الوحدة اليمنية.. منجز تاريخي وعظيم لليمن أرضاً وشعبا وتأكيد على تماسك الشعب اليمني

01:30 2023/05/23

تمر السنوات تلو السنوات، ويمر جيل يعقبه جيل، وبالرغم من الأزمات والحروب التي تشهدها اليمن منذ أكثر من اثني عشر عاما، إلا أن الوحدة اليمنية ثابتة لا تغيرها العواصف الخلاقه ولا المكايدات السياسية، ولكنها باقية لإنها وجدت لتبقى.
 
في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، جسد الزعيمان علي عبدالله صالح رئيس الشطر الشمالي حينها، وعلي سالم البيض رئيس الشطر الجنوبي حينها، أروع ملاحم البطولة والنضال والأخوة من خلال إعلان قيام الجمهورية اليمنية الموحدة، التي كان لها دور كبير فيما بعد في التأخي وتوحيد الصف والرأي.
 
جاءت الوحدة اليمنية لتكون هي إنجازاً من إنجازات ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر التي قضت على صنوف الإمامة والكهنوت والتخلف الرجعي في الشطر الشمالي، والرابع عشر من أكتوبر التي قضت على الاستعمار البريطاني ومخلفاته في الشطر الجنوبي.
 
كان هناك دور كبير لعدد من الشخصيات الوطنية التي كانت محسوبة على الحزب الإشتراكي اليمني وقيادة الشطر الجنوبي، بالإضافة إلى الدور الآخر لعدد من الشخصيات الوطنية في الشطر الشمالي، ولا نستطيع ذكر أسمائهم جميعاً حتى لا ننسى اسماً أو حتى لا نعطي كل شخص دوره في تحقيق الوحدة اليمنية، لأجل أن نكون منصفين ولا نظلم أو نهمل أحدا.
 
الجانب النسائي هو الآخر كان له بصمات واقعية وإسهامات كبيرة في تحقيق الوحدة اليمنية التي أعُلنت عنها في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، ليُسطر أسماءهن ويكتب بماء الذهب، للدور البارز الذي أسهمن فيه.
 
لاقت الوحدة اليمنية ترحيباً عربياً وإقليماً ودولياً واسعاً، وسط مباركات لكافة القوى السياسية التي نجحت في تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، تزامن معها اندهاش واستغراب القوى الخارجية إزاء ذلك الموقف المشرف الذي أسهم وأسس لميلاد الجمهورية اليمنية.
 
وعبر العديد من رؤساء وملوك عدد من الدول عن فرحتهم الشديدة وسعادتهم المطلقه في تحقيق الوحدة اليمنية المباركة بعد ما عاناه شطري اليمن من صراعات وحروب واحتلال عثماني وبريطاني، وفشل القوى الغربية في إدخال الشرق الأوسط إلى مستنقع من الدماء، وجره إلى الفوضى.
 
الشعب اليمني يقف جيداً مع الوحدة، وقد اختار اليمنيون ذلك بقناعة، وتجسدت بشجاعة نظام التعددية الحزبية والديمقراطية كنظام جديد للدولة وتجسد ذلك في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها اليمن خلال فترات عدة، وكذا أول انتخابات رئاسية عام 1999، ثم تبعتها انتخابات 2006، وأيضاً نقل السلطة سلمياً في العام 2012، ليقطع اليمن بهذا شوطاً كبيراً في العملية الديمقراطية ويحتل موقعا متقدماً في المنطقة.
 
إن تجربة الوحدة اليمنية تجربة جديرة بكل احترام وبكل تقدير، وبكل فخر وعزة ورفعة وشموخ، وهذا وضع طبيعي لأن انقسام اليمن إلى شطرين كان وضعاً غير طبيعي، فاليمن الموحد كان لا بد أن يعود موحداً ويبقى موحداً، وقوة اليمن في وحدته، وأن يرفض كل دعوات التفرقة مهما كانت الظروف والمغريات، فتجربة اليمن في الوحدة أثبتت قوتها وتغلبت على كل ما يمكن أن يسمى تآمر عليها وأثبتت أنها بالفعل متماسكة والشعب اليمني متمسك بهذه الوحدة. 
 
