Image

انتفاضة ديسمبر المباركة في ذكراها الـ 6..بين معطيات الواقع ومآلات المستقبل .. شرارة وانطلقت

ـ مؤامرة الخارج وخيانة الداخل.. سفكت دماء طاهرة وأبقت نورًا متوهجًا 
ـ تجسيد الأجيال لمبادئ الثورة ووصايا زعيم الانتفاضة.. بارقة أمل      

شكلت انتفاضة الثاني من ديسمبر2017م، بارقة أمل لليمنيين الذين عدوها فرصة قوية للتخلص من مليشيات الحوثي الإيرانية، واستعادة زمام الأمور من قبل القيادة الحكمة التي عرفوها على مدى سنوات وافتقدوها سريعا بعد تجربة البدائل التي انكشف غطاء خيانتها وتآمرها على اليمن واليمنيين.
ورغم زمنها القصير، إلا ان الانتفاضة شكلت شرارة حقيقية لثورة يعتقد الكثير من اليمنيين أنها قادمة لا محالة، مؤكدين أن أهداف الانتفاضة ووصايا الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح التي أطلقها خلالها، باتت راسخة في وجدان اليمنيين خاصة الشباب والاطفال منهم.

تجسيد حقيقي 
ورغم ان العديد من الفعاليات العربية قبل اليمنية، اشادت بتلك الانتفاضة التي عرفت الجميع بأن قوة مليشيات الحوثي ومن خلفهم ايران، ضعيفة يسهل كسرها بسهولة في حال وجدت الارادة والعزيمة وتوفرت العوامل المساعدة لذلك من قبل الشعب، رغم ذلك فإن الانتفاضة جددت لدى اليمنيين العزيمة الثورية التي اكتسبوها من مبادئ الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر ونوفمبر، فجسدوها في ذكرى ثورتي سبتمبر واكتوبر الأخيرتين.
فقد شهدت المناطق  الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الارهابية، خلال ذكرى ثورتيّ سبتمبر الواحد والستين واكتوبر في ذكرها التاسع والخمسين، هذا العام، رفضا شعبيا واسعا لقمع الحوثيين الرافضين الاحتفال بهذه الذكرى المباركة والمقدسة لدى اليمنيين، فاشتعلت شوارع العاصمة صنعاء وعدد من مراكز المدن وفي قرى عدة، مواجهات بين محتفلين من جميع فئات الشعب ذكورا ونساء وشيوخا وشباب وفي مقدمتهم الاطفال مستقبل الثورة القادمة.
ووفقًا لمراقبين للشأن اليمني، فإن المواجهات التي شهدتها مناطق الحوثي وعمليات القمع والاعتقالات والاختطافات التي مارستها الميليشيات بحق المحتفلين، شكلت شرارة حقيقية وامتدادا لما شهدته صنعاء من انتفاضة في ديسمبر 2017، من قبل الرئيس الشهيد الزعيم الصالح آخر المناضلين القدماء وأول المناضلين الجدد ضد الإمامة القديمة والحديثة، وضد المؤامرة الايرانية المدعومة بتنظيم الاخوان والحاقدين في الاقليم.

انتفاضة استعادة الروح
وأكد مراقبون واوساط يمنية عدة، بأن انتفاضة ديسمبر مثَّلت استعادة لروح مبادئ الثورة اليمنية، كما مثلت نبراس يضيء للاجيال طريقهم الثوري والنضالي ضد الإمامة الجديدة المدعومة من المدى الفارسي الطائفي، تجسد ذلك ليلة استشهاد الزعيم  التي شهدت حالة رعب في أوساط الحوثيين الذين عمدوا لطمس شعاراتهم من الشوارع وغسل سياراتهم المطلية باللون الأخضر من شدة خوفهم ورعبهم من الحق القادم من فوهة بندقية الشهيد ورفاقه.
واليوم وبعد ست سنوات من ذكراها، يتواصل الفعل الثوري للانتفاضة الرافضة للحوثيين وايران من خلفهم، حيث تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي تناميًا كبيرًا للرفض الشعبي لتلك الجماعة رغم استخدام القوة المفرطة في قمعهم، كما تجسدت انتفاضة ديسمبر بالاحتجاجات وحالات الاضراب التي تشهدها قطاعات حكومية عدة رفضا للسياسات الحوثية ومطالبة بحقوقها المنهوبة والمسلوبة منذ تسع سنوات، دون خوف أو رهبة من البطش التي تمارسه عناصر الميليشيات للبقاء.

