Image

القلب النابض لثورة 14 أكتوبر.. تعز .. روح وصوت الثورة اليمنية شمالًا وجنوبًا.

ـ أنجبت أعظم فدائي عرفه التاريخ ضد الاستعمار في عدن.


مع إنطلاق شرارة الثورة الأولى من جبال ردفان في محافظة لحج ضد المستعمر البريطاني البغيض لجنوب الوطن في 14 أكتوبر من العام 1963م، وما تلتها من عمليات ثورية وفدائية استهدفت الاحتلال في مقتل حينها، بالتزامن مع إلتفاف شعبي كبير في مختلف مدن الجنوب اليمني، كانت تعز بمثابة القلب النابض لثورة 14 أكتوبر، نظرًا لدورها المحوري في مساندة الثورة، وجمع التبرعات لها، وإمدادها بالمال والسلاح، وتدريب وإعداد الأبطال، والمشاركة فيها، وبرز قادة من تعز أبلوا فيها بلاءً حسنًا.

تعز .. التهيئة لثورة ١٤ أكتوبر
لعبت محافظة تعز، دورًا محوريًا في إنجاح ثورة الـ ١٤ من أكتوبر عام ١٩٦٣م ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن، وكان لها وأبنائها دورًا كبيرًا في التهيئة لثورة ١٤ أكتوبر; باعتبارها المحافظة التي كانت تشكّل حلقة الوصل بين شمال اليمن وجنوبه. 
كما أنها كانت البيئة الحاضنة للمناضلين والثوار والسياسيين من أبناء المحافظات الجنوبية، إلى جانب كونها المكان الذي يتم فيه تدريب طلائع ثورة ١٤ أكتوبر، فضلًا عن أنها كانت منطلقًا لتهريب السلاح من شمال اليمن إلى الثوار في جنوب الوطن، بالإضافة إلى دورها الثقافي والتوعوي بالثورة عبر اذاعتها التي كرّست معظم برامجها لمساندة ثورة 14 اكتوبر في الجنوب، وكانت الناطق الرسمي باسم ثوار الجنوب.
ويؤكد العديد من المؤرخين للثورة اليمنية، بأن أبناء محافظة تعز ساهموا بشكل لافت في القتال بالسلاح، وتقديم الدعم المادي من قبل تجار تعز ونخبها لدعم إخوانهم في المحافظات الجنوبية في ثورة ١٤ أكتوبر، وتحقيق انتصارها، وإعلان الاستقلال، ورحيل آخر جندي بريطاني في ٣٠ نوفمبر عام ١٩٦٧م.
ويشيرون إلى أنه قبل اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاحتلال البريطاني، كانت تعز بمثابة القِبلة للحركة الوطنية اليمنية الجنوبية، حيث أُسست فيها العديد من الأحزاب والمنظّمات الثورية والجماهيرية التي حشدت لثورة 14 أكتوبر أو شاركت فيها. وبدأت حركة القوميين العرب نشاطها في مدينة تعز عام 1959م، وفيها أُفتتح أول معسكر لتدريب أبطال ثورة 14 أكتوبر مطلع عام 1964م، وكان يوجد فيها -قبل ذلك- معسكرات عدة للأحرار، تديرها قيادة الجبهة الوطنية، التي افتتحت فيما بعد مكتبها الرئيسي بمدينة تعز، في 3 يونيو 1964م، بحضور الرئيس قحطان الشعبي، وسالم ربيع علي، وعبود الشرعبي، وغيرها من القيادات الأخرى.

