Image

في ذكرى نكبة 11 فبراير المشؤومة .. العالم والإقليم تحت تأثير المؤامرة في اليمن .. كانت هناك "دولة"

تجاوزت آثار نكبة 11 فبراير التي شهدتها اليمن عام 2011، في ذكراها المشؤومة الثالثة عشرة، الحدود اليمنية، إلى الإقليم والعالم، من خلال استهداف طُرق التجارة والملاحة الدولية في البحر الأحمر من أحد أطراف النكبة مليشيات الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن.

الدرس القاسي
وفي هذا الصدد، يرى العديد من المراقبين للشأن اليمني، أن ما حدث في عام 2011 من فوضى في إطار ما سُمي حينها "الربيع العربي" المشؤوم، ليس مجرد فوضى يمكن تجاوز تأثيراتها بأقل التكاليف وفي زمن قصير، فالعارف بطبيعة اليمن وما تضمه من تناقضات سياسية وفكرية واجتماعية وقبلية، كان يتوقع ما يحدث اليوم فيها.
ويؤكدون أن تحذيرات ومساعي قيادة النظام السابق للبلاد ورئيسه ذي الحنكة السياسية والقدرة القيادية، الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، لم تأتِ عبثًا وبغرض الإبقاء على نظامه وحكمه، بل كانت من رؤية ثاقبة ومعرفة ببواطن الأمور، التي استطاع هو فقط توظيفها وتطويعها، مكونًا نظامًا فريدًا من الحكم يحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، واعتمد مبدأ الحوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ورفض التدخل في شؤون اليمن الذي شهد استقرارًا ونهضة تنموية كبيرة في عهده.
ومن خلال دعم عدة دول في الإقليم والعالم، للفوضى في اليمن عام 2011، دون دراية ببواطن الأمور ومعرفة حقيقة الواقع اليمني، نتج عن ذلك الوضع المتأزم محليًا وإقليميًا ودوليًا. 
فاليوم تلك الدول باتت تجني حصاد ما زرعته من مؤامرة في اليمن والمنطقة، خاصة أنها لم تعِ ولم تقبل الإنصات لدعوات التهدئة والتحذيرات من تداعيات تلك الفوضى على المستقبل، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.


معاناة داخلية وأزمة دولية
ومن تأثيرات ونتائج تلك الفوضى التي جرَّت من ورائها ما عُرف بنكسة 21 سبتمبر 2014 التي تمثّلت بانقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية، أن اليمن بات بلا دولة ولا نظام سياسي قادر على حماية ممراته المائية والخطوط الملاحية التي تمر عبرها، فضلًا عما يعانه من أزمات اقتصادية ومعيشية وأمنية وفي مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد، تحدثت العديد من التقارير الدولية، عن المواقف الدولية وخاصة الأمريكية منها من تلك الفوضى، وكيف فرطت في الدولة والنظام القائم حينها، وانجرَّت وراء المخطط الماسوني الذي رُسِم للمنطقة، وكيف ظلت تدعم ذلك حتى بعد انهيار الدولة اليمنية، وصولًا إلى موقفها من تحرير صنعاء والحديدة من مليشيات الحوثي.
وتشير التقارير إلى أنه رغم معرفة الأنظمة الغربية بأهداف مليشيات الحوثي التي تُنفِّذ أجندة إيرانية في اليمن، وعلى رأسها الوصول إلى باب المندب، الممر المائي الأهم الذي تمر من خلاله خطوط الملاحة للتجارة العالمية وإمدادات الطاقة، فقد ظلّت تساند تلك الجماعة الإرهابية وتمنع سقوطها، بمنعها تحرير محافظة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر الذي يشهد اليوم أزمة دولية على وقع وصول إيران إليها وتهديدها للملاحة وإمدادات الطاقة.
ووفقًا لتلك التقارير، فإن سقوط النظام في اليمن لم يؤثر على اليمنيين وحياتهم ومعيشتهم فقط، بل أثر، كذلك، على دول الجوار، ووصل تأثير الفوضى التي شهدتها البلاد بعد 13 عامًا إلى العالم أجمع، وتحدثت التقارير عما إذا كانت تلك الدول قد "وعت وتعلمت الدرس جيدًا"، أم أنها مازالت تخوض لعبة سياسية وعسكرية قذرة في المنطقة؟!

الاحتفاظ بعناصر الفوضى
ويرى العديد من المحللين الأجانب واليمنيين، أن الدول الراعية والممولة للفوضى والشريكة في تدمير اليمن وقتل اليمنيين على مدى 13 عاما، مازالت متمسكة بعناصر الفوضى ومعاول الهدم التي استباحت كل شيء في البلاد أرضًا وإنسانًا، من خلال ما تقوم به من مشاورات وحوارات عبر وسطاء دوليين وإقليميين، في محاولة منها للإبقاء على تلك المكونات في الحكم، حتى بعد انكشاف حقيقة أجندتها وأهدافها.
ويسعى المجتمع الدولي والإقليمي اليوم إلى إيجاد رؤية وخريطة طريق تخدم مصالحه في اليمن والمنطقة، يتم الترويج لها من قبل الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، من أجل الحوار وتقديم التنازلات للحوثيين ومن خلفهم إيران، وهو ما يؤشر على أن المؤامرة مستمرة، وأن المخاطر ستزداد وتتسع.

