤكد جميع الشواهد التي تطرقت إلى مسألة فتح الطرق إلى ان الجماعة الحوثية المصنفة ارهابية، ظلت تقدم مبادرات مخالفة لما يطرح من الجانب الحكومي والمبعوث الأممي والوسطاء الدوليين بشأن الطرق، من خلال تقديم رؤية خاصة بها بفتح الطرق كما حدث في تعز، حيث رفضت فتح طريق الحوبان – المدينة، ومنفذ غراب، وقدمت طرق بديلة يمكن فتحها تخدم مصالحها القتالية الميدانية.
وهذا الامر مازالت تتبعه الجماعة من خلال تعاملها مع مبادرة الجانب الاخر في فتح طريق مارب – صنعاء، حيث قدمت مبادرة بفتح طريق بديل يتمثل بطريق صرواح – خولان – صنعاء، وهي طريق تخدم مصالحها العسكرية والقتالية التي تهدف لتحقيق اختراق من الجهة الغربية لمدينة مأرب المتمثلة بجبهة الكسارة في صرواح.
وإلى جانب تلك المكاسب، اظهرت جماعة الحوثي مع اطلاق مبادرة فتح طريق مارب – صنعاء، مطالب عسكرية اخرى تمثلت بمطالبة الجانب الحكومي في مأرب باطلاق سراح عناصرها الامنية والاستخباراتية المعتقلة في سجون مأرب، كأحد الشروط للتعاطي مع مبادرة فتح الطريق.

المكاسب الاقتصادية
وفي هذا الاطار تؤكد عدد من التقارير، وجود عمليات مصالح مشتركة بين جماعتي "الاخوان والحوثيين" اللتان تشرفان على مفاصل الطرق المقطوعة، خاصة في تعز ومأرب، من خلال تنفيذ عمليات تهريب متنوعة بين الجانبين عبر تلك المناطق التي لا يمكن مراقبتها من قبل الناشطين والجهات المختصة.
كما تؤكد التقارير، بأن الجماعتين تحققان ارباحا اقتصادية من استمرار "قطع الطرق" من خلال فرض نقاط جباية في الطرق البديلة ذات المسافة الطويلة، فضلا عن فرض اتاوات مالية على اصحاب المصالح المتواجدين في المناطق الواقعة في اطار "الطرق المقطوعة" من خلال تنفيذ عمليات تخدم مصالحهم مقابل أموال مالية يتم تقاسمها من قبل نقاط الاخوان والحوثيين على جانبي الطرق المقطوعة.
وإلى جانب عمليات التهريب والابتزاز وفرض الاتاوات على القاطرات التجارية والمسافرين، هناك قضية اخرى تتمثل بعمليات استيلاء وسيطرة على منازل وممتلكات عقارية من قبل طرفي النزاع "الاخوان والحوثيين" تجري في المناطق الواقعة على الطرق المقطوعة كما هو حاصل في طريق الحوبان – المدينة شرق تعز، حيث تنتشر طرق ثانوية كثيرة في تلك المنطقة الممتدة من الحوبان مرورا بجولة القصر وصولا الى الكمب ومدرسة محمد علي عثمان، وهي مناطق واسعة يتم فيها عمليات مصادرة وسطو وبيع وشراء للعقارات والاراضي من قبل المتنفذين من الجماعتين.

جريمة مركبة 
وتعد جريمة قطع الطرق، من الجرائم المركبة التي تتسبب فيها بحق المسافرين ومرتادي الطرق البديلة للطرق المقطوعة، والتي خلفت عشرات الوفيات والجرحى جراء الحوادث التي تقع في تلك الطرق بشكل شبه يومي لوعورتها وعدم صلاحياتها لسير المركبات الكبيرة فيها.
ورغم المناشدات المحلية والاقليمية والدولية لفتح الطرق والمنافذ بين المدن اليمنية، الا ان الاطراف التي تشرف على تلك الجريمة وتتحكم بها، تواصل تجاهل تلك الدعوات لتواصل ممارسة ما تم ذكره سابقا، إلى جانب امعانها المتزايد في تعذيب اليمنيين والتي بدأت في فوضى ساحات 2011 وتزايدت بعد انقلاب الحوثيين في 2014، وزادت وحشية مع حروب الاطراف التي جلبت تدخلات اقليمية ودولية للمشاركة في قتل اليمنيين.
ومن الجرائم التي تتسبب بها اغلاق الطرق وسلوك طرق بديلة غير صالحة ووعرة، ما يتم رصده من معاناة للمرضى الذين يتنقلون للبحث عن العلاج بين المدن اليمنية او الساعين للحصول على العلاج خارج البلاد، حيث يضطرون للتنقل لساعات طويلة للوصول إلى المطارات في عدن وحضرموت.

