سيناريو الصراع في الشرق الأوسط ..!!

إن التطورات والأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط ، توحي بأن المنطقة قد تكون على موعد مع حرب كبيرة ، ويبدو بأن أحداث غزة ما هي إلا شرارة تلك الحرب التي قد تتطور وتتوسع لتشمل لبنان وسوريا وغيرها ، ويبدو بأن التحالف الشرقي بقيادة روسيا وعضوية الصين وايران وكوريا الشمالية ، يسعون إلى جر التحالف الغربي بقيادة امريكا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل وغيرها ، إلى معركة استنزافية كبيرة في هذه المنطقة ، انتقاما من التحالف الغربي الذي يدعم اوكرانيا في حربها الدفاعية ضد روسيا ، والتي تحولت إلى حرب استنزافية لروسيا بفضل التدخل والدعم الغربي الكبير لأوكرانيا ، ويبدو بأن الدب الروسي يسعى إلى مقايضة الغرب بأمن اسرائيل مقابل وقف الدعم عن أوكرانيا ، من خلال تنسيقه مع حلفائه في المنطقة وهم النظام الإيراني والنظام السوري وحزب الله وحركة حماس وغيرها ( محور المقاومة ) ، وذلك بالهجوم على اسرائيل بداية من جنوبها في قطاع غزة بواسطة حركة حماس والجهاد ، ثم من شمالها في جنوب لبنان بواسطة حزب الله ومن شرقها في الجولان بواسطة النظام السوري والقوات الإيرانية المتواجدة في سوريا ، وإذا اقتضى الأمر قد تتدخل إيران بشكل مباشر ، وهو ما سوف يستدعي تدخل التحالف الغربي بقيادة امريكا لدعم اسرائيل والدفاع عنها ..!!

ويبدو بأن الدب الروسي يسعى إلى وضع التحالف الغربي أمام خيارين فإما التخلي عن أوكرانيا ، أو خوض حرب استنزافية كبرى في فلسطين ولبنان وسوريا ، وبدون شك بأن الدب الروسي قد قدم كل صور الدعم لحلفائه في المنطقة من تسليح وتدريب وتخطيط وتكنولوجيا ، وخير دليل على ذلك تلك القفزة النوعية الكبيرة التي وصلت إليها حركات المقاومة في قطاع غزة ، في مجال التسليح والتدريب والتخطيط وامتلاكها ذلك الكم الكبير من الصواريخ ، والتي تعتبر لا شيء مقارنة بما يمتلكه حزب الله في جنوب لبنان ، بالإضافة لقوات النظام السوري والقوات الايرانية المتواجدة في سوريا ، وجميعها تمثل تهديد كبير لإسرائيل ، يجعل جيشها غير قادر على مواجهتها منفردا ، وهو ما دفع بأمريكا ودول الغرب إلى ارسال حاملات طائراتها وبوارجها الحربية إلى المنطقة لمساندة ودعم اسرائيل ، وما دعوات امريكا المتكررة لحزب الله وايران بعدم التدخل في الحرب الدائرة اليوم في غزة ، إلا محاولة لكسب الوقت ، وهو أمر غير مقبول لدى إيران وروسيا ، فها هي روسيا تستخدم حق النقض الفيتو ضد قرار من مجلس الأمن يدين حماس ، ويبدو بأن الهجوم البري الاسرائيلي على قطاع غزة سيكون مؤشر توسع دائرة الحرب في المنطقة ، وهو سبب تراجع إسرائيل عن إطلاق حربها البرية على قطاع غزة عدة مرات ، فلا يستبعد أن يدفع ذلك بحزب الله وحلفاء إيران في المنطقة إلى التدخل العسكري المباشر ، وهو ما لا تريده أمريكا وحلفاؤها خصوصا في هذا التوقيت ..!!