إيجاد إطار سياسي للثورة
ويشير عدد من المؤرخين إلى أن قيادة ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن، والقيادة المصرية قد ساعدت على تبني الأحزاب والقوى السياسية والقومية في إيجاد إطار سياسي لها، لتشديد عملية المقاومة ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب، واتباع شكل النضال المسلح كشكل رئيسي في عملية المواجهة، خاصة وأن الجماهير اليمنية في كل مناطق الجنوب قد انتقلت بحماس إلى مدينة تعز والعاصمة صنعاء تطالب بحمل السلاح ضد الاستعمار وحماية الثورة السبتمبرية من الأعداء الذين تكالبوا عليها في الشمال ومن الاستعمار وعملائه في الجنوب.
وفي هذا السياق، يقول كُتَّاب ومؤرخون إن الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل عقدت مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965م، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن.
واعتبرت الجبهة نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية وميثاقها الوطني.
وفي هذا الصدد أيضًا، يقول المناضل على أحمد السلامي، في ورقة عمل إن الإعداد لتفجير ثورة 14 أكتوبر انعكس على الاشكال النضالية المتعاقبة للكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، ودور الأحزاب والتنظيمات الوطنية التي بدأت تتأسس منذ عام 1951م، وأبرز هذه التنظيمات الجبهة القومية التي اتخذت من مدينة تعز مقرا لها وتلقت المساعدة من مصر من خلال الضباط المصريين، وتلتها تشكيلات قتالية في كل المناطق الجنوبية بقيادات منظمة إنطلقت عبر محاور تعز وقعطبة والبيضاء وإب لدعم ثورة ١٤ أكتوبر الخالدة.

وكانت تعز فعلًا القلب النابض لثورة ١٤ أكتوبر، حيث أسهمت بقوة في دعم هذه الثورة الوليدة  والمشاركة فيها، وتناولت كتابات عن دورها في الانتصار لثورة ١٤ اكتوبر، و عن وصول أول شحنة أسلحة نُقلت من تعز إلى الثوار في مديرية ردفان بمحافظة لحج جنوب اليمن يوم 9 يونيو عام 1964م، كما أُرسلت شحنة ثانية في نوفمبر من العام نفسه. وتوالى بعد ذلك إرسال شحنات الأسلحة والمقاتلين من تعز إلى عدن حتى رحيل آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد.

احتضان قيادات الثورة
وكان لاحتضان تعز قيادات الجبهة القومية، وتواجُد قيادة القوات المصرية هناك، وبالتعاون مع أبطال ثورة 26 سبتمبر 1962م، دورًا كبيرًا في استمرار إمدادات السلاح إلى أبطال ثورة 14 أكتوبر، وظلت تعز تؤدي دورًا محوريًا في مساندة الثورة الأكتوبرية، وإمدادها بالمال والسلاح، والمشاركة فيها بقوة. وبرز قادة من تعز كان لهم دورًا بارزًا في الدفاع عن الثورة، وأشهرهم عبود الشرعبي، الذي صار اسمه أيقونة للنضال، ضد الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن.

مهمة دعم الثورة 
بالنظر إلى الوضع الذي كان عليه اليمنيون شمالًا وجنوبًا في العام 1967م، عندما اختارت قيادة ثورة 14 أكتوبر يوم استشهاد البطل مهيوب علي غالب الشرعبي، المعروف بـ"عبود الشرعبي"، 11 فبراير 1967م، يومًا للشهيد الجنوبي، إذ كان عبود الشرعبي من أبرز القيادات العسكرية لثورة 14 أكتوبر، مع الكثير من أبناء تعز الذين شاركوا في ثورة اكتوبر.

إذاعة تعز الناطق الرسمي باسم الثورة
وُصفت إذاعة تعز بأنها الناطق الرسمي باسم ثورة 14 أكتوبر، وذلك لتغطيتها المكثفة لمجريات الثورة، وسير المعارك، وبث بيانات الثوار والانتصارات التي يحققونها، كما كانت تشد الهمم والعزائم، وتبث الأناشيد الثورية وخطابات قادة الثورة، وتحث على استمرار النضال، وظلت تساند الثورة منذ اندلاعها وحتى جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد، بالإضافة إلى دورها في إسناد ثورة 26 سبتمبر والمساواة في تغطيتها لكلتا الثورتين.
ولم يقف دعم تعز لثورة 14 أكتوبر في حدود الداخل، وإنما كانت تعز حلقة وصل بين الثورة والعالم، حيث كان أفراد وقيادات الجبهة القومية وجبهة التحرير ينتقلون عبر مدينة تعز إلى مصر وغيرها، لبحث الدعم والإسناد الخارجي للثورة، والتعريف بممارسات الاحتلال البريطاني،