معاناة اجتماعية
وتشكل جريمة اغلاق الطرق، جريمة اجتماعية بامتياز حيث تحرم العديد من الأسر في التواصل فيما بينها نتيجة صعوبة التنقل عبر الطرق البديلة للوصول إلى قراهم ومدنهم الواقعة بين طرفي الطرق المقطوعة كما هو الحال في تعز، حيث كانت المسافة التي يقطعها المواطن بين الحوبان والمدينة لا تتجاوز 5 الى 10 دقائق قبل الفوضى وابان وجود النظام والدولة، وحاليا يتم سلوك طرق بديلة يستغرق الوقت فيها ما بين 6 الى 7 ساعات.
كما اتخذت الاطراف المتصارعة من عملية قطع الطرق وسيلة لنشر نقاط ذات مهمات متنوعة تزيد من معاناة ابناء المجتمع السالكين للطرق البديلة، حيث تتم فرض عليهم جبايات مالية لتسهيل مرورهم، فضلا عن اتخاذ تلك النقاط لتنفيذ عمليات اعتقال بحق الابرياء من ابناء الاسر الميسورة لفرض مبالغ مالية عليها مقابل اطلاق من يتم اعتقاله واختطافه من تلك النقاط.

ابرز الطرق المقطوعة
ومن ابرز الطرق المقطوعة منذ تسع سنوات ونيف، الطريق الرئيس الرابط بين شرق مدينة تعز "الحوبان" والمدينة، وكذا طريق معبر غراب الذي يمر جوار مصنع السمن والصابون شمال غرب المدينة وصولا الى طريق شرعب شمالا، والبرح إلى المخاء غربا، والتي أثرت على قطع طرق فرعية عدة تربط الاحياء السكنية في تلك المناطق.
ومن اهم الطرق الاخرى قطع طريق العند بمحافظة لحج والراهدة – الحوبان ، وهي طريق استراتيجية تربط عدن بتعز ومحافظات اخرى مثل الحديدة واب وذمار وصنعاء، إلى جانب ذلك الطريق هناك "الطريق الرابط بين مدينة الضالع ومنطقة دمت ومنها باتجاه محافظة ذمار وصولا إلى صنعاء.
كما توجد طريق ذات اهمية استراتيجية بالنسبة لابناء البيضاء والمتمثلة بعقبة "ثرة" في مكيراس والتي تربط بين عدن وابين والبيضاء ومنها إلى صنعاء.
وفي الحديدة هناك الطريق الرابط بين مديريات جنوب المحافظة مثل الجراحي وحيس وجبل راس والتي تربطها بمحافظتي اب وتعز، حيث توجد طرق فرعية ذات اهمية استراتيجية في تلك المناطق مقطوعة هي ايضا.
كما تمثل طريق مأرب – صنعاء اهمية كبيرة بالنسبة للمسافرين القادمين من المنفذ الحدودي مع السعودية على الطرق الدولي العبر – مارب، فضلا عن الطريق الدولي صنعاء – الجوف، والطرق الرابطة بين البيضاء وشبوة ومارب من الجهة الجنوبية والغربية.
من ابرز الطرق الرئيسية المقطوعة الطريق الدولي الرابط بين منفذ حرض بمحافظة حجة والحديدة، وكذا باتجاه مدينة حجة وعمران وصولا الى صنعاء.

الحلول والمكاسب
ورغم ان إغلاق هذه الطرق يتسبب في متاعب جمة لليمنيين الابرياء، الذين يتجشمون عناء السفر من خلال طرق صحراوية وجبلية طويلة وخطرة، تصبح معها مشقة السفر مرهقة ومكلفة، وكثيرا ما كانت السيارات تتعثر في الرمال، او تنحدر في الوديان او تنقلب في المنعطفات، وتعجز عن مواصلة الرحلة في مناطق مقطوعة عنها أسباب الحياة، يرى العديد من المراقبين بأن قضية فتح الطرق مرتبطة بمدى تحقيق مكاسب من قبل الاطراف المتحكمة بتلك الطرق.
ويرون بان المعاناة في هذا الملف المفتعلة من قبل الاطراف ذات المصالح المشتركة، سوف تستمر ما لم يتم تحقيق مكاسب فيها، ولن تتأثر بالحملات التي ينفذها ناشطون واوساط اجتماعية ترى في هذا القضية بانها قضية انسانية، فالمجرمين لا يراعون اوضاع الضحايا.

ثقافة متوارثة
ويعاني اليمن جراء الحرب من إغلاق عدد من الطرقات بين المحافظات، ما تسبب في تعقيد رحلات السفر، وتقسيم اليمن إلى مناطق شبه معزولة.
ووفقا للتاريخ فإن ثقافة قطع الطرق تعد ثقافة متوارثة لدى الفكر الامامي الشيعي الطائفي، ومن أبجديات سطوته خاصة في محافظات الحديدة وتعز واب، والتي مارستها الامامة قبل ثورة 26 سبتمبر، حيث كانت تمارس عمليات قطع الطرق وحصار المدن لاخضاعها للحكم السلالي بالقوة، كما عملت على اغلاق اليمن امام العالم حتى لا يتاثر اليمنيين ويثورون عليهم.
وحاليا ستظل الجماعة الحوثية الارهابية ذات الفكر الايراني تمارس نفس النهج بحق اليمنيين كي تظل باقية تمارس جرائمها المتنوعة بحق ابناء الشعب، ولن يتم كسر هذه الثقافة الا بثورة شعبية واسعة ترفض تلك الجماعة وحلفائها من الواقع اليمني، وتستعيد الدولة والنظام والسيادة والحكم الرشيد.