Image

الـ27 من أبريل.. من حكم الشعب إلى الحق الإلهي

في الـ27 من أبريل، كانت اليمن على موعد مع العرس الديمقراطي الذي أرسى دعائمه الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح في التداول السلمي للسلطة، وعلى مبدأ الشعب يحكم نفسه بنفسه.
 
وظلت اليمن آمنة مستقرة أعطت للعالم تجربة فريدة في الممارسة الحقة للديمقراطية، إلى أن تكالبت عليها ما أطلق عليهم شباب الساحات، لتشهد اليمن في 11 فبراير 2011 أول انقلاب على الديمقراطية من قبل أحزاب وجماعات سلطوية  وجدت الديمقراطية لا تحقق مصالحها وتوسع المسافة بينها وبين السلطة.
 
وأخذت ترفع ودون خجل شعار آسقاط النظام، فحلت الفوضى والحرب والاقتتال في كافة ربوع اليمن. 
 
يقول الباحث في علوم السياسة عبدالسلام الدعيس إنه مثلما للديكتاتورية أعداء فكذلك الديمقراطية على المستوى الداخلي، والمتمثلة في أصحاب المصالح الضيقة، وعلى المستوى الإقليمي ممن يرون الديمقراطية مصدر قلق لهم. ولهذا كانت الهجمة قوية على التجربة الديمقراطية،  وتآمر المتآمرون على النظام الجمهوري وسعوا إلى إعادة اليمن إلى عصور الانغلاق وتكميم الأفواه إلى الإمامة والرجعية وحكم أسرة حميد الدين. 
 
الناشطة إلهام القاضي تقول: السابع والعشرون من إبريل يوم فارق وتحول كبير في تاريخ اليمن الحديث عبر خطواته الديمقراطية التي أرساها الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح من خلال النظام الديمقراطي التعددي والانتخابات الحرة والمباشرة، كخيار وطني لبناء اليمن الجديد، والتي أتاحت للمواطن ممارسة حقه في اختيار ممثليه في السلطات التشريعية والتنفيذية والمحلية، وفتحت المجال أمام كافة الفعاليات الحزبية لممارسة العمل السياسي وخوض الدورات الانتخابية على قاعدة التنافس، على مدى 19 عاما، إلى أن تبلورت المؤامرة على الشعب اليمني في فبراير 2011 يوم نكسة الديمقراطية وتسلق الفاشلين إلى أركان الدولة وتدميرها ركنا ركنا. واكتمل المخطط الإخواني في انقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014، الذي سلب اليمن من ديمقراطيته والمواطن من حقوقه التي شرعها له الدستور في الرأي والتعبير والانتخاب، فارضا نفسه وليا على رقاب اليمنيين بمزاعم الحق الإلهي. وأصبح اليمنيون يعيشون في مستقبل مجهولة معالمه، خاصة وأن هناك مفاوضات مع تلك العصابة التي اغتصبت السلطة في الوقت الذي تعيش الشرعية حالة من الضعف والوهن في انتظار ما سوف تؤول إليه المفاوضات. وهذا يدل على أن الديمقراطية بعد الزعيم صالح أصيبت في مقتل، وينتظر الشعب اليمني حكما ديكتاتوريا أبشع مما كانت عليه الأحوال قبل ثورة سبتمبر المجيدة. 
 
الكتور كمال عبدرحمن قال: شهد اليمن العديد من التحولات والتطورات في مسار الحياة السياسية عبر فترات مختلفة استطاعت من خلالها أن تؤسس لنهج ديمقراطي تعددي وخوض تجربتها الديمقراطية، في وقت كانت التحديات تعصف بكثير من مناطق العالم. وقد استطاعت اليمن في 27 أبريل 1993 أن تبهر العالم في أول تجربة ديمقراطية حرة ونزيهة، والتي مثلت نقطة مضيئة في تجربة اليمن الديمقراطي وخطوة مثالية، قياسا بانتخابات عديدة جرت في دول مختلفة في منطقة. وإذا كنا نحتفل في كل عام بهذا اليوم، فإننا نتدكر تلك الممارسة الديمقراطية بكل فخر واعتزاز بعد أن أصبحت نهج نظام الحكم وأسلوب الممارسة السياسية في اليمن على مدة 19 سنة وكل ذلك بشهادات دولية، والتي أفرزت تحولات كثيرة وانعكس على الواقع السياسي في اليمن، ورسخ مفهوم جديد من أن الحكم لا يكون عبر الرشاش أو المدفع بل عبر صندوق الاقتراع. ولهذا كانت الانتخابات الرئاسية، والتي مثلث تجربة فريدة بالمنطقة وبدل ما كان لدينا رئيس ينتخبه مجلس النواب أصبح لدينا رئيس جمهورية ينتخبه الشعب.
 
اليوم، ونحن نعيش الحرب والاختلالات الأمنية وتدهور الوضع الاقتصادي وتمزق النسيج الاجتماعي، نجد أن عجلة الديمقراطية قد توقفت، وكل ما حققته من مكاسب تتراجع إلى الخلف مع الانقلابيين الجدد الذين انقلبوا على السلطة والنظام الجمهوري وعلى كل المكاسب الوطنية. وإذا كنا اليوم وسط هذا الشتات نتذكر يوم الديمقراطية، فإننا نؤكد أن اليمن لن يكتب لها الاستقرار إذا ما عادت إلى ما كانت عليه قبل 2011 لأن الطامحين في السلطة كثر لا يؤمنون بالديمقراطية بقدر إيمانهم بالدبابة والمدفع والحق الإلهي في حكم الشعب اليمني.