فضح حجم المؤامرة
كما شكلت انتفاضة ديسمبر، عاملًا فضحت من خلاله المؤامرة التي تشهدها البلاد منذ فوضى 2011م، ضد اليمن واليمنيين، من قبل جهات اقليمية استخدمت جماعتي الارهاب "الحوثية والإخوان" لتنفيذها وتركزت بشكل خاصة ضد الرئيس الشهيد الصالح ونظام حكمه الديمقراطي الذي بدا يحاكم التطور العالمي بشتى المجالات خلال سنواتها الأخيرة ، الأمر الذي هدد وجود تلك الدول ذات الأنظمة الرجعية.
وفي هذا الاطار تحدث العديد من السياسيين والباحثين والعسكريين خلال السنوات الست الماضية، حول حجم تلك المؤامرة التي قالوا انها كانت من قبل قوى داخلية واخرى خارجية تكالبت على الانتفاضة وزعيمها منذ ساعاتها الاولى، نتيجة حسابات الربح والخسارة لتلك القوى، التي رأت ان أي انتصار للانتفاضة واستعادة السيطرة على صنعاء سيشكل عارا عليها وعلى قوتها العسكرية والسياسية والمالية المؤهلة التي فشلت في تحقيق ادعائها بالوصول إلى صنعاء.

مؤامرة مزدوجة 
ورغم حسابات الربح والخسارة العسكرية للقوى الخارجية، كانت هناك حقيقية تتجسد في أن الانتفاضة فضحت وهن القوى الداخلية متمثلة بمليشيات الحوثي وجماعة الإخوان، وأظهرت فشل السلاح الإيراني المستخدمة في اليمن لقلة اليمنيين منذ حروب صعدة، فيكف لانتفاضة ثلة من الرجال الصادقين مع انفسهم والمحبين لوطنهم يحققون انتصارًا على قوى مؤامرة وخيانة متعددة في ظرف اربعة أيام فقط، كادت صنعاء تتهاوى على وقع فوهات بنادقهم الشخصية؟
وفي ظل كل ذلك، تداعت قوى المؤامرة الداخلية الخارجية  
للحيلوة دون القضاء على تلك العصابة

معطيات الواقع ومآلات المستقبل
وبعد مرور ست سنوات على الانتفاضة، بدأت معطيات الواقع في الخلاص من مليشيات الحوثي وفكرها الطائفي المستمد من ثقافة الشوارع في ايران، تتجسد في حالة الرفض والمقاومة التي شهدتها مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثي، فضلًا عن استيعاب العديد من القوى والمؤسسات والمنظمات الدولية لما تمثله تلك الجماعة من خطر على جميع الفئات والكيانات وحتى البيئة الطبيعة.
وبدأت العديد من القوى الاقليمية والدولية اليوم، بالعمل على محاولة تجسيد مبادئ وأهداف الثورة اليمنية والانتفاضة المباركة التي قادها الرئيس الزعيم الصالح في ديسمبر 2017، من خلال الدعوة للتحاور بين اليمنيين للعمل على المستقبل ومآلاتها في سبيل استعادة حياتهم التي فقدوها جراء الفوضى والانقلاب.
فقد فضحت انتفاضة ديسمبر، مليشيات الحوثي الايرانية بأنها جماعة ليس لها عهد ولا تفي بوعود ولا تلتزم باي اتفاق، خاصة ذلك العهد الذي دعا اليه زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي عند اندلاع شرارة الانتفاضة لعقد صلح وفقًا لتحكيم بين الطرفين، فكانت النتيجة مؤامرته مع قوى خارجية في استقدام قوات إلى صنعاء لمساندتهم بعد انكسارهم وهزيمتهم على يد رجال قليلون دون تدخل الوحدات العسكرية، فكيف اذا كانت اتحدت القوات والشعب مع الانتفاضة؟


