تحرير العقل المسلم من الخرافات والأساطير ..!!

08:06 2023/05/29

إن من أهم المبادئ والتشريعات الحضارية التي جاء بها المنهج الإسلامي ، هي الدعوة لتفعيل العقل وتحريره من الخرافات والأوهام والأساطير ، بل إنها تجعل من التفكر والتدبر والنظر في الآيات الكونية المحسوسة ، واجباً من واجبات الدين ، وأساساً قوياً من أساساته ، وركناً عظيماً من أركانه ، وتطالبه باستثمار قدراته العقلية ، وتسخيرها لصالح دينه ودنياه ، وسعادته وحضارته ، ولن أبالغ إذا قلت  بأن الإسلام يأمر بإطلاق العنان للعقل البشري ليجول ويتفكر ويتأمل في جنبات الكون الواسع ليبدع ويبتكر ويخترع ويصنع ، إلا أن كل تلك التشريعات ، والدعوات ، والنداءات لم تشفع للدين الإسلامي ، من تسرب الكثير من الأفكار الخرافية والأساطير الوهمية ، من الديانات السابقة ، خصوصا الأساطير المسيحية والهندية ، والخرافات الفارسية ، والإسرائليات ، وغيرها ، والتي تسربت إلى الفكر الديني الإسلامي بطريقة أو بأخرى ، وللأسف الشديد ، ليت الأمر اقتصر على تسربها إلى الفكر الديني فقط ، ولكنها ومع مرور الزمن ترسخت لدى بعض المسلمين ، نتيجة الجهل أو التجهيل المتعمد ، لتتحول إلى جزء من معتقداتهم الدينية ..!!
 
وكل ذلك نتيجة عدم التزام وامتثال المسلمين للتشريعات الإسلامية ، التي تجعل من طلب العلم ، والقراءة ، والبحث ، والنظر ، والتفكير ، والتدبر ، والتأمل واجبات دينية ، والتي ترفض الخرافة ، وتحارب الأساطير والأوهام الخارجة عن نطاق العقل البشري وقدراته ، والمخالفة للسنن الكونية الثابتة ، والمتناقضة مع قوانين العالم المادي المحسوس ، وبدلاً من العمل بتلك التشريعات الإسلامية العقلية والعلمية ، وتفعيل العقل ، وإعمال الفكر ، والبحث العلمي ، ذهب بعض العلماء المسلمون للبحث في مجال الفلسفيات والإلهيات الخارجة عن نطاق العقل وقدراته ، والبعض الآخر سخروا بحثهم وتفكيرهم ، في تمجيد الأساطير ،  وتقديس الخرافات ، رغم علمهم أن بحثهم يتم في أمور خارجة عن نطاق وقدرات العقل ، والبحث فيها لا يزيد الأمور إلا تعقيداً وغموضاً ..!!
 
وبدلاً من بناء الفكر الديني الإسلامي ، على أسس عقلية ومنطقية وعلمية وبحثية ، إذا ببعض الفرق والمذاهب الإسلامية ، تقوم ببناء فكرها الديني على أسس خارج نطاق العقل والمنطق ، لتفتح الباب واسعاً للخرافات والأساطير والأوهام ، للتسرب إلى فكرها الديني ، لتصبح جزءً من معتقداتها الدينية ،فإذا بفريقٍ منهم يُقدس ويمجدالأشخاص ، بدلاً من تقديسه لله تعالى ، وإذا بفريقٍ آخر يقدس كلام البشر وروآياتهم ، أكثر من تقديسه لكتاب الله تعالى ، وإذا بفريقٍ ثالث يؤمن بالخرافات والأوهام والأساطير ، أكثر من إيمانه بالشرع والعقل والمنطق ، وإذا بفريقٍ رابع يتبارك بالأولياء ويتقرب إليهم ويلجأ إليهم ، أكثر من لجوئه وتقربه إلى الله تعالى  ، وإذا بفريقٍ خامس ينتظر المهدي ...الخ 
 
مجتمعات عجيبة وغريبة ، كتاب الله المقدس بين أيديهم ، فيه الهداية ، وفيه الرشاد ، وفيه الخير ، وفيه الصلاح ، وفيه السعادة ، وفيه العلم ، وفيه العقل ، وفيه الحكمة ، وهم يتبعون الخرافات ، ويؤمنون بالأساطير ، ويتعلقون بالأوهام ، ويقدسون الأشخاص ، ويتباركون بالأولياء ، لذلك لا غرابة أن نشاهد الجماعات الدينية المتخلفة ، والمتشددة ، والمتطرفة  ، وهي تعيث فساداً في المجتمعات الإسلامية ، وهي تنشر العنف ، والقتل ، والفوضى ، والتخلف ، وتُنظِّر للخرافات والأساطير ، وتتحكم في المعتقدات الدينية ، بما يتناسب مع مصالحها الدنيوية ، وأطماعها السلطوية ، وهي تسيطرعلى مجريات حياتهم ، وتتحكم في علاقاتهم الاجتماعية ، ولا غرابة أن نشاهد المجتمعات الإسلامية قابعة في مؤخرة الركب الحضاري للأمم ..!! 
 
والحقيقة أن ما تعيشه المجتمعات الإسلامية اليوم من تخلف وتراجع وفساد وعنف وفوضى ، ليس من الإسلام ولكنه من المسلمين ، الذين عطلوا عقولهم ، واتبعوا الخرافات والأوهام والأساطير ، وكل باحث يبحث خارج نطاق ( الوحي الإلهي ، والكون المادي المحسوس ) ، فهو مجرد باحث في عالمٍ من الخرافة والأوهام والأساطير ، وكل إيمان لا يقوم على الإيمان بموجب ( الوحي والآيات الكونية ) ، فهو مجرد إيمان بخرافة ، أو بوهم ، أو باسطورة ، وكل تقديس لم يُقدِّسه ( الوحي الإلهي ) ، فهو عبارة عن تقديس باطل ومرفوض ، وخلاصة القول أنه لا مكان في المنهج الإسلامي الوسطي ، للخرافات والأوهام والأساطير المخالفة للوحي والعقل والمنطق ، والمتناقضة مع القوانين الكونية المادية المحسوسة ، كما أن تفعيل العقل والتدبر في كتاب الله المقروء ( القرآن الكريم ) ، والتفكر والنظر في كتاب الله المنظور ( الكون ) واجب من واجبات الدين ، وإيمان لا يقوم على التدبر والتفكر هو إيمان غير مكتمل ..!!