Image

"نيويورك تايمز": استعادة الملاحة الآمنة في البحر الأحمر مستحيلة دون إنهاء سيطرة الحوثيين على الساحل اليمني

أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن استعادة النشاط البحري الطبيعي في البحر الأحمر ستكون شبه مستحيلة دون إزاحة الحوثيين من مناطق نفوذهم على الساحل الغربي لليمن، مشيرة إلى أن ما تحققه القوات الأمريكية هناك لا يتجاوز "انتصارات تكتيكية" محدودة.

وفي مقال للكاتب دبليو. جي. هينغيان – ترجمته "عدد من وسائل الاعلام" – أوضحت الصحيفة أن سيطرة الحوثيين على الساحل اليمني لا تزال متماسكة، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى استمرار الدعم المالي والعسكري الذي يتلقونه من إيران.

وأشار المقال إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي تولى منصبه متعهداً بتقليص تدخلات بلاده العسكرية في الشرق الأوسط، وجد نفسه بعد أشهر قليلة من تنصيبه منخرطاً في حملات عسكرية مشابهة لتلك التي حاول أسلافه تجنبها، بما في ذلك مواجهة محتملة مع إيران.

تكاليف باهظة لحملة غير حاسمة

وأوضح التقرير أن الجيش الأمريكي يقوم بعمليات واسعة في البحر الأحمر بهدف وقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية، مستعرضاً معلومات حساسة كشف عنها وزير الدفاع بيت هيغسيث في محادثة خاصة عبر تطبيق "سيجنال"، أكدت أن واشنطن لم تنجح حتى الآن في إعادة حركة الملاحة المنتظمة في الممر الحيوي الذي يربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط عبر قناة السويس.

وبحسب الصحيفة، تنفق البحرية الأمريكية ملايين الدولارات يومياً على صواريخ دفاعية لاعتراض طائرات مسيّرة وصواريخ حوثية منخفضة الكلفة، في معادلة استنزافية. ومن المتوقع أن تصل تكلفة العمليات العسكرية في اليمن – البلد الأكثر فقراً في المنطقة – إلى نحو ملياري دولار بحلول مايو، وفقاً لما أفاد به مساعدون في الكونغرس.

وانتقد الكاتب نهج ترامب، معتبراً أنه أخطأ – كغيره من الرؤساء الأمريكيين منذ إطلاق ما يعرف بـ"الحرب على الإرهاب" – في الاعتقاد بأن التفوق العسكري سيقود إلى نصر سريع. وتوقع أن يواجه ترامب ذات المعضلة التي أربكت من سبقوه: إما التراجع أو التصعيد.

غزو بري قيد الدراسة ودعم للميليشيات

أشارت الصحيفة إلى أن قوات يمنية موالية للحكومة تسعى لاستغلال الغارات الجوية الأمريكية في الإعداد لهجوم بري على مواقع الحوثيين، وسط دراسة الإدارة الأمريكية لخيار دعم قوات يمنية.

ورغم التحفظ الرسمي، صرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز بأن الولايات المتحدة لن تفصح عن خططها العسكرية، مؤكداً في الوقت ذاته أن "حماية الأمن في البحر الأحمر مسؤولية إقليمية تعمل واشنطن على تنسيقها مع شركائها لضمان حرية الملاحة".

رسالة إلى طهران وصفقة محتملة

يرى الكاتب أن ترامب يسعى أيضاً من خلال هذه العمليات إلى توجيه رسالة واضحة لإيران بضرورة كبح الحوثيين وبرنامجها النووي. وتمنحه المفاوضات النووية التي انطلقت مؤخراً في سلطنة عمان فرصة ثمينة لتحقيق مكاسب، لا سيما في ما يتعلق بإدراج سلوكيات وكلاء طهران – كالحوثيين وحزب الله وحماس – ضمن الاتفاق، في خطوة اعتبرها تفادياً للثغرات التي شابت الاتفاق النووي لعام 2015 إبان إدارة أوباما.

ورغم تصاعد التوتر، لم يستبعد ترامب توجيه ضربة عسكرية للبنية التحتية النووية الإيرانية في حال تعثرت المفاوضات، وهو ما يرفع منسوب المخاطر مع تزايد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.

انتقادات داخلية وتحفظات رسمية

كشفت تسريبات نُشرت مؤخراً عبر مجلة ذا أتلانتيك أن نائب الرئيس جيه دي فانس أعرب عن شكوكه في جدوى العملية، وكتب في مراسلة داخلية بتاريخ 14 مارس: "أعتقد أننا نرتكب خطأً". كما أبدى مسؤولون بارزون في إدارة ترامب تحفظهم على العمليات، لا سيما بعد أن وجّه الرئيس جو بايدن ضربات أقل عدداً في اليمن، ما زاد من الجدل داخل الأوساط السياسية.

وفي سياق متصل، اعتبر مايكل والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، أن الولايات المتحدة "تنفق عشرات المليارات على محاربة وكلاء إيران في اليمن"، فيما وصف إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع السابق، استمرار العمليات بأنها دليل على "انحراف السياسة الخارجية الأمريكية عن مسارها".