لم يعد هناك شيء يستحق البقاء على قيد الحياة

08:29 2023/04/18

أثناء إنتشار جاحة كورونا (كوفيد 19) وفي اشد اوقات الخوف والفزع والهلع من الإصابة بها، التقيت بعاقل حارة القرية بعصيفرة تعز المرحوم محمد حسن المخلافي في مقوات المجاهد وهو في أشد ازدحامه، فقلت له لماذا لا ترتدي كمامة وىنت كبير في السن فقد تصاب بفيروس الكورنا وتموت نتيجة الإصابة به؟
 
فقال لي لم يعد هناك شيء يستحق البقاء على قيد الحياة. 
 
قالها بحرقة تعبر عن مرارة الأوضاع المتردية التى وصلنا إليها، وبقناعة تامة تعبر عن مدى الاقتناع من هذه الحياة القاتلة التي نعيشها. ولم يكتمل الشهر إلا وقد أصيب بالكورونا وتوفى رحمة الله عليه نتيجة تلك الإصابة.
 
وعند تحليل تلك العبارة التي قالها والتأمل في أبعادها وفهم معانيها سنجد أنها حقيقة مؤكدة تعبر عن لسان حال الملايين من اليمنيين الذين يعيشون في عالم ممتلئ من المعاناة المتواصلة.
 
فالحياة التي نحياها ليست حياة طبيعة، وإنما حياة صعبة ومكدرة ومعيشة ضنكاء وقاسية مملوءة بالغصص والمخاوف والمعاناة والمخاطر المستمرة. 
 
حياة كئيبة وشاقة يكسوها الخوف والظلام ويسودها القتل والموت والنهب والسلب والخراب والدمار ويعمها الجوع والفقر والجهل والهلاك والعذاب، حياة بلا نظام ولا قانون وبلا قضاء ولا عدالة وبلا حرية ولا مساوة، وبدون أمن ولا أمان ولا خدمات ولا كرامة. 
 
حياة يتسلط فيها اللصوص والمتنفذون والفاسدون والمتخلفون، ويظلم فيها الأحرار والمثقفون والشرفاء والوطنيون وتؤكل فيها حقوق الضعفاء والبسطاء وأصحاب المهن والحرف والموظفين. 
 
إننا نعيش حياة صعبة نواجه فيها الكثير من العقبات القاسية والأوجاع والجراح والأحزان المستمرة وأساليب تجارة الحروب وطرق الموت والقتل المتعددة، وهو ما يفقدنا الأمل بعودة الحياة الطبيعية ويملأنا بالخيبة والبؤس والاقتناع من هذه الحياة الكريهة ويجعل الكثير من الناس يفضلون الموت على البقاء على قيد هذه الحياة الشاقة والمذلة.