وأخيرًا التفاوض مع بريطانيا حول رحيلها وتسليم إدارة جنوب البلاد لقيادات الثورة.
وبما أن مدينة تعز كانت بمثابة القلب النابض لثورة 14 أكتوبر، فإن مدينة عدن كانت قبل ذلك ملجأ للثوار من شمال الوطن الذين أشعلوا فيما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد الإمامة الكهنوتية، وكانوا قد فروا إلى عدن هروبًا من بطش الإمام، وبدأوا من هناك النضال السلمي ضد الحكم الإمامي المستبد، وأسسوا حزب الأحرار في أواخر يونيو 1944م، وأصدروا الصحف والنشرات، لدرجة أقضّت مضاجع الإمام.
وقد حاول الإمام يحيى ونجله احتواء المعارضة لحكمه في عدن، وأرسل ولي عهده، في 11 أبريل 1946م، إلى مدينة عدن، لإجراء محادثات مع الحاكم البريطاني "ﺭﻳﺠﻨﺎﻟﺪ ﺷﺎﻣﺒﻴﻮﻥ"، طالَب خلالها بالحد من نشاط المعارضة، وحاول الالتقاء ببعض رموز الجمعية اليمنية، لكنه لم يتمكّن من ذلك، وعاد إلى والده بخفي حنين.

الفدائي المرعب للإنجليز
سُميت العديد من مؤسسات الدولة في جنوب الوطن باسمه، فكان هناك لواء عسكري في الجنوب يحمل اسمه، كان متمركزًا في الضالع، وكانت هناك مدرسة في مديرية خور مكسر بمدينة عدن باسمه، وكان هناك مركز صحي في ذات المديرية باسمه، وكذلك حي وشارع.
لقد عُرف الفدائي الثائر المنتمي إلى محافظة تعز ومديرية شرعب الرونة بالتحديد، م هيوب علي غالب الشرعبي، بإسم "عبود" فمن هو؟
انه أحد أبناء قربة الجبانة عزلة الدعيسيه في شرعب الرونة محافظة تعز، سافر إلى عدن بداية الخمسينات وعمره 14 سنة للبحث عن عمل ومواصلة تعليمه الذي كان قد شرع فيه بـما كان يعرف بـ (المعلامة) بقريته  . تنقل هناك في أكثر من عمل  وفي عام 1961م التحق بصفوف المقاومة واصبح متخصصًا في تنفيذ العمليات الهجومية  الفدائية ضد الإنجليز بعد أن أخذ دورة على ذلك في مصر. 
سافر  بعد الثورة إلى الشمال وشارك في فك الحصار على يَسْلِح في عهد السلال،  وقاتل في صرواح، وعاد إلى عدن وأصبح من كبار القادة الفدائيين في الجبهة القومية. أقلق الاستعمار في عدن ونفذ العشرات من العمليات الفدائية وأصبح اسمه الحركي (عبود ) يتردد في كل عدن. 
وفي عام 1961م التحق الشهيد مع رفيق دربة احمد قاسم سعيد الشرعبي، بدراسة قواعد اللغة العربية في نادي الاعروق، بمدينة المعلا في عدن تحت إشراف الأستاذ عبدالرزاق شائف مع نخبة من المدرسين في النادي، يقومون بتدريس قواعد اللغتين العربية والإنجليزية، وأثناء الدراسة في النادي تعرف الشهيد على مبادئ والهداف حركة القوميين العرب وذلك من خلال الأستاذ عبدالرزاق شائف، الذي قام بترتيب أمر التحاق الشهيد مع رفيق دربه في عضويه وصفوف الحركة وفي نهاية عام 1961م، وأدى الشهيد القسم التنظيمي على يد الأستاذ عبدالرزاق شائف والفقيد عبدالوراث الأبي.

