Image

إب تحت قبضة الفوضى .. تصاعد الجريمة وتفكك النسيج الاجتماعي في ظل سيطرة الحوثيين

تشهد محافظة إب، وسط اليمن، موجة متفاقمة من الفوضى الأمنية والانهيار المجتمعي، في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وسط تصاعد لافت في معدلات الجريمة المنظمة وتدهور ملحوظ في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القضاء والأمن.

وبحسب مصادر محلية و إعلامية، فقد شهد شهر أبريل المنصرم وحده مقتل 9 أشخاص وإصابة 10 آخرين في حوادث جنائية متفرقة، ضمن سلسلة من الجرائم التي باتت مشهدًا يوميًا في المحافظة، ما يعكس حالة الانفلات الأمني المتفاقم التي تعصف بالمجتمع المحلي.

جريمة كل يوم.. وأرقام مفزعة

تشير الإحصائيات الموثقة إلى تسجيل 105 جريمة قتل وإصابة منذ مطلع العام 2025، بينها 54 قتيلاً و51 جريحًا، في ارتفاع مقلق عن معدلات السنوات السابقة، ما يضع إب في صدارة المناطق اليمنية من حيث معدل الجريمة في ظل غياب مؤسسات الدولة.

وتتراوح أسباب الجرائم بين نزاعات الأراضي، وجرائم عنف أسري، وعمليات حرابة، واعتداءات مسلحة نفذتها عناصر حوثية، بالإضافة إلى صراعات محلية تغذيها الجماعة ضمن سياسة "فرّق تسد" لتعميق الانقسامات الاجتماعية والتحكم بالمجتمع.

قضاء معطّل وعدالة خاضعة للميليشيا

يعزو مراقبون محليون تفشي الجريمة إلى تعطيل الحوثيين للأجهزة القضائية النظامية، وإحالة القضايا الجنائية إلى قيادات ميدانية ومشائخ موالين للجماعة. هذا التوجه حول مفهوم العدالة إلى أداة للابتزاز المالي، حيث تُفرض مبالغ ضخمة تحت مسمى "التحكيم القبلي" أو "الصلح"، خارج أي إطار قانوني معترف به.

وتُتهم قيادات حوثية نافذة في إب بإدارة هذه المنظومة الموازية للعدالة، واستغلال النزاعات للسيطرة على الأراضي والممتلكات الخاصة، ما فاقم من حالة الاضطراب وأضعف الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.

تفكك اجتماعي يهدد السلم الأهلي

لم تقف تبعات الفوضى عند حدود الجريمة المنظمة، بل امتدت لتشمل مظاهر أكثر تعقيدًا من التدهور الاجتماعي، مثل العنف الأسري والانتحار، خاصة بين النساء والشباب. ويرى مختصون أن هذه الظواهر ناتجة عن الانهيار الاقتصادي الحاد، وانعدام الأفق، واستمرار الحرب التي تدفع بالفئات الأضعف نحو اليأس.

ويحذر خبراء اجتماعيون من أن ما تشهده إب يمثل نموذجًا مصغرًا لانهيار شامل يطال كافة مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تُستخدم الفوضى الأمنية كأداة للضبط والسيطرة، في ظل تحييد منهجي للقضاء الرسمي، واستبداله بمنظومة "عدالة حوثية" لا تستند لأي مشروعية قانونية.

خطر الانفجار المجتمعي

وفي ظل تصاعد الجريمة وتزايد تجارة السلاح وانهيار البنية الأمنية، يرى محللون أن محافظة إب باتت على شفا انفجار اجتماعي قد يتجاوز الجريمة الفردية إلى صراعات جماعية يصعب احتواؤها، خاصة مع تآكل النسيج الاجتماعي وانسداد أفق الحلول السياسية.

إن ما يجري في إب اليوم يعكس الصورة الأوسع لوضع اليمن في ظل استمرار سيطرة الحوثيين: دولة غائبة، قضاء منهار، أمن مستباح، ومجتمع يُدفع دفعًا نحو الفوضى والانهيار.