وشكَّلت الانتفاضة علامة فارقة بين القوى المحلية والخارجية التي كانت تراهن على حسابات ضيقة بالنسبة لقدرة ذراع ايران السيطرة على جميع اليمن، في حين اثبتت الايام رغم المؤامرة التي ادت للهزيمة في نهم والبيضاء والجوف وجنوب مأرب والساحل الغربي، بأن تلك الجماعة غير قادرة على مواصلة المعارك وليس لديها رؤية للحكم وان نهجها للبقاء يعتمد على افعال العصابات لتنفيذ مخططات ايران فقط.
كما شكلت الانتفاضة عاملًا اساسيًا ورئيسيًا في توحيد القوى الجمهورية التي ادت لرفض قوى العمالة والخيانة وازاحتهم من قيادة المناطق المحررة، لكنها لم تتمكن من ايجاد قيادة حقيقية نتيجة التدخلات الخارجية في هذا الاطار، فظلت تلك المناطق خاضعة لقوى انتهازية حاقدة تتميز فقط بالفساد والفساد المستفحلة الذي تمارسه في مؤسسات الدولة ومع المعونات والمساعدات الانسانية والمنح التنموية.

مكاسب الانتفاضة
لقد حققت انتفاضة الثاني من ديسمبر العديد من المكاسب على الصعيد الثوري، من خلال ايقاظ الروح المقاومة والرافضة للإمامة، والعودة إلى عهودها المظلمة، واحيت في الاجيال مبادئ وأهداف الثورة اليمنية المباركة، وكسرت حواجز الخوف في مواجهة الحوثيين.
وخلقت الانتفاضة الهمة في اوساط الشباب والمجتمعات المحلية في ايجاد قوى ثورية رافضة للحوثيين ومطالبة باستعادة الدولة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والحياة بكل معانيها والتي  افتقدوها منذ فوضى 2011.
وبالنظر إلى جميع المناطق اليمنية، فإن انتفاضة ديسمبر خلقت في جميع سكان اليمن في تلك المناطق ثقافة الرفض لثقافة وافكار الحوثيين، وخلقت لديهم الشعور بالندم بما خسروه منذ الفوضى والانقلاب، وباتوا يعقدون المقارنة في جميع مناحي الحياة خاصة فيما يتعلق بالمعيشة والامن والاستقرار والقدرة على التنقل بين مناطق اليمن، وفي مجالات التعليم والصحة والكهرباء والمياه وجميع الخدمات بما فيها العلاقات الدولية.
كما خلقت الانتفاضة حالة من الثقة بالنفس لدى اليمنيين الذي باتوا يعبرون عن رفضهم لانتهاكات وممارسة الحوثيين، والذي تجسد بشتى ثوره بحالات الرفض في ارسال ابنائهم إلى جبهات الحوثي، وبدات العديد من الجهات والمجتمعات المحلية بتوثيق انتهاكات الحوثي والتواصل مع الجهات الدولية المعنية لفضح ممارستهم وفضح فسادهم في شتى المجالات والذي ياتي على حساب حياة اليمنيين وقوتهم وأمنهم واستقرارهم.
والأهم من ذلك فقد فضحت انتفاضة ديسمبر مخططات الحوثيين في نقل التجربة الايرانية وفرضها بالقوة على المجتمع اليمني المعتدل في دينها والمحب للحياة بكل تفاصيلها ومعانيها، وخلقت لدى اليمنيين تطلعات نحو استعادة حياتهم التي افتقدوها كثيرا، الامر الذي يؤكد بأن ذلك سيقودهم إلى تشكيل قوى ستعمل على استعادة تلك الحياة من خلال استعادة مؤسسات دولتهم وجمهوريتهم ووحدتهم.. وان ذلك لن يطول كثيرا فالخلاص قريب وقريب جدا من تلك الميليشيات وفكرها الإيراني.