ترتيب وضع الفدائي
ورُتب وضع تنظيمي للشهيد في إطار القطاعات التنيظيمة لحركة القوميين العرب في عدن، وبانطلاقة ثورة 14 أكتوبر التحررية المسلحة في عام 1963م بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل والتي شُكّلت في أغسطس 1963م من حركة القوميين العرب وتسع فصائل وطنية أخرى، رُتب وضع الشهيد عبود بحيث صار عضواً في الجبهة القومية وضمن قيادة العمل السياسي والفدائي في عدن.
وفي مطلع عام 1964م سافر الشهيد عبود، مع مجموعة من الفدائيين والمناضلين إلى مدينة (تعز) للالتحاق بدورة تدريب عسكرية، وبعد إكمال الدورة عاد الشهيد مع مجموعته إلى عدن وعلى الفوريدات العلميات الفدائية. وبدأت عدن تشهد علماً فدائياً واسعاً وقوباً ضد قوات الإحتلال البريطانيين وكان يوم توقيت فتح جبهة عدن في يوم 2 أغسطس 1964م ونفذ وقاد الشهيد علميات فدائية كبيرة، في كل مستعمرة عدن اغلبها في حي المعلا وخورمكسر.
وفي نهاية عام 1964م تفرغ الشهيد عبود الشرعبي للعمل الفدائي لقيادة وتخطيط وتنفيذ العمل الفدائي. حيث تبوأ الشهيد مواقعًا قيادية في إطار قيادة القطاع الفدائي للجبهة القومية في مدينة عدن، وصار من ابرز قادة القطاع الفدائي للجبهة القومية في مستعمرة عدن.
وفي عام 1965م وفي شهر يناير تحديداً وفي الساعة السادسة صباحاً اعتقلت القوات البريطانية الشهيد عبود، وهو خارج من منزل رفيقة الدائم احمد قاسم سعيد، وفي فناء مستشفى الملكة (الجمهورية)، وذلك بإيعاز من عملاء بريطانيين رصدوه وهو يدخل المنزل. وأُودع معتقل المنصورة لمدة ستة أشهر، تعرض خلالها لتعذيب جسدي ونفسي شديدين وبسبب التعذيب بترت إحدى أصابع يده ، وحكم عليه بالتسفير إلى مدينة تعز.

