Image

الوحدة اليمنية في عهد الزعيم الشهيد/ علي عبدالله صالح إنجازات عملاقة وتنمية شاملة

ثمة اختلافات بين أنصار وخصوم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، في قراءة تجربته الطويلة والمميزة في الحكم قبل وبعد تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990، والتي استغرقت 12 عاما في الشطر الشمالي من اليمن، و21 عاما في الجمهورية اليمنية الموّحدة، بإجمالي 33 عاما في قيادة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لليمن الجمهوري شمالا وجنوبا على طريق الانتقال من الثورة إلى الدولة، ومن الركود إلى التنمية الشاملة، ومن الشمولية الأحادية إلى الديمقراطية التعددية.
 
بيد أنه لا يختلف اثنان على أن الحقبة الممتدة من 17 يوليو 1978، إلى 21 فبراير 2012، وهي فترة وجود الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الحكم، كانت مضيئة بالإنجازات الجبارة في كل المجالات، ومليئة بالأحداث والتحولات والمنعطفات التاريخية الهامة والإنجازات العملاقة والاستراتيجية التي ما كان لها أن تتحقق وتصبح واقعاً معاشاً لولا الحكمة والهمة والقدرة القيادية والجهد المتواصل والمضني وإخلاص كل الشرفاء الأحرار الصادقين مع الله ومع الشعب والوطن.
 
ويمكن تلخيص أهم منجزات الحقبة الذهبية للرئيس علي عبدالله صالح بما يلي:
أولاً: إعادة تحقيق الوحدة اليمنية
الثابت أن الوطن اليمني استعاد وجهه الشرعي الواحد، بقيام الجمهورية اليمنية التي دمجت دولتين شطريتين كانت كل واحدةٍ منها ابناً شرعياً لكل من ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وهما ثورتان ترابطت حركتهما وأهدافهما الوطنية في سياق كفاحي وطني واحد ضد الاستبداد والاستعمار.
 
بيد أن يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 لم يكتسب أهميته الوطنية من كونه اليوم الذي أنهى فيه شعبنا واقع التشطير الجغرافي والسياسي الذي انقسمت البلاد في ظله إلى دولتين ونظامين، بل أنّه بالإضافة إلى ذلك جاء تتويجاً لنضال طويل خاضته الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة، من أجل استعادة حرية الوطن والإنسان، والقضاء على كل القيود التي تحول دون تطوره الحر والمستقل.
 
بهذا المعنى يمكن القول إنّ يوم 22 مايو المجيد 1990 كان ثمرة لمسيرة كفاحية طويلة، تعمّدت بالدماء والتضحيات الغالية، في سبيل انتصار مبادئ وأفكار الحرية والاستقلال والتقدم والوحدة. وما كان لهذا الإنجاز الوحدوي الوطني العظيم أن يتحقق بالوسائل السلمية والديمقراطية، لولا الدعم المطلق الذي قدمه شعبنا وقواه الوطنية للإرادة السياسية المشتركة التي صنعت هذا الإنجاز، حيث جسدت هذه الإرادة أعلى مستويات الوعي الوطني الوحدوي الذي يعود إلى الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة فضل تأسيسه وتعميقه، من خلال عملية وطنية تاريخية ومعقدة.
 
لم يكن صدفة أن تشهد مدينة عدن التوقيع على اتفاق 30 نوفمبر 1989 الوحدوي التاريخي بين قيادتي الشطرين سابقاً، وأن تشهد هذه المدينة الباسلة رفع علم دولة الوحدة في لحظة تاريخية مهيبة من صباح يوم 22 مايو 1990 الذي قامت فيه الجمهورية اليمنية الموحدة. فقد كانت مدينة عدن ميداناً لأعظم المعارك السياسية والفكرية والثقافية التي تصدى من خلالها اليمنيون لمختلف المشاريع والمخططات الاستعمارية الرامية إلى تكريس التجزئة وطمس الهوية اليمنية وتلفيق هويات بديلة ومناطقية وانعزالية تحت مسمّيات مختلفة أبرزها (الجنوب العربي). 
 
ثمرة كفاح 
 
على أرض مدينة عدن تجسدت وحدة الكفاح الوطني ضد النظام الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني والكيانات السلاطينية في الجنوب، حيث أثمرت هذه الوحدة الكفاحية ثقافة وطنية وقومية تحررية، أسهم في تشكيلها الرواد الأوائل من قادة العمل الوطني والنقابات العمالية والمثقفون والصحافيون والأدباء والفنانون، الذين رفعوا عالياً أفكار ومبادئ الحرية والاستقلال والوحدة وتعرضوا في سبيلها لمختلف أشكال القمع والاعتقال والاضطهاد والنفي.
 
كانت معركة الهوية أولى المعارك التي اجترح الوطنيون الأوائل مآثر كفاحية على محرابها.
 
فقد أصر الوطنيون اليمنيون على التمسك بالهوية اليمنية للجنوب المحتل، والتصدي لكل المشاريع الاستعمارية والسلاطينية التي استهدفت فصله عن الكيان الوطني اليمني التاريخي الواحد، وتجزئته إلى 22 سلطنة وإمارة منضوية في أربعة كيانات انفصالية يحتفظ كل منها بعلم خاص وجوازات وحدود وجمارك وقوات مسلحة خاصة به.
 
كما قاوم الوطنيون اليمنيون بجسارة وثبات محاولات إضفاء هوية مستقلة على كل واحد من هذه الكيانات الانفصالية ، حيث حمل الكيان الأول اسم (اتحاد الجنوب العربي)، وحمل الكيان الثاني اسم (سلطنة حضرموت الكثيري) وحمل الكيان الثالث اسم (سلطنة حضرموت القعيطي) فيما حمل الكيان الرابع اسم (سلطنة المهرة وسقطرى). 
 
ومن نافل القول أنّ الإستراتيجية الاستعمارية عملت في بادئ الأمر على تكريس تجزئة الجنوب اليمني المحتل ، إلى أكثر من 22 سلطنة وإمارة ومشيخة، وربط هذه السلطنات والإمارات والمشيخات بالإدارة الاستعمارية، من خلال ما كانت تسمى بمعاهدات الحماية والصداقة بينها وبين حكومة بريطانيا، كما حرصت على تحويل هذه الكيانات السلاطينية إلى دويلات لكل منها هياكلها الإدارية والجمركية والأمنية، بالإضافة إلى حدودها المستقلة عن الأخرى. 
 
أهم رصيد الزعيم السياسي
 
ولا نبالغ حين نقول إن التحولات التي شهدتها البيئة السياسية لليمن بشطريه خلال العقود الثلاثة المنصرمة تشير إلى أن أهم ما تميز به الرصيد السياسي للرئيس علي عبدالله صالح هو ارتباطه بالمشروع الوطني التاريخي للثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) بما هو تجسيد للمبادئ والأهداف العظيمة التي ناضلت من أجلها الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة، واحتضنتها ورفعت بيارقها مدينة صنعاء ومدينة عدن الباسلتان في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم، حيث توحد في هاتين المدينتين وسائر المناطق اليمنية الأخرى نضال القوى الوطنية والقومية بمختلف تياراتها السياسية، وطبقاتها الاجتماعية ومدارسها الفكرية في مجرى الكفاح الوطني ضد استبداد الدولة الدينية الكهنوتية في شمال الوطن، والحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني في جنوبه، ومن أجل الحرية والاستقلال واستعادة الوجه الشرعي الواحد للوطن، وبناء الحياة العصرية لشعبنا في ظل يمن حر ديمقراطي موحد.
 
وبقدر ما تجسدت في نضال الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة أهداف مختلف القوى الفاعلة في المجتمع اليمني على طريق تحرير الوطن من الاستبداد والاستعمار والتجزئة، بقدر ما قدمت الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) نفيا تاريخيا لرواسب الثقافة الكهنوتية والسياسات الاستعمارية التي سعت إلى إثارة النزعات المناطقية والطائفية والمذهبية والقبلية، وتسويق ثقافة الكراهية بين أبناء الشعب اليمني الواحد بهدف تكريس الاستبداد والاستعمار والتخلف والانقسام والتبعية في كل أجزاء الوطن، وهو ما يفسر مشاركة جماهير شعبنا اليمني من مختلف المناطق والطبقات الاجتماعية والمذاهب والطوائف الدينية في تفجير ثورة 26 سبتمبر 1962 وثورة 14 أكتوبر 1963، والدفاع عن النظام الجمهوري في الشمال وتحرير جنوب الوطن من الحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني، وصولا إلى تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990 التي دشنت عهدا تاريخيا جديدا في حياة شعبنا، وأطلقت حوافز جديدة لتحريك عجلة التقدم نحو آفاق التنمية الشاملة والنهضة العصرية.
 
وبالنظر إلى أن ما تحقق خلال فترة تولي الرئيس علي عبدالله صالح كان وسيظل جزءا لا يتجزأ من المشروع الوطني التاريخي للثورة اليمنية وحركتها الوطنية المعاصرة بكل ما تنطوي عليه المشاريع الكبيرة من تحولات وإنجازات وأخطاء واختلالات ، فقد شدّدَ على ضرورة حماية الإنجازات التي تحققت، والتجديد في أنماط وطرائق التفكير والعمل الرامية إلى معالجة المصاعب والاختلالات وتصحيح وتصويب الأخطاء من خلال تمسكه بمبادئ الحوار والتسامح والتصالح والانفتاح باتجاه تنشيط مفاعيل التعددية السياسية والحريات والحقوق المدنية وتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الحكم، واختيار الحكام عبر انتخابات حرة وديمقراطية، وتجسيد المبدأ القاضي بأن الشعب، وليس أهل الحل والعقد، هو مالك السلطة ومصدرها كأساس لبناء دولة مدنية حديثة لا مكان فيها للاستبداد والتسلط والكهانة والتمييز.
 
من نافل القول إن 33 عاما من الزمن الثوري الذي ارتبط بالدور القيادي التاريخي للرئيس علي عبدالله صالح في قيادة الدولة والثورة، والإبحار بها نحو مرافئ الديمقراطية والوحدة والتنمية والأمن والاستقرار، توضح بجلاء أن أهم ما تميزت به هذه الحقبة التاريخية الحافلة بالتحولات والإنجازات والتحديات، هو توافر الارادة والقدرة على الربط الوثيق بين الاسترشاد بقيم وأهداف الثورة اليمنية من جهة، وبين الفعالية والإنجاز من جهة أخرى.
 
خيار وطني
وبوسعنا القول إن تحقيق الوحدة اليمنية على قاعدة الديمقراطية التعددية كان وسيظل أهم معالم وعناوين الحقبة التاريخية التي دشنها الرئيس علي عبدالله صالح في حياة شعبنا وبلادنا منذ السابع عشر من يوليو 1978. ولئن تعرضت الوحدة والديمقراطية لمخاطر ومؤامرات داخلية وخارجية عديدة كغيرها من المكاسب الوطنية التي حققتها مسيرة الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) منذ انطلاقتها ضد الاستبداد الإمامي في الشمال والحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني في الجنوب قبل 47 عاما من الكفاح والتضحيات والبطولات، فإن مواجهة هذه المخاطر والمؤامرات الداخلية والخارجية لا زالت تتطلب تفويت الفرص على تجار الحروب وفقهاء الحروب الطائفية المتعطشين لمشاهد الدماء، والحذر من الاستدراج إلى مستنقع الذين يشتغلون بالدعوة إلى الاقامة الدائمة في الماضي، والتحريض ضد الأخر المغاير، وتسويق ثقافة الكراهية المناطقية والمذهبية المسعورة.
 
وما من شك في أن خيار الديمقراطية الذي انتهجه شعبنا منذ قيام الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 1990 لا يمكن التراجع عنه وفك الارتباط به بأي حال من الاحوال، لأنه خيار وطني يجسد حق الشعب في أن يحكم نفسه بنفسه واختيار حكامه عبر صناديق الاقتراع وممارسة حقوقه في التعبير عن الرأي والفكر والموقف بالوسائل السلمية التي يكفلها الدستور والقانون. ومن واجبنا جميعا، حكاما ومحكومين، الاستفادة من تجارب ودروس الماضي وفتح حوار جاد ومسؤول داخل خيمة الثورة اليمنية، وتحت سقف الوحدة والديمقراطية، لمعالجة كافة الاختلالات والمشاكل التي تواجه مسيرة الثورة اليمنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها العدوان السعودي الذي يستهدف منذ 15 شهرا النيل من وحدة وسيادة واستقلال اليمن.
 
تأسيسا على ما تقدم يمكن القول بأن مصدر حيوية وفاعلية الدور القيادي للرئيس علي عبدالله صالح كان ولا يزال يكمن في حرصه على عدم الخضوع للضغوط والتحديات والرياح التي تراهن على إمكانية دفعه نحو فك ارتباطه بالمشروع الوطني الديمقراطي للثورة اليمنية بما هي أساس لشرعيته السياسية في مواجهة كافة المؤامرات الرجعية والمشاريع الصغيرة التي استهدفت ولا زالت تستهدف القضاء على هذا المشروع التاريخي الذي عمده شعبنا بدمائه وتضحياته الجسيمة، وإعادة عجلة التاريخ إلى عهود ما قبل الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.