الفعل الثوري في حياة ووجدان الشعوب ..!!

08:19 2023/09/16

من يقرأ في التاريخ السياسي البشري سوف يجد بأنه حافل بالكثير الكثير من الثورات ضد أنظمة الحكم الاستبدادية والقمعية المختلفة ، وذلك لأن الإنسان بطبيعته يعشق الحرية ولا يقبل الظلم والاستبداد ، وبمجرد أن يجد الفرصة المناسبة للثورة على الظلم والظلمة ، فإنه لا يتردد في المشاركة فيها ، ولا يتردد في التضحية بأغلى ما يملك في سبيل نيل حريته والتخلص من جلاديه وظالميه ، ومهما إستكان الانسان وتحمل جور وظلم الحكام نتيجة ضعفه وقلت حيلته ، إلا أن جذوة التحرر والخلاص منهم لا تنطفئ في صدره ، وكلما مارست السلطات المزيد من الاستبداد والظلم كلما زادت جذوة التحرر إتقاداً واشتعالاً ، في انتظار اللحظة المناسبة للظهور والبروز والمشاركة العملية في الثورة على أنظمة الحكم الاستبدادية ، وهو ما يعرف بالديناميكية الثورية المتجددة ..!!

وقيمة الفعل الثوري تتوقف على مقدار الحقوق والحريات التي يمنحها للشعب ، وعلى حجم التغيير الايجابي الذي يحدثه في حياة الناس ، وعلى مقدار العدالة والمساواة التي يحققها لهم ، فكلما كان المؤشر أكثر صعودا في الإتجاه الإيجابي كلما كان للفعل الثوري وقعه ومكانته العالية في قلوب الجماهير والعكس صحيح ، فدعم الشعب للفعل الثوري والتفافهم حوله يتوقف على نتائجه الإيجابية في حياتهم ، فكم من أفعال ثورية ترتب عليها نتائج كارثية وسلبية على حياة الشعوب ( نكبة الربيع العربي إنموذجاً ) ، والفعل الثوري عندما يكون استجابة لإرادة وطنية يكون أكثر قوة ونجاح وتفاعل والتفاف جماهيري ، بعكس حال الفعل الثوري المدعوم من قوى خارجية والذي يأتي استجابة لمشاريع خارجية ..!!

وثورة ال26 من سبتمبر 1962م هي التجسيد الحقيقي للفعل الثوري العظيم والخالد والناجح والمؤثر والإيجابي ، فقد أحدثت تغيير إيجابي هائل وكبير في حياة أبناء الشعب اليمني في كل المجالات ، فقد حررتهم من ظلم وجور وبطش وجهل وتخلف واستبداد النظام الإمامي الرجعي الكهنوتي البائد ، وجعلتهم يحطمون قيود العبودية والكهانة الإمامية ويستنشقون نسمات الحرية وينعمون بها ليعيشوا تحت سماء وطنهم أحرار وأعزاء وكرماء ، ودفعت بهم نحو آفاق العلم والتعليم والمعرفة الواسعة ، ومكنتهم من اللحاق بركب التقدم والتطور الحضاري ، وهو ما منح هذه الثورة المكانة العالية والرفيعة في قلوب كل أبناء اليمن الأحرار ، وجعلهم يلتفون حول أهدافها العظيمة حباً وامتناناً لما أحدثت في حياتهم من تغيير إيجابي كبير ..!!

وبذلك فإن عظمة الأفعال الثورية ليست بالشعارات ولا بالتسويق الإعلامي ولا بفرض مبادئها وأهدافها بالقوة ، بل بمنجزاتها ومكاسبها وبحجم التغيير الإيجابي الذي أحدثته وتحدثه في حياة الجماهير ، وكذلك بحبهم وامتنانهم لها والتفافهم حولها ، ومهما تباعدت سنين ذلك الفعل الثوري ، إلا أن عظمته في قلوب أبناء الشعب تتجدد وتزداد وتتعاظم كل لحظة ،  وهذا هو حال الشعب اليمني مع ثورتهم الخالدة والعظيمة ثورة ال26 من سبتمبر ، ففي كل ذكرى لهذه الثورة يزداد أبناء اليمن التفافاُ وعشقاً وتمجيداً وتمسكاً بها وبأهدافها ومبادئها الإنسانية والحضارية ، وهو ما يمنح هذه الثورة الريادة والتميز والأحقية والجماهيرية عن غيرها من الافعال الثورية ، فالثورة أفعال وانجازات وليست شعارات ، والثورة تغيير إيجابي وليس سلبي ، والثورة عطاء وليست أخذ واستغلال ، والثورة محبة وتسامح وليست كراهية وأحقاد ، والثورة تقدم وتطور وليست تراجع وتخلف ، والثورة عدل ومساواة وحرية ، وليست ظلم وتمييز عنصري واستبداد ، والثورة سمو ورقي وأخلاق وشفافية ، وليست سقوط وفساد ونهب وسلب ، والثورة رحمة وليست نقمة ، والثورة إرادة وطنية وليست عمالة خارجية ، والثورة خير وليست شر ..!!