تدريب خارجي
وفي مدينة تعز بعثته قيادة الجبهة القومية المتواجدة هناك إلى الخارج في دورة تدريبية على أساليب طرق قيادة حرب العصابات والعلم الفدائي في المدن، وعند إكماله لدراسته في حرب العصابات في المدن والمعسكرات مُنح من عناصر الجبهة القومية في جيش اتحاد الجنوب العربي والبوليس بطاقات قائد عسكري مما مكنة من القيادة والتخطيط والتفنيد لعمليات فدائية في أخطر وأهم المواقع البريطانية في عدن. وتمكن الشهيد بفضل قدراته ومواهبه وروح الإقدام والإخلاص والاستعداد للتضحية والسرعة في الحركة والدقة في التخطيط والشجاعة العالية، تمكن من تنفيذ العمليات الفدائية الجسورة والخطيرة، وهذه المزايا مكّنته من الإفالت من الوقوع في أيدي سلطات الإحتلال وأجهزتها الاستعمارية. كما مكنته من تبوَّأ مواقع قيادية فدائية هامة في قيادة الجبهة القومية وثورة 14 أكتوبر التحررية المسلحة.
وكان للشهيد دورًا مهمًا في دعم ومساندة جمهورية 26 سبتمبر في الشمال جيت اشتراك مع رفيق دربه وزملاء آخرين ضمن فرق شُكّلت في عدن لجمع التبرعات المالية وتعبئة المواطنين والمتطوعين وإرسالهم للالتحاق بالحرس الوطني والجيش الجمهوري للدفاع عن الجمهورية. هذا إلى جانب التعقب والمطاردة لفلول الملكيين الذين كانوا يُحاربون الجمهورية من مناطق الجنوب، وخصوصاً من عدن وبيحان. واهم الأعمال الذي قام بها الشهيد مع رفيق دربه علمهم بأن مكتب الملكيين الذي كان في عدن، و يُدار من قبل ( اقدامة والشيخ عبدالعليم حسان)، وكذلك ( شريف بيحان ) سلطان ولاية بيحان، قاموا هؤلاء وتحت إشراف وتموين الاستخبارات البريطانية في عدن في التخطيط لنسف القيادة المصرية في (تعز) بواسطة سيارة لاندروفر، حيث جهزت الاستخبارات البريطانية سيارة مفخخة بالمتفجرات، وبتوقيت زمني مجهزة بساعة توقيت بهدف نسف القيادة المصرية بتعز.
وعند بحثهم عن الشخص المنفذ وقع الاختيار على صهر المناضل احمد قاسم سعيد وزوج أخته، وهو ساكن معه في بيته هو وكريمته ووالدته في مساكن مستشفي المكلة (الجمهورية)، وذلك لتنفيذ العملية المذكورة. وذات يوم وفي النصف الثاني من الستينات من القرن العشرين حضر فدامه وعبدالعليم حسان إلى منزل احمد قاسم سعيد وسألا عن محمد غالب سيف القرعي، وكان ثلاثتهم يمضغون القات، الشهيد عبود احمد قاسم وصهره محمد غالب القرعي، وقال لهم احمد: "نعم موجود"، وقام القرعي وأدخلهم إلى غرفة احمد، واتفقوا معه ان يأخذ السيارة المفخخة إلى تعز بتفجيرها بجانب القيادة المصرية بتعز ويعود إلى عدن وسلموه مبلغاً كبيراً من المال ليرشي نقطة الراهدة ليصل إلى تعز.
وكان التفكير ان يتم القضاء على الملكيين في المنزل، ولكن أعملوا الفكر في مصيرهم اللاحق، وكذلك مصير العلمية واتفق الشهيد مع الاثنين الآخرين ان تبلغ قيادة الجبهة لاقومية عن هذه العملية، وان يتم الضغط على الصهر بان يسلم نفسه مع السيارة المفخخة إلى القيادة المصرية في تعز، وهذا ماحصل بنجاح كبير.

عملية مدينة الشعب
وفي يوم السبت 11 فبراير 1967م استيقظ الشهيد عبود الشرعبي ومن نومه مبكراً وكان نائماً في منزل المناضل احمد قاسم وركب سيارته نوع (اوستن ميني) بيضاء اللون والتي كانت معبأة بالألغام وتوجه إلى مدينة الاتحاد (الشعب حاليا) وكان في انتظاره هناك الشهيد الدوم، وآخرون حيث قاموا بزرع الألغام في ميدان الاتحاد الذي كان مقرراً ان يقام فيها لاحتفال بعيد الاتحاد الفيدرالي الثامن والذي تأسس في 11 فبراير 1959م وحضر كل السلاطين ووزراء حكومة الاتحاد الفيدرالي والقادة والمسؤولون البريطانيون وعند حضور المندوب السامي البريطاني وقائد القوات البريطانية في الشرق الأوسط بطائرة مروحية تم اكتشاف بان ميدان الاحتفال مزروع بالألغام، فلم تهبط الطائرة وقفلت عائدة من حيث آتت إلى حي التواهي وانفض الاحتفال.
وخلال هروب السلاطين والعملاء والضباط البريطانيين فتح الشهيد النار مع رفاقه ورموهم بقذائف المدفعية المختلفة الأنواع وسقط عدد كبير من ضباط وجنود الاحتلال البريطاني وعملائهم صرعى واستشهد من فدائي الجبهة القومية الشهيد الدوح .