تجاهل ضحايا النكبة
ومع استمرار العبث بمقدرات الشعب اليمني ومنجزات ثورته اليمنية المباركة "سبتمبر وأكتوبر"، واستباحة دماء أبنائه على مدى 13 عاما، فإن العالم أجمع تغاضى وتجاهل ذلك، وأصر على استمرار غِيه ودعمه لقيادات وجماعات الفوضى على حساب اليمنيين، رغم معرفته بفشلهم الذريع في إدارة البلاد، وكيف عملوا ويعملون لمصالح ضيقة تخدم أهدافًا غير يمنية ولغير صالح اليمنيين.
واليوم وفي ذكرى تلك الفوضى والنكبة الثالثة عشرة، ومع ارتفاع أصوات اليمنيين المستنكرة والمنددة والرافضة لما حدث بعد ارتفاع وعيهم، يستمر التجاهل لما يعانيه اليمنيون من بؤسٍ وضنك في العيش، فضلًا عن استمرار غيهم فيما يتعلق بفرض عقوبات على القيادة اليمنية السابقة خدمة لمشروع الفوضى رغم انكشاف حقيقة مؤامرتهم التي طالت شعوب العالم من خلال استهداف الملاحة، والتي رفعت الأسعار وأوقفت إمداد الطاقة والبضائع التجارية.

تمنيات يمنية
وفي الذكرى الثالثة عشرة للنكبة، يتمنى اليمنيون أن تكون تأثيرات البحر الأحمر، بداية خلاص لهم في حال وعت شعوب العالم مدى خطر تلك الجماعات التي دعمتها في 2011، واستمرت تتغاضى عن جرائمها وانتهاكاتها بحقهم على مدى 13 عامًا.
كما يتمنى اليمنيون، في هذه الذكرى المشؤومة، أن تبدأ الصحوة اليمنية في البحث عن الخلاص وعن قيادة تقودهم نحو استعادة دولتهم، وأن يلقوا دعمًا إقليميًا ودوليًا لذلك، خاصة أنهم واقعون تحت تأثير بقايا تلك الجماعات التي تمارس إرهابها في البحر الأحمر وباب المندب ضد خطوط الملاحة وسفن التجارة، إلى جانب استمرار إرهابها بحق اليمنيين.
كما دعا اليمنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بقايا شركاء الفوضى والنكبة، لعدم استفزاز 30 مليون يمني، من خلال الاحتفاء بذكرى تلك النكبة، وتمنوا أن يتم تقديم اعتذارهم لليمنيين عما تسببوا فيه من دمار وتنكيل على مدى 13 عامًا.

استعادة الدولة 
لقد تسببت فوضى نكبة 11 فبراير 2011، في انهيار أنظمة الدولة المختلفة، وباتت البلاد في حالة فوضى وتخبط، وعدم استقرار في شتى المجالات، حتى وصلت إلى حافة الانهيار والفشل، وفقًا لتقارير دولية عدة.
ومن خلال المتابعة لما تتناقله وسائل الإعلام العربية والأجنبية من تقارير، حول حالة اليمن في ظل الحروب التي أنتجتها فوضى ونكبة فبراير، نجد أن انعدام الغذاء وانتشار الأمراض وسوء التغذية، وانعدام الخدمات الطبية والصحية، وغياب الخدمات الأساسية، تتصدر تلك التقارير، مرجعة ذلك إلى فشل الكيانات التي ظهرت عقب الفوضى في إدارة البلاد، واكتفت بممارسة الفساد ونهب الأموال والاستحواذ على الوظيفة العامة.
كما تشير التقارير إلى أن المجتمع الإقليمي وخاصة دول الخليج وخلال العامين الأخيرين بدأت تعي ما تعرّضت له من خيانة واستغلال من قبل تلك الكيانات، فضلًا عن تغيير عدد من المواقف العربية والعالمية، المساندة لكيانات الفوضى، إلى البدء في رفض التعامل معها، وإطلاق المبادرات التي تنادي بدعم اليمنيين معيشيًّا، وتوفير الخدمات الأساسية لهم كي ينهضوا من كبوتهم ويعودوا لممارسة حياتهم بشكلها الطبيعي الذي كانت عليه قبل النكبة.
كما تنامت خلال الأعوام القليلة الماضية، حالة الوعي بأهمية مقاومة عناصر الفوضى والكفاح من أجل استعادة الدولة والنظام الجمهوري، ورفض كل أشكال التبعية التي تمثلت في جماعة الإخوان (حزب الإصلاح) ومليشيات الحوثي، والعودة لتأييد القيادات اليمنية المخلصة لكي تستعيد التوازن للبلاد سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا.