Image

" 21 سبتمبر" يوم دَفن الحوثي اليمن بمساحات ضيقة من المقابر

ها هي ذكرى انقلاب الحوثي المشؤوم على الدولة تحل وسط المعاناة الإنسانية التي يكابدها اليمنيون في المناطق الخاضعة لسيطرته بالقوة، والتي يحاول فيها الحوثي، دَفن الشمال كله  بمساحات ضيقة كي تحيا جماعته، ومشروعه الذي لا يخدم سوى المد الإيراني في المنطقة على حساب دماء اليمنيين .
من تعز إلى صعدة، لا يمر يوم إلا ويسقط قتلى، وجرحى، ومعاقون من كافة أبناء المحافظات، بالكاد تستريح أنفاس الضحايا الجدد لفترة وجيزة قبل أن توارى الثرى عقب دورات تدريب قتالية وثقافية مكثفة لا يستطع أحد  إيقافهم. وحدها مَلازم الموت المحشوة في الجماجم ترشد الضحايا إلى زوايا الهلاك المفتوح، والمقابر التي تنتظر قدومهم محملين بتابوت وزوامل، واحتفاء كاذب، وزغارديد الزينبيات .

بالأمس، خرج علينا المدعو "مهدي المشاط" بثمتلية افتتاح، ووضع الحجر الاساس لمشاريع وهمية لعصابة الحوثي حتى يغطي على  مشاريع الخراب التي حَوَّلت حياة اليمنيين إلى جحيم ، مشاريع تحمل يافطات تفوح منها رائحة الموت، ليس لأمريكا، ولا لاسرائيل، بل لليمنيين

انهم يحتفون اليوم  بأهم منجز لعصابة مليشاوية "مشروع المقابر"، كما تحب أن تسميه "روضة الشهداء"، المشروع الوحيد الذي قدمته الحوثية لجميع المحافظات حتى أصبحت كل مديرية في تلك المناطق التي تسيطر عليه لديها مقبرة أو مقبرتان، خاصة بصرعاها في الجبهات كنتاج للمشروع  الذي ينتهجه الحوثيون، و الذي يبدأ بترديد الصرخة، وينتهي بسكرات الموت .

أنشأت المليشيا مقابر خاصة بالصرعى الذين ينتمون إلى سلالتها، و يمكنني أن أصفها ب"مقابر خمسة نجوم" في تكريس مشروعها العنصري، وتقسيم القتلى إلى طبقات بناءً على اعتبارات عنصرية، فهناك مقابر لما يُسمى ب "القناديل" وتخص قتلى السلالة الهاشمية، ومقابر أخرى لمن يُطْلَق عليهم "الزنابيل"، وهم المقاتلون في صفوفهم من أبناء القبائل الذين يستخدمونهم في المعارك ترغيبًا وترهيبا. كما تختلف أشكال وأحجام تلك المقابر والقبور على مستوى العناية والتصميم، وخصصت أكبر مقبرة للسلالة الحوثية كجزء من استراتيجية الدعاية والتأثير التي تتبعها مليشيا طهران، فهي من جهة، تُسَلِّط الضوء على خسائر المشروع الإيراني الذي تُرَوِّج له المليشيات، وتضخ له من دماء اليمنيين، ومن جهة أخرى، تكشف عن استغلالها في تشييد تلك المقابر لتعزيز الولاء والانتماء، وجذب الدعم الشعبي لصالحها.

كشفت زيادة أعداد المقابر، عن حجم الضحايا التي تُقدم قرابينًا للمشروع الفارسي في اليمن. 
فقد زادت تبعًا لذلك، أعداد الأرامل، والأيتام، والأسر التي أصبحت بلا عائل. ضاقت الارض بالأحياء، ولم تعد تتسع للموتى،أزمة قبور وزيادة صرعى الحرب 
التي يتم تشييع الجنائز فيها بحفلات باذخة مواكب السيارات، تزيينها باللون الأخضر، والزخارف، والأعلام، وإطلاق الرصاص الكثيف، وزغاريد ما  تُسمى "بالزينبيات" على أبواب منازل أهالي القتلى; المطالبة بتقديم أضحية أخرى من ابنائها خدمة للكهنوت القادم من كهوف مران .

استحداث المقابر مذبحة ترتكبها المليشيا الحوثية بحق اليمنيين، من خلال زج الأطفال والشباب  في حروب مذهبية، وطائفية، وعنصرية يدفعونهم للموت من أجل تحقيق مصالح الحوثيين، طالما ظل زعيم الانقلاب "عبد الملك الحوثي" يَعد أنصاره بفتح المزيد من المقابر في باقي المناطق اليمنية التي لم يدخلها بعد، وإيصال النازية الكهنوتية إلى السلطة، ومزاعم وأكاذيب الحق الإلهي .

في سياق التباهي والتفاخر بمشروع الموت لليمنيين الذي تُرَوِّج له الجماعة لاستقطاب مزيد من القتلى، مليشيا الحوثي تحتفي بذكرى صرعاها بفتح المزيد من المقابر، والتحشيد إلى معسكرات الموت، وتستغل صرعاها لجباية الأموال من التجار بإقامة احتفائية بكائية سنوية تشبهًا بإيران; للترويج لأفكارها الإرهابية  ذات الصبغة الطائفية، ودفع الشباب إلى التوجه إلى معسكرات الموت من اجل المشروع الفارسي، وإنفاق مليارات الريالات على إقامة الاحتفاء بصرعاها، وتشييد المقابر، بينما أُسرهم يتضورون جوعًا بعد أن فقدوا من كان يعولهم في الحرب التي تقودها عصابة الحوثي ضد الدولة .

إذا كان هناك من يتحدث اليوم عن السلام، عليه أن يدرك، وهو يشاهد افتتاح المزيد من المقابر في (صنعاء، وذمار، والمحويت، وإب، وحجة، والحديدة، وتعز- الحوبان) إن تعنث الحوثي يسير في طريق الموت، و يمضي باليمن نحو الهاوية والدمار. إنها عصابة متعطشة للدماء، و  لا تتوقف عن تهديدها بفتح المقابر لليمنيين، وبدلًا من رفع معاناة المواطنيين من الحصار، نجد قادتها يهددون بفتح مقابر جديدة، بدلًا من فتح معابر آمنة لمدن تتعرض لحصار خانق منذ تسع سنوات.

" تسع سنوات" على نكبة "21 سبتمبر" ، ولم يتغير شيء للأمام، فقط تم تعبئة مساحات كانت فارغة بجثث المئات من ضحايا الحرب.