استشهاده 
وفي نفس اليوم اشتعلت معارك ضاربة في كل أنحاء المستعمرة عدن وانتقل الشهيد عبود الشرعي من مدينة الاتحاد إلى مدينة الشيخ عثمان وقاد المعارك بنفسه من خلال شاهد عيان - هو كاتب هذا الكتاب- فقد استشهد مهيوب على غالب الشرعبي (عبود) في عملية فدائية نوعية فقد قفز على سطح ناقلة جنود بريطانية وألقى بقنبلة يدوية في فتحتها في الأعلى لتنفجر محدثة إصابات كبيرة بين قتلى وجرحى من الجنود البريطانيين، ومن ثم جرى خلال سوق البلدية في الشيخ عثمان ورصده جندي بريطاني كان متمركزاً مع ثلة من الجند فوق سطح عمارة البنك القريب من مسجد النور، وأطلق عليه النار ليسقط شهيد الثورة والتحرر.

حياته الاجتماعية
وعن حياة الشهيد الاجتماعية فقد تزوج عام 1964م من ابنة عمه عبدا لله غالب في قرية الجبانة عزلة الدعيبسه شرعب الرونة، إلا انه انفصل عنها بعد عامين ولم تنجب له أطفالا.
وارتبط بفتاة من فتيات المنصورة وكانت من أعضاء قطاع الطوارئ للجبهة القومية واستشهد قبل ان يقترن بها، وللشهيد عبود شقيق واحد من والده ويحمل نفس اسم الشهيد مهيوب على غالب ولدية شقيقتان من والدته هو خيرية عبده بشر ومريم عبده بشر وتعيشان في عزلة الشحنة قرية الداخلة شرعب الرونة، إما شقيق مهيوب علي غالب فهو يقطن في وحدة عبدالعزيز عبدالولي في المنصورة في عدن وقد حضره رفيق درب الشهيد احمد قاسم سعيد وقريبة من القرية واشرف على تربيته وتعليمه ولم يلتحق بالدراسة الجامعية بناء على رغبته الشخصية.
ما يجدر الإشارة إليه هو ان مقاتلي جبهة التحرير والجبهة القومية قد اجتمعا لأول مرة للمشاركة في تشييع جثمان الشهيد عبود، بالإضافة إلى مشاركتهما معاً في جنازة أنجال عبدالقوي مكاوي بعد نحو أسبوعين تقريباً، وهما الجنازتان اللتان لم تشهد عدن مثيلاً لهما من قبل مما أزعج الاستعمار كثيراً لكون ذلك ان يؤشر إلى ما يمثله الاتحاد من قوة.

الشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي (عبود)... - اليمن مهد الحضارة | فيسبوك
الشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي (عبود)... - اليمن مهد الحضارة | فيسبوك

وكما هو معروف ان الراحل سالم ربيع علي - رحمه الله- وفضل محسن عبد ا لله عضو المجلس الاستشاري وعلي محاضر قاسم من الذين شيّعوا جثمان الشهيد عبود وما يزال من حضروا التشييع يتذكرون عندما نزل سالمين بنفسه إلى القبر ليتأكد من وضع الجثمان الصحيح نحو القبلة

تلك هي تعز وأبنائها، سجّلت حضورًا لافتًا في جميع مراحل النضال الوطني للتخلص من الامامة شمالًا، والاستعمار جنوبًا، واليوم تعز ترزح تحت وطأة الاحتلال الجديد القادم من إيران ممثلًا بمليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا وذات الفكر والتوجه الصفوي الخالص.. في انتظار لحظة يحاكي فيها أبناء المحافظة تاريخهم النضالي والثقافي في إنجاح الثورة اليمنية المباركة "سبتمبر واكتوبر ونوفمبر".