ويبدو بأن الدب الروسي يتحكم بخيوط اللعبة والمعركة في منطقة الشرق الأوسط بشكل جيد ، ويضع امريكا وحلفاؤها في زوايا حرجة ، وفي مواقف متخبطة ومترددة ، فلم نكن نشاهد أمريكا وحلفاؤها بهذا الضعف والتردد في مواقفها السياسية والعسكرية مثلما نشاهدها اليوم ، فها هي السلطة الحاكمة في صنعاء ( الحوثيين ) تطلق عدد من الصواريخ والمسيرات على بارجة امريكية في البحر الأحمر وعلى أهداف في اسرائيل حسب تصريح البنتاغون ، والذي يقول بأن القوات الامريكية قد تمكنت من اعتراضها ، دون أي تحديد أي موقف سياسي أو عسكري تجاه سلطة صنعاء ، نعم هذا هو وضع أمريكا المهزوز اليوم بعد أن حشرها التحالف الشرقي بقيادة روسيا في زاوية حرجة ، أمريكا التي كانت تزمجر وتعربد وتهز العالم عند كل صغيرة وكبيرة ، ها هي تقف اليوم عاجزة أمام جماعات وحركات عسكرية ، تعلن صراحةً وعيدها وتهديدها لأمريكا بأعلى صوت ، بل وتقوم بأعمال عدائية ضد قواتها وبوارجها وحلفائها ، فهل نحن نعيش مرحلة بداية سقوط هذه القوة العظمى وتراجع هيمنتها وسيطرتها على العالم ، أم أن سبب ذلك هو ضعف شخصية الرئيس الأمريكي بايدن وتعامله السلبي مع ملفات الأزمات العالمية ، أم أن تصريحات البنتاغون حول تعرض قواتها في البحر الأحمر لهجوم صاروخي من سلطة صنعاء غير صحيح وغير دقيق ، خصوصا بأنه لم يصدر تصريح رسمي من سلطة صنعاء يؤكد قيامها بذلك ، ولكن ما نستطيع أن نقوله هنا ومن خلال المؤشرات المتوفرة على المشهد ، بأن أمريكا وحلفائها في وضع لا يحسدون عليه في منطقة الشرق الأوسط ، فإما وقدموا التنازلات التي يريدها التحالف الشرقي بقيادة روسيا ، وإما عليهم خوض حرب استنزافية لا يعلمون عواقبها ونتائجها مع حلفاء روسيا في منطقة الشرق الأوسط ، حرب سوف تمثل تهديد وجودي لدولة اسرائيل الحليف الاستراتيجي والمحوري للتحالف الغربي في المنطقة ..!!

نعم لن أبالغ إذا قلت بأن ما يحدث اليوم من تطورات سياسية وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط تهز صورة امريكا كقائدة للعالم وكقطب وحيد يهيمن على العلاقات والسياسات الدولية ، ولن أبالغ إذا قلت بأن السياسة الخارجية الامريكية تتعرض لإنتكاسات سياسية كبيره في هذه المنطقة بالذات ، ويبدو أن السبب في ذلك هو سوء إدارة الاحداث والصراعات في المنطقة ، واستغلال الطرف الآخر ( التحالف الشرقي ) لذلك الاستغلال الأمثل , فها هو هذا التحالف يسبطر اليوم على العراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة ويحاصر حلفاء امريكا والغرب من كل الجهات ، وبناءا على ذلك لن أبالغ إذا قلت بأن التحالف الغربي بقيادة أمريكا يعيش مرحلة صعبة جدا ، لم يسبق أن تعرض لها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1990م ، كل ذلك بسبب السياسات الخاطئة والفاشلة للقيادة الامريكية ، وسوء تقديرها للتطورات والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط ، بل لا يستبعد أن تلك السياسات السلبية قد ساهمت وشاركت في الوضع القائم اليوم ، وحنكة وكفاءة الطرف الآخر الذي استغل كل ذلك لمصلحته ، واذا كان التحالف الغربي قد نجح في استنزاف روسيا في اوكرانيا ، فإنه على موعد مع حرب استنزافية في منطقة الشرق الأوسط ، ويبدو بأن تصريح الرئيس الأمريكي بايدن والذي يقول فيه بأنه لن يسمح لروسيا وحلفائها بالنصر ، هو ليس أكثر من صحوة متأخرة من رئيس هو أسوأ الرؤساء الذين حكموا امريكا على مر التاريخ ، والساعات القادمة كفيلة بكشف تفاصيل هذا السيناريو من كل الجوانب ..!!