اليمن في موقعه ووضعه ودوره التاريخي لا شك أنه قام بهذا الدور بالنسبة لهذه الظروف التي يتكتل بها العالم من جديد تحت مقولة العولمة وغيرها من المصطلحات، وتعتبر الوحدة اليمنية أنجح تجربة وحدوية عربية في التاريخ العربي الحديث، وأهم إنجاز حققه الشعب اليمني في أواخر القرن الماضي بكونها عبرت عن طموحاته القومية العربية، كما أنها تعتبر من الأحداث العربية السعيدة القليلة في التاريخ المعاصر، وهي القاعدة والمنطلق لبناء الدولة القوية الحديثة.
 
أن تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، جاء في ظروف دولية اتسمت بتفكك وتمزق شعوب عديدة، لكن الوحدة اليمنية أصبحت حقيقة واقعية كحدث تاريخي عظيم بعد مايو 1990، يباهي به بين أمم وشعوب العالم، فهي قامت بفضل جهود أبناء اليمن، وفي كل الأحوال وقف وراءها بكل ثقة وصراحة الرئيس علي عبدالله صالح، بالإضافة إلى الشرفاء من الوطنيين في الشطر الجنوبي.
 
وفي قيام الجمهورية اليمنية تأكيد في تصميم الشعب اليمني على إقامة الوحدة وصونها رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها، وهي تجربة عربية فريدة مزجت بين الدافع الشعبي والإرادة السياسية، ففي الوحدة اليمنية نموذجا يفتح طاقة أمل في تحقيق الوحدة العربية الشاملة باعتبارها حلماً يداعب كل القلوب، وقد أستطاع الشعب اليمني في زمن الشتات والفرقة أن يفرض إرادته ويحقق بوحدته إحدى المعجزات المعاصرة. 
 
إن الوحدة اليمنية في مناسبتها تستحق أن يحتفى بها في يومها الأغر ليس على مستوى اليمن فقط بل على مستوى الوطن العربي كافة، كونها كانت وستظل علامة فاصلة لمرحلة مهمة في تاريخ العرب وعلامة مهمة على أن تحقيق الحلم الكبير بالوحدة العربية ممكن وليس بمستحيل خاصة مع إدراكنا لحجم المؤامرات التي كانت تعوق إتمام وحدة اليمن إلا أن تصميم القيادة اليمنية ومعها الشعب اليمني نجح في تحقيق حلم الوحدة، وأيضاً كونها بمثابة طوق نجاة في ظل عالم عربي تتهدده التجزئة والتفتيت لذلك ستبقى هذه الوحدة دائماً وأبداً بمثابة شعاع من الأمل يعطينا دفعة نحو تحقيق الحلم الوحدوي الكبير في أمة عربية واحدة.
 
لقد زار اليمن بعد الوحدة اليمنية، وخلال سنواتها الأولى، العديد من الزعماء والقادة العرب، وغيرهم من قادة الدول الغربية والأوروبية، والذين أشادوا بالدور الكبير في تحقيق الوحدة اليمنية، وتكاتف اليمنيين قيادة وشعباً في شطري اليمن على نجاح تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة.
 
تحدث عن الوحدة اليمنية الخالدة العديد من القادة، وعجزوا عن التعبير لها، فكتب عنها المفكرون والكتاب العرب، ورحبت بها سفارات الدول، وعُقدت المؤتمرات الصحفية، ومما قيل عن الوحدة تصريح الرئيس الأمريكي جورج بوش "إن أهمية الوحدة اليمنية تتجسد في أنها جمعت نظامين مختلفين في نظام واحد لاشك سيكون له دور بارز على السلام والأمن والاستقرار في المنطقة".
 
وقال عنها الرئيس ميخائيل جورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي: "لنا أمل أن الوحدة ستضاعف قدرات الشعب اليمني على القيام بمساهمته في قضية السلام والأمن الدولي والاستقرار وحسن الجوار في الجزيرة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط"، بالإضافة إلى تصريح الرئيس رشارد فون فايتسكر رئيس جمهورية ألمانيا: "رحبنا بوحدة اليمن هنا في ألمانيا لأنها ستكون طريقنا لإعادة وحدتنا بابتهاج عظيم".
 
ورغم المؤمرات والدسائس التي تريد النيل من الوحدة اليمنية، إلا أنها تنتهي بالفشل الذريع، وتنتهي بالانتكاسة، كون الشعب اليمني واعيا يدرك الخطر الحقيقي الذي يهدد وحدة اليمن ووحدة شعبه، ولأنهم يدركون أن النيل من الشعوب يبدأ